العقد السياسي في الفكر العربي والإسلامي، يعرف بأنه ذلك العقد الذي ينظم الجانب السياسي من حياة المجتمع في العالم العربي والإسلامي، ومن بين العقود العقد الذي تنشأ بموجبه الدولة العربية أو الإسلامية، ومن خصائص العقود في فكرنا أنها اتفاق سياسي حر لا يتم بالإكراه ويكون معبرة عن إرادة المجتمع، وشروطه واضحة وبينه، ويكون ملزماً حين يكون هذا العقد قائم على رضا وقبول الطرفين.
ولعل أهم خاصية في العقود أنه يستلزم الوفاء به، وان يكون هذا الوفاء حقيقي وقبل ذلك وفاء أخلاقي والذي هو ما يميز السياسية في الفكر العربي والإسلامي من حيث كونها سياسة تستقر على قواعد الأخلاق.
وإذا ما تطرقنا إلى أهداف وأهمية العقود في فكرنا، سنجد أنها تسعى إلى خلق مجتمع سياسي مستقر ومتوازن، يمنع فيه قيام التسلط والاحتكار للسلطة أو التصرف بمقدرات الأمة من قبل أفراد أو جماعات أو قوى معينة على حساب الشركاء الآخرين، وأنه يسعى أيضاً لخلق نظاماً وحكومة دستورية مقيدة بالاحكام التي قام عليها الاتفاق دون احداث اي تغيير أو تعديل فيها.
وبعد هذا الاستعراض لخلفية العقود في الفكر العربي والإسلامي، وبالنظر إلى عقد الشراكة الذي تم بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (نظام عدن)، والجمهورية العربية اليمنية (نظام صنعاء)، والذي تم في 22 مايو 1990م، سنجد أنه هذا العقد هو عقد شراكة سياسي بامتياز، حسب أدبيات فكرنا العربي والإسلامي.
وإذا ما نظراً إلى واقع هذا العقد السياسي بعد مرور حوالي 34 عاما سنجد أنه أصبح ومنذ سنواته الأولى عقد لا يتوافق مع ما ورد في أدبيات العقود السياسية بفكرنا العربي والإسلامي سواء من حيث المعنى أو الخصائص أو الأهمية أو الأهداف أو الرضا والقبول، وأيضاً لم ولن يعد هناك إلتزام أخلاقي في هذا العقد السياسي على أرض الواقع بل إنه الالتزام الأخلاقي تعرض للاخلال من قبل نظام صنعاء منذ أول أيام الاتفاق.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو أين موقع عقد اتفاق الوحدة اليمنية، مما هو عليه عقد الشراكة السياسي في فكرنا العربي والإسلامي؟