استغلت ميليشيا الحوثي الانقلابية، منذ انقضاضها على السلطة الشرعية في اليمن، سطوتها ونفوذها وكامل سيطرتها على السلك القضائي، بحسب قانونيين، وذلك في المناطق والمحافظات الخاضعة لإدارتها، للإجهاز والقضاء على جميع خصومها وكل معارضيها.
ووفقًا للشبكة اليمنية للحقوق والحريات، فإن ميليشيا الحوثي، منذ سيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء، في سبتمبر 2014، عمدت إلى الانتقام من معارضيها السياسيين وأيضًا من المدنيين، إذ أصدرت أكثر من (400) حكم بالإعدام بحقهم، نفّذت الكثير منها.
*إعدام 9 أشخاص*
ولعلّ أبرز الأحكام هذه، إعدام 9 أشخاص بينهم طفل من أبناء مدينة تهامة التابعة لمحافظة الحديدة شمال غرب البلاد، وذلك وسط ميدان التحرير بمدينة صنعاء منتصف شهر سبتمبر من العام 2021، بتهمة المشاركة في اغتيال القيادي البارز في جماعتها صالح الصماد، الذي لقيَ حتفه إثر غارة جوية استهدفت موكبه في شهر أبريل من العام 2018، أثناء تواجده في مدينة الحديدة.
وعلى مدار أكثر من 9 سنوات، حوّلت سلطات الحوثي السلك القضائي، أداة نافذة لتحكم قبضتها أكثر وأكثر، موزعة التهم الجاهزة والمعلبة، التي لا تخرج غالبيتها عن إلصاق تهم "التجسس والتخابر لمصلحة دول معادية" كما تسميها، والمسارعة في إصدار الأحكام القضائية جزافًا، كـ (الإعدام والحبس المُشدّد وخلافهما)، لكل من يناوئها، دون التفريق بين رجل أو امرأة، تحت ذريعة تلك التهم.
وفي هذا الصدد، أفادت عضو مجلس القضاء الأعلى القاضي صباح العلواني، بأن: "القضاء في أي دولة، يعد الملاذ الآمن للمواطنين للانتصار للحق والإنصاف والعدالة، وما قام به الحوثيون من استغلال سلطة القضاء، يعد منعطفًا خطيرًا لاستخدام السياسة القمعية، وتهديد كيان هذه السلطة، وإفراغها من مضمونها، وتهديد حياة خصومها ومعارضيها وكلّ من يقف بوجهها".
*أسباب استغلال القضاء*
وأرجعت العلواني، في حديث لـ"إرم نيوز"، أسباب تمادي ميليشيا الحوثيين باستخدام القضاء للإجهاز على معارضيها ومناوئيها، لعدة أسباب، حيث قالت: "ذلك يدل على عدم الوقوف بقوة تجاه تلك الجماعة ومحاسبتها، لما ترتكبه من جرائم ضد الإنسانية، كما إن تراخي المجتمع الدولي مع ما ترتكبه من أفعال، جعلها تتمادى بشكل كبير، خصوصًا وأن اليمن ما زال في فترة حرب، وكان لا بدَّ من الوقوف على ما ترتكب من جرائم بحق المواطنين، باستخدام سلطة القضاء في مناطق سيطرتها".
وبحسب العلواني، فإن مجلس القضاء الشرعي، قد أصدر في الـ29 من ديسمبر من العام 2019، القرار رقم 38 لذلك العام، والذي يؤكد عدم التعامل مع الأحكام الصادرة من المحاكم المتواجدة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، لافتةً إلى أن: "الأمر المؤسف فيما يخص أحكام الإعدام فإن أغلبها قد تم تنفيذه، وما زالت مستمرة في المحاكمات والتنفيذ".
وأشارت العلواني، إلى أنه "في حال استعادت الشرعية حكمها للبلاد بشكل كامل، بما فيها المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، سيكون لمجلس القضاء كلمته تجاه تلك الأحكام غير العادلة، والتصرف حيالها وفق القانون، حتى تعود شوكة ميزان العدالة لوضعها الصحيح".
*تطويع الناس وترهيبهم*
بدوره، عد رئيس المكتب الفني بوزارة العدل في الحكومة اليمنية الشرعية القاضي نبيل المنحمي، أن الأحكام الصادرة عن المحاكم في مناطق الحوثيين، "أحكامٌ منعدمة".
وأشار إلى أنه: "في أي زمان ومكان في مثل هذه الحالة (سيطرة عصابة على جزء معين من الدولة)، فهي تعمل على إلصاق مثل تلك التهم لإجبار الناس وتطويعها وترهيبها، بحيث تضمن الخضوع والخنوع لأوامرها، وهو ما يشبه ما قامت به عناصر داعش والقاعدة اثناء سيطرتها على أجزاء من الدول، وكذلك يشبه ما تقوم به ايران الراعي لتلك الميليشيات".
*انتهاك حقوق الناس*
ونوه المنحمي، خلال حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أنه: "وفقاً للدستور والقوانين اليمنية وبموجب المواثيق الدولية، فإن هذه الميليشيات عصابة مسلحة، انقلبت على الدولة وسيطرت على بعض أراضيها، وانتهكت الحقوق ضد الناس، وقتلت وشردت عددًا من المواطنين، وفجرت عددًا من المنازل والمساجد والممتلكات العامة ودمرت البنية التحتية، وهذه الأفعال تعد جرائم ضد الإنسانية، لا تسقط بالتقادم".
وعن مصير تلك الأحكام المنفذة والتي لا تزال قيد التنفيذ ولم تنفذ بعد، يقول المنحمي: "وفيما يتعلق بمصير الأحكام، فانه ومع الأسف الشديد فإن الميليشيا قد نفذتها، وفي حال استعادت الدولة حكم البلاد من وجهة نظري، يجب معاملة من تم إعدامهم كشهداء، ويتم جبر الضرر لأسرهم وذويهم"، متابعًا: "أما الأحكام الصادرة التي لم تستطع تنفيذها، فكما أشرنا سابقاً، فهي منعدمة ولا يعتد بها".
يُشار إلى أن ميليشيا الحوثي، أعلنت الأسبوع الماضي، ضبط ما سمَّتها بـ"خلية تجسس" في محافظة الحديدة، مكونة من 11 شخصًا، متهمةً إياهم بـ(التخابر لمصلحة أمريكا وإسرائيل، من خلال تقديم معلومات وإحداثيات استخبارية، ورصد الهجمات الصاروخية ضد السفن)، في أحدث اتهاماتها بحق خصومها.