قالت مصادر أمنية وعسكرية مطلعة لـ"العين الإخبارية" إن تحركات مشبوهة رصدت مؤخرا لعناصر الحوثي جنوب غربي البلاد.
وأوضحت المصادر أن نشاطا غير مسبوق تقوم به حاليا مليشيات الحوثي في مناطق الشمايتين والمواسط والمعافر والمقاطرة وجبل حبشي، وهي مديريات ظلت محصنة لسنوات باعتبارها مسرحا للواء 35 مدرع، الذي اغتال الإخوان قائده العميد عدنان الحمادي أواخر 2019.
وتفسر المصادر هذه التحركات باعتبارها محاولة حوثية لتعبيد الطريق للوصول إلى باب المندب، تستهدف التوغل للحجرية اليمنية ومرتفعاتها الاستراتيجية وصولا للسيطرة على الممر الدولي المائي.
وتشن مليشيات الحوثي هجمات لتعطيل الطريق الملاحي الذي يمر عبر باب المندب، ويستحوذ على نحو 12% من التجارة العالمية.
وبدأ الحوثيون العمل على التمدد في جنوب غربي اليمن، حينما انسحب تنظيم الإخوان من المنطقة في غفلة اعتبرت حينها "خيانة" للقوى المناهضة للانقلاب الحوثي.
وتعد الحجرية، معقل لليسار اليمني الخصم الطبيعي لتنظيم الإخوان، وهي أيضا معقل رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي.
وأكدت المصادر أن ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات للمليشيات سعى لاستقطاب عديد الأشخاص إلى مناطق الانقلابيين في شرق تعز وصنعاء وصعدة وتسليمهم أموالا وأسلحة وإعادتهم إلى الحجرية، لتنفيذ مهام وأدوار عدة، أخطرها تعبيد الطريق لإسقاط هذه المناطق الاستراتيجية.
وتقع الحجرية امتداد الريف الجنوبي والجنوب الشرقي لمحافظة تعز، وتطل مرتفعاتها على ميناء المخا ومضيق باب المندب، وتوصف بـ"قلعة الأحزاب اليسارية"، وسكانها متعلمون ومنخرطون بكثافة بمجالات السياسة والاقتصاد، وكانوا في طليعة الانتفاضة المسلحة ضد الحوثي 2015.
كما تكتسب المنطقة رمزية كبيرة كمعقل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، مما جعلها هدفا رئيسيا للحوثيين خصوصا مع عدم وجود رؤية واضحة لتحصين هذه المناطق الاستراتيجية والحساسة، وفق مراقبين.
لإفشال المخطط
وقام مخطط الحوثي لإسقاط الحجرية، على تواطؤ مضمر بين المليشيات الموالية لإيران والإخوان، إذ عمد التنظيم لتحييد أهم حواضن البلاد الحيوية والقضاء على بؤر الممانعة الاجتماعية والسياسية وتشريد الضباط العسكريين والأمنيين، ما جعل هذه المناطق عرضة لأطماع حوثية لا تنتهي، وفق مراقبين.
وبرزت مؤخرا جهود أمنية مشتركة في الحجرية، توجت بضبط عدة خلايا حوثية في جبل حبشي والشمايتين، والمواسط، وهو ما فتح الأنظار على مخطط واسع النطاق ينفذه الحوثيون للتوغل صوب باب المندب.
وأكد مصدر رفيع في اللواء 35 مدرع بالجيش اليمني لـ"العين الإخبارية" نجاح جهود تفكيك أعضاء خلية للحوثيين بناء على معلومات استخبارية كشفت قيام المتهمين بالانتقال إلى مناطق الحوثي واستلامهم أموالا وسلاحا، فيما تولى البعض منهم بتنفيذ أنشطة فكرية ودعائية تروج لزعيم المليشيات أوساط الحاضنة الشعبية، ضمن أدوار مساعدة لجعل المنطقة قابلة لوجود الفكر الطائفي للانقلابيين.
كما أكدت المصدر أن المضبوطين المتورطين لا صلة لهم أو قرابة بأسرة قائد اللواء 35 مدرع السابق العميد الركن عدنان الحمادي الذي اغتاله الإخوان، كما حاولت حسابات مقربة من الحوثيين تصوير الأمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي كجزء من مخططاتها.
وشدد المصدر على أن القوات التي أسسها العميد الحمادي وشكلت نواة للجيش اليمني لا تزال قادرة على كشف أي مخططات حوثية مهما كان تعقيدها، رغم ما وجهته من طعنات داخلية إخوانية.
ولفت المصدر إلى أن هناك مخططا حوثيا واسعا يتضمن جزء منه تكليف خلايا تستهدف كل القيادات، إذ تظهر أن الحجرية تحولت إلى مسرح للعمليات المتبادلة لتصفية الحسابات الداخلية بين الأطراف في معسكر الشرعية.
وسبق أن ضبطت وحدات أمنية وعسكرية شخصيات مرتبطة بالحوثيين وأقرت باللقاء مع قيادات حوثية في صنعاء وصعدة بمبرر التنسيق لإطلاق سراح أسرى في سجون المليشيات من أبناء المنطقة، وسط اتهامات من أبناء الحجرية للاستخبارات العسكرية بعدم ضبط كل المتورطين خصوصا في الألوية الموالية لحزب الإصلاح.
ورقة الأسرى
وكانت مليشيات الحوثي روجت على نطاق واسع في أبريل/نيسان الماضي، عبر محافظها المعين لتعز أحمد المساوي مزاعم إطلاق عدد من أبناء الحجرية الذين وقعوا في الأسر على الحدود اليمنية، وحاولت استغلال قضيتهم ضمن مخطط لاختراق مجتمعات الحجرية.
واحتفت مليشيات الحوثي بزيارة ما أسمته وفد الحجرية إلى صعدة ولقاء زعيم المليشيات، بزعم أنها مبادرة قبلية لإطلاق عدد من الأسرى، وهي يافطة حوثية سبق استخدامها في مأرب وحتى أبين، واستهدفت استقطاب الوجهاء والأعيان وزعماء القبائل بغطاء ملف الأسرى والمختطفين.
وعطلت مليشيات الحوثي بشكل متعمد ملف الأسرى والمعتقلين، ولجأت لاستخدامه كأوراق لمساومة الأهالي والوجهاء في مناطق نفوذ الحكومة اليمنية، في مسعى لاختراق الحواضن المجتمعية وتفكيكها والترويج بتخلي الشرعية عن أسراها كما فعلت في الحجرية.
وتوسيع الحوثيين مواقعهم على ساحل البحر الأحمر والاقتراب أكثر من مضيق باب المندب هدف استراتيجي لهم، في محاولة الاحتفاظ بأوراق ضغط على القوى الدولية العاملة في المنطقة ضمن مهام لحماية طريق التجارة الدولية.