أكد تحليل دولي، أن التصدي للتهديد الذي تمارسه ميليشيا الحوثي الإيرانية ضد الشحن الدولي في البحر الأحمر أصبح مصلحة لدى المجتمع الدولي، نظرًا لتداعيات تلك الهجمات الإرهابية على الاقتصاد العالمي والوضع الإنساني في اليمن.
التحليل الذي نشر على المنصة الرقمية لبرنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية "تشاتام هاوس"، أكد على ضرورة أن يتحرك صناع السياسات الدولية وبحزم لمواجهة التهديدات الحوثية, خصوصا عقب تلقي الحوثيين إشارات خاطئة بأنهم قادرون على عرقلة التجارة العالمية والإفلات من العقاب.
إجراءات أكثر صرامة :
وأوضح التحليل الذي أعده الباحث محمود شحرة: "من أجل الدفع من أجل السلام في اليمن وأمن البحر الأحمر، لا بد من توجيه ضربة قوية للحوثيين ــويجب أن يحدث ذلك بسرعة؛ هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة تتجاوز نصف الأفعال الحالية غير الكافية".
وأشار إلى أن الهجمات الحوثية ضد السفن دفعت إلى عسكرة أحد أهم طرق التجارة في العالم من خلال تشكيل تحالفات لحماية الشحن البحري. موضحاً أن الإجراءات الانتقامية مثل الغارات الجوية الأخيرة التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في اليمن، وتصنيف واشنطن للحوثيين على أنهم إرهابيون عالميون، هي إجراءات قليلة جدًا ومتأخرة جدًا. ولن تغير هذه التدابير سلوك الميليشيات ولن تكون كافية لردع الهجمات المستقبلية.
إجراءات أقوى لردع الحوثيين :
وأكد الباحث شحرة على ضرورة أن يتم اتخاذ إجراءات أقوى من جانب المجتمع الدولي لتحقيق أهداف ردع الحوثي، وتبدأ بتنفيذ صناع السياسات الدوليين تدابير تنسيق صارمة، ويفرضون المزيد من العقوبات، ويتبعون استراتيجية شاملة تركز على تغيير السلوك، مما يدفع الحوثيين في نهاية المطاف إلى الالتزام بالسلام.
وأعاد تحليل المعهد الملكي للشؤون الدولية "تشاتام هاوس" التذكير إلى ما تعرض له الحوثيون من ضغط عسكري في ديسمبر/كانون الأول 2018، على يد قوات الحكومة اليمنية المتمركزة بالقرب من مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر. وبعد أشهر من رفض إرسال وفد للتفاوض من خلال جهود الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة، وافقت الميليشيات على حضور محادثات السلام في السويد. واتفقوا على تقاسم عائدات ميناء الحديدة مع الحكومة اليمنية، والسماح بفتح الطرق في تعز، والامتثال لإجراءات التصعيد الأخرى، تراجع الحوثيون عن التزاماتهم التي تعهدوا بها سابقًا ضمن الاتفاق المبرم تحت رعاية الأمم المتحدة.
تغيير قواعد اللعبة :
وأضاف الباحث إن الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية على أهداف الحوثيين لن تغير قواعد اللعبة، إلا بخطة عسكرية ستتطلب من الحلفاء الإقليميين مثل السعودية والإمارات تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق العمل العسكري، وممارسة الضغط السياسي على الحوثيين. وهذا الخيار يتطلب التنسيق مع قوات الحكومة اليمنية ودعمها، التي هي في وضع أفضل للضغط على الحوثيين على الأرض.
وأوضح: تعد بروتوكولات التفتيش الصارمة ضرورية للسفن المتجهة إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون لمنع وصول الأسلحة الإيرانية إلى اليمن. مشيرا إلى أن الحوثيين يستوردون قطع الغيار التي يتم تجميعها في ورش يشرف عليها خبراء إيرانيون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وقال الباحث: "يجب على المجتمع الدولي فرض "خطوط حمراء" منسقة لمنع الحوثيين من تحويل المساعدات الإنسانية عن المستفيدين المستهدفين، وهو ما يشكل انتهاكًا للمبادئ الإنسانية. لافتاً إلى أن الصراع المدني، سمح للحوثيين على مدى سنوات بتسليم المساعدات إلى عائلات مؤيديهم وحرموا أولئك الذين لا يخضعون لمبادئهم الأيديولوجية من تلقيها.
حزم العقوبات على الحوثيين :
وأكد المعهد الملكي للشؤون الدولية "تشاتام هاوس" أن الضغط على الحوثيين سينجح عندما لا يكون نصف جدي أو غير متسق. مضيفاً: "لا ينبغي أن تقتصر العقوبات على قادة حوثيين محددين، كما كان الحال مع الحزمة الأخيرة التي أصدرتها المملكة المتحدة. وبدلاً من ذلك، ينبغي توجيهها إلى الجماعة ككل واستهداف شبكات الحوثيين المالية واستثماراتهم في دول مثل: عمان وتركيا والمملكة العربية السعودية وماليزيا وغيرها. ويجب أن تهدف حزم العقوبات أيضًا إلى إضعاف المصالح التجارية للحوثيين في شبكات الوقود وصرف العملات، التي تتوسع وبالتالي فهي عرضة للضغوط.
احتواء التهديدات الحوثية :
لقد تم سحب الحوثيين إلى عملية السلام عبر سياسة الجزرة فحسب دون أي عصا نتيجة لذلك، يتذمر العديد من النشطاء اليمنيين من أن المجتمع الدولي يدلل الحوثيين ويكافئ بشكل غير مباشر سلوكياتهم العنيفة. لقد أدى هذا النهج إلى زيادة مساحة الثقة لدى الحوثيين في الوقت الذي تضعف فيه وتحبط معنويات خصومهم الذين تم إجبارهم بشكل متكرر على تقديم تنازلات دون أي مقابل. الحماسة الثورية للحوثيين بجانب السياسة الخارجية غير البناءة التي تنتهجها القوى العظمى أدى إلى تعضيد ولع الجماعة بالقتال في ظل عدم وجود عواقب يتحملونها وفقا لاعتقادهم. لقد أظهر المتمردون الحوثيون نتيجة لذلك نقصًا في الالتزام بدعم السلام، ودفعوا نحو تصعيد الوقت محليا وإقليميًا كوسائل لتكديس السلطة السياسية. لقد أدت تهديدات الحوثيين المستمرة للمصالح الدولية إلى تسليط الضوء على الحاجة إلى استراتيجية شاملة تتضمن الحوافز والردع من أجل دفع الحوثيين نحو ارتباط ذي معنى بعملية السلام.
تقويض عملية السلام :
من المفهوم أن المجتمع الدولي يواجه ورطة تتمثل في التعامل مع التحدي الحوثي دون إشعال الصراع اليمني مجددا عن غير قصد. ثمة حقيقة مفادها أن حل الصراع اليمني ما يزال بعيد المنال، وأنه لا يمكن استخدام عملية السلام المحلية كذريعة للتقاعس حيث أن العالم لن يستطيع تحمل التكلفة الباهظة لذلك. لذلك، ينبغي اتخاذ إجراءات لحماية المصالح التجارية في المعابر الحيوية مثل البحر الأحمر، وبعث رسالة قوية إلى الجماعات الأخرى مفادها أن مثل هذه الممارسات تتجاوز الحدود المسموحة. يحمل البحر الأحمر أهمية كبيرة حيث أن 12% من التجارة العالمية و30% من حركة الحاويات تمر عبر هذا الطريق البحري. لا ينبغي أن يمتلك الحوثيون حرية تهديد المياه الدولية وتقويض تدفق الشحن البحري. إن القيام برد فعل حازم على العدوان الحوثي لن يردعهم فحسب عن مهاجمة السفن التجارية في المستقبل لكنه سوف يحدث تأثيرا غير مباشر يحد من قدرة الجماعة على تقويض عملية السلام في اليمن بشكل عام.