أنهى مجلس القيادة الرئاسي في اليمن عامه الثاني من توليه زمام إدارة شؤون الدولة، واعتلائه سُدة حُكم البلاد، التي شهدت على مدار العامين السابقين العديد من التطورات والمنعطفات السياسية والاقتصادية والأمنية.
ورفع المجلس الرئاسي عند توليه السلطة، في أبريل/نيسان من العام 2022، سقف التوقعات لدى الشارع اليمني، الذي وعده حينذاك بحل كافة القضايا الخدمية والاقتصادية والمعيشية التي عانى منها طويلاً، وحلحلة كل الملفات الشائكة، فضلاً عن إنهاء الانقلاب العسكري الذي نفذته ميليشيا الحوثي، وحسم هذا الملف، إمّا عسكريًّا وإمّا سياسيًّا.
في هذا الصدد، يقول الباحث السياسي فؤاد مسعد إن "كثيرًا من اليمنيين يرون أن مستوى إدارة مجلس القيادة الرئاسي لمختلف الملفات ما زال دون المأمول، خاصة في الجانب الاقتصادي والمعيشي".
ويتابع مسعد، في حديثه لـ"إرم نيوز": "كذلك في المواجهة مع ميليشيا الحوثي الإرهابية، سواء في ملف الحسم العسكري، أو في ملف المفاوضات".
من جانبه، يرى رئيس مركز "سوث 24" للأخبار والدراسات الإستراتيجية يعقوب السفياني، أن الفترة الزمنية التي أدار فيها مجلس القيادة الرئاسي اليمني البلاد، امتزجت بين النجاحات والإخفاقات، إذ قال: "بعد عامين من تشكيل المجلس القيادي الرئاسي، يُمكن القول إن هناك إخفاقات وهناك نجاحات في الوقت نفسه".
وسلّط السفياني، خلال حديثه لـ"إرم نيوز"، الضوء على جانب من تلك الإخفاقات، التي تتمحور إجمالاً وفقاً له حول مسارات سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية.
وقال: "في ما يتعلق بالإخفاقات، فإنه إلى الآن المجلس الرئاسي يعمل دون أي قواعد منظمة، وهذا الأمر كان يجب أن يتم خلال الفترة الأولى والأسابيع اللاحقة مباشرةً لتشكيل مجلس القيادة الرئاسي".
وأضاف السفياني: "كما إن عدم إعادة تنظيم القوات والتشكيلات العسكرية والأمنية المختلفة، بشكل مشترك ضمن إطار وزارتي الدفاع والداخلية، يعد إخفاقاً آخر، يُنسب للمجلس، فضلاً عن عدم مقدرته على توحيد ملف الموارد والإيرادات السيادية المركزية، إلى خزينة البنك المركزي اليمني في عدن، إذ يمتنع عدد من المحافظات المحررة، حتى اليوم عن توريد إيراداتها إلى عدن".
وتابع السفياني سرد الإخفاقات التي شابت أعمال مجلس القيادة الرئاسي اليمني، منذ توليه سلطة الحكم من وجهة نظره، بالإشارة إلى "عدم رؤية وفد المفاوضات المشتركة النور حتى الآن، رغم التوافق على الأسماء، بحسب المعلومات".
وأضاف: "كما إن هناك مشكلة متعلقة بالإطار الخاص للقضية الجنوبية، وموقف المجلس الرئاسي من المسار السياسي ومن خريطة الطريق، المتعلقة بهذا الجانب".
وتطرق رئيس مركز "سوث 24"، إلى ذكر جانب من النجاحات التي رافقت أعمال مجلس القيادة الرئاسي فقال: "هناك نجاحات، تمثلت في إعادة تفعيل السلك القضائي وأعمال القضاء، بالإضافة إلى تعيين رئيس جديد للوزراء، لتجديد إدارة البلاد من خلاله، فضلاً عن تحقيق بعض الإصلاحات الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى تعزيز التواصل مع المجتمع الدولي والمانحين، من أجل الحصول على الدعم السياسي والمالي".
ويتكوّن مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من رئيس للمجلس و7 أعضاء آخرين، يمثلون جميع التيارات والمكونات السياسية المختلفة، يتشاركون معاً في إدارة البلاد؛ ما خلق وقت تعيينه، حالة من التوجس والمخاوف لدى الشارع اليمني، بأن يتسبب ذلك بوجود حالة من الشرخ عند إصدار قراراته، وأن تفرض التجاذبات السياسية نفسها، أثناء إدارته للحكم.
بخصوص ذلك، يشير الباحث السياسي فؤاد مسعد إلى أن "المجلس الرئاسي لا يزال محافظاً على تماسكه، رغم وجود اختلافات ناتجة عن كون أعضاء مجلس القيادة يمثلون مختلف التيارات السياسية في اليمن".
واعتبر السفياني أن أكبر نجاح حققه المجلس القيادي الرئاسي في اليمن هو "حالة التماسك التي أظهرها، بعد أن كانت كل المؤشرات والمعطيات تقول إن المجلس قد ينهار في أي وقت، ويتفجر من الداخل، كون كلّ ممثليه من مختلف الكيانات والأطياف والمشارب السياسية".
ويرى السفياني أن هذا "التماسك يدل على أن ما يجمع أعضاء المجلس الرئاسي، أو أطراف المجلس الرئاسي، أكبر مما يفرقهم، وفي مقدمة هذه الأمور المشتركة مواجهة الحوثيين، الذين يشمل خطرهم الجميع".
واستدرك: "صحيح أنه لا يمكن القول إن مجلس القيادة قد تجاوز جميع التباينات والخلافات، لكنه تعامل معها وفقاً لتوصيف رئيس المجلس الدكتور رشاد العليمي، بمبدأ الترحيل، إلى أن يتبلور موقف مشترك تجاه كثيرٍ من هذه الملفات".
ونوه السفياني إلى أن "عملية الترحيل تمثل مشكلة في الوقت ذاته، ربما قد تؤدي في فترة لاحقة إلى صراع وخلاف أشد".