قال الله تعالى ( وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ یَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ ..) .
اذا كان المنصفون في هذا العصر ،
قد اختاروا ان يكون يوم الثامن من شهر مارس من كل عام ، يوما عالميا مشهودا تكرّم فيه المرأة ،
فان ديننا الاسلامي الحنيف، قد كرّم المرأة ، وكفل لها حقوقها وحريتها وكرامتها ، منذ خمسة عشر قرناً ،
وجعلها مساوية لاخيها الرجل في سائر الحقوق والواجبات ،
قال الله تعالى
(..وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِی عَلَیۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ ..) ،
و لقد ارشدنا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قائلا :( استوصوا بالنساء خيرا ، النساء شقائق الرجال ، و خيركم خيركم لاهله ، وانا خيركم لاهلي ) .
أجل لقد جاء ديننا الاسلامي الحنيف بقرآنه العظيم ، وسنة رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ،
وجعل الاسره اساس المجتمع وقوامه ، وحجر الأساس الذي قام ويقوم عليه المجتمع الانساني الكبير ، ومن هنا فقد اهتم الاسلام بالمرأه ، لكونها تحتل مكانه عاليه في الاسره ، حيث رفع الاسلام من مكانتها ، وحافظ على آدميتها وكرامتها ، وحررها من اسرها ، ومن تعالي وهيمنة الرجل عليها ، وكفل لها حريتها وحقوقها ،
وحررها من الظلم والاستعباد ، ومن الكبت و الاستغلال ، وانقذها من تلك الوضعيه الجاهليه الجهلاء ، فقد كانوا في العهد الجاهلي الظالم ينظرون الى المرأه نظرة احتقار وانتقاص ، ويحرمونها من ابسط الحقوق الإنسانية ، ومن حقها في هذه الحياه ، فقد كانوا يقتلونها ويئدونها في التراب ظلماً وعدواناً ، كل ذلك تتعرض له المرأه لا لذنب ارتكبته ولا لجرم اقترفته ، اللّهم إلّا لأنها انثى ، وان بقائها على قيد الحياة يعد وصمة عار ، ولقد ندّد القرآن الكريم بهذا السلوك المشين ، قال الله تعالى (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلۡأُنثَىٰ ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدࣰّا وَهُوَ كَظِیمࣱ یَتَوَ ٰرَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوۤءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦۤۚ أَیُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ یَدُسُّهُۥ فِی ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَاۤءَ مَا یَحۡكُمُونَ) ،
وقال سبحانه وتعالى (وَإِذَا ٱلۡمَوۡءُۥدَةُ سُئلَتۡ بِأَیِّ ذَنۢبࣲ قُتِلَتۡ) .
وهكذا ظلت المرأه لا قيمه لانسانيتها ، ولا كرامه لآدميتها ، حتى جاء الاسلام و حررها من عقالها ، و جعلها شريكه للرجل ، ومساوية له في سائر الحقوق والواجبات ،
وفي العقائد والعبادات ، والاخلاق والمعاملات ،
ومنحها الحق بأن تقوم بالمشاركه في كافه نواحي الحياة ، القيام بالنشاط الاجتماعي ، والعمل الانتاجي ، والتعاون والتناصر لما فيه صلاح الامه ، وقوام الاسرة .
ذلك ان المرأة تشكل نصف المجتمع ، ومن الخطأ الكبير عزل هذا النصف من المجتمع عن عملية بناء الاوطان والمجتمعات ، واذا كان من مستلزمات بناء الحياة العادلة والراقية بحاجة الى عمل وجهد الرجل المتواصل ، فهي ايضاً بحاجة الى جهد و عمل المرأة ، وكل من الرجل والمرأه مفتقر للآخر ، ومكمل بعضهم لبعض ، وبينهما ترابط وتكامل و تكافل ، قال الله تعالى (فَٱسۡتَجَابَ لَهُمۡ رَبُّهُمۡ أَنِّی لَاۤ أُضِیعُ عَمَلَ عَـٰمِلࣲ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰۖ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضࣲۖ ...) .
وقال الله عز وجل (مَنۡ عَمِلَ صَـٰلِحࣰا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَلَنُحۡیِیَنَّهُۥ حَیَوٰةࣰ طَیِّبَةࣰۖ ..) ،
فهذه الأيات القرآنية ومثلها الكثير لا يتسع المجال لذكرها ، تشمل الرجل والمرأة على السواء ، وتساوي بينهما في سائر الحقوق والواجبات، وهذا ما يبطل تلك النظرة القاصرة نحو المرأة ، ولو كانت المرأة اقل مكانة من الرجل لما تساوت معه في التكليفات والحقوق والواجبات، كما ان الاسلام قد حث على تحرير المرأه من الجهل والاميه ، واوجب على اولياء الامور تعليم بناتهم ونسائهم مختلف نواحي المعرفه والعلوم ، حيث ان للمرأة عقلاً و وعياً وادراكاً مثل الرجل ، فمن حقها ان تتزود بالعلم والمعرفه حتى يمكن لها ان تشارك في كل نواحي الحياه الاجتماعيه والاقتصادية و السياسيهغ ، و تقوم بنفس المهام التي يقوم بها الرجل ، و لذلكم فقد جعل رسولنا الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام طلب العلم فريضة على كل مسلم و مسلمه ،
انها المرأه الام الحنون و المدرسة المربية الاولى ،
الام مدرسة اذا اعددتها **
اعددت شعباً طيب الاعراق **
انها ينبوع الحياة ، والصفاء والعطاء ، والبذل والوفاء ، والتضحيه والفداء ،
الآ فتحية اجلال واكبار المفعم بالتقدير والامتنان والعرفان ، لكل الحرائر الامهات الماجدات ، ولكل النساء الخالدات ، وكل الاخوات و البنات الفاضلات ، ولكل العاملات المخلصات ، وسلام عليهن في سجل المؤمنات الصالحات.
ونحن نستقبل شهر رمضان المبارك ، ربنا يهله على الجميع في امن وايمان ، وسلامة واسلام ، وتصالح وسلام ، ورخاء واستقرار ، وقد وضعت وبعون الله و قدرته الحروب العبثيه الجهلاء ، والازمات والمعاناة ، و الفتن العمياء ، في اقطارنا العربيه والاسلاميه اوزارها.
وربنا يحفظ ويحمي كرائمنا الحرائر الماجدات الفلسطينيات ، وهن يتعرضن حاليا مع اطفالهن واهلهن ، في غزة والاقصى والضفه الغربيه ، لحصار وتجويع ، ومجازر وحشيه واباده جماعيه لم يشهد لها التاريخ مثيل من قبل المحتل العدو الاسرائيلي النازي وحلفائه.
اكثر من ثلاثين الف شهيد ، واكثر من سبعين الف جريح خلال خمسه اشهر ، معظمهم من الاطفال والنساء ،دون ان يكون هناك من نصير لشعبنا الفلسطيني المكلوم والمقهور، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصير ، وانا لله وانا اليه راجعون ، و لا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم .
و صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وكل عام وانتم بخير.
.