علاقتنا بالسعودية مبنية على الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة
لهذه الأسباب ستفشل عملية السلام في اليمن!
السياسة تتحدد وفقًا للمصالح وليس للعواطف
كان للحوار (الجنوبي الجنوبي) أثر ملموس في كسر الجمود السياسي البيني
خضنا بالحوار الجنوبي ماراثونًا حقيقيًا لتوحيد الصف الجنوبي
جاء الحوار (الجنوبي الجنوبي) في ظل توترات السياسية كبيرة
استقلال الجنوب هدف وطني ويحظى بعلاقات متميزة مع السعودية
"ننجح أو ننجح" هو شعار فريق الحوار الجنوبي الذي غير المعادلة
الحوثيون خطر على العالم العربي والجنوب وهو قوة دفاعية وبيئة طاردة لهم
كان للعلاقات الدولية المتميزة للمجلس الانتقالي الجنوبي عاملٌ مشتركٌ مهمٌ في الحوار
أكد رئيس فريق الحوار الجنوبي الخارجي الأسبق أحمد عمر بن فريد، أن الحوار (الجنوبي – الجنوبي)، كان عملية صعبة وشائكة، ولكنه نجح في تحقيق بعض المكاسب، منها تقريب وجهات النظر بين مختلف القوى الجنوبية، وتعزيز الوحدة الوطنية الجنوبية. وأوضح أن العلاقة بين الانتقالي والمملكة العربية السعودية مبنية على الثقة والاحترام والمصالح المشتركة، وأن المملكة العربية السعودية تدعم حق الجنوب في تقرير مصيره، وأن عملية السلام في اليمن محكوم عليها بالفشل؛ لأن الحوثيين لديهم عقيدة دينية سياسية لا تقبل إلا أن تكون هي المهيمنة، لافتا إلى أن انسحاب التحالف العربي من اليمن لن يؤثر بشكل كبير على موقف الانتقالي؛ لأن دول التحالف ستظل قريبة من الجنوب لأسباب استراتيجية.
جاء ذلك في حوار خاص أجرته معه صحيفة "الأمناء"، تطرق فيه إلى عدد من القضايا المهمة المتعلقة بالشأن الجنوبي والتي أثرناها معه في ثنايا الحوار التالي:
وقد واجهتنا في بداية عملية الحوار، التي كانت محطتها الأولى القاهرة، صعوبات كبيرة وذلك على خلفية الخلافات السياسية الحادة التي كانت موجودة بين بعض الأطراف الجنوبية منذ عام 2018، 2019، 2020. وهي خلافات غذيت من قبل خصوم الجنوب، وأدت إلى حدوث نوع من التباينات الحادة بين الجنوبيين، وكان على فريق الحوار أن يمتص حالة التوتر الشديد، وذلك الاحتقان الذي كان موجودًا فعلاً.
الانسداد والتجاوزات:
تحملنا كل ذلك برحابة صدر وذهبنا إلى أبواب جميع من قاطعنا، والتقيناهم وطرحنا ما لدينا وسمعنا ما لديهم. وفي رأيي أن ذلك كان أهم خطوة؛ لأنها نفست الاحتقان وخففت التوتر الذي كان موجوداً. وفي الأخير، من التقيناهم هم زملاء نضال ولهم دورهم المشهود الذي لا ينكر، وزال ما في النفوس، ثم بدأنا الحوار كأصدقاء ورفقاء نضال.
ولم يكن من الضروري أبداً أن نتفق على كل شيء، كانت هناك نقاط خلاف كبيرة بعضها تجاوزناها، والبعض الآخر أجلنا الحوار حولها إلى محطة أخرى، وهكذا سار الحوار.
ثم كانت لنا محطة ثانية في المملكة العربية السعودية أثناء مشاورات الرياض التي قرَّبت كثيراً بيننا وبين الكثير من القوى الجنوبية. وكانت لنا محطة في الإمارات العربية المتحدة أيضاً، ثم انتقل الحوار إلى الداخل عبر فريق الحوار الداخلي الذي أبلى بلاءً حسناً.
أستطيع أن أقول بكل فخر: إن المجلس الانتقالي الجنوبي عبر فريق الحوار قد خاض أطول عملية حوار جنوبي-جنوبي في كل تاريخ الجنوب السياسي، ولنا الفخر في ذلك، ولا تزال عملية الحوار مستمرة باعتبارها قيمة ووسيلة حضارية مثلى لحل الخلافات السياسية.
التجارب والدروس:
نعم، كانت هناك جلسات حوار في البداية صعبة جدًا إلى حد لم نكن نتوقعه، وكان علينا أن نواجه ذلك بهدوء دون انفعال؛ لأن مواجهة الانفعال بمثله يعني بشكل تلقائي فشل الحوار قبل أن يبدأ؛ لذلك تحملنا كل شيء، وكان المنطق والهدوء هو سلاحنا الأمثل.
ولكن من المهم أن نقول: إن الكثير من القوى السياسية أيضًا كانت مرحبة بالحوار منذ البداية، وعلى رأسهم للأمانة، الشيخ أحمد العيسي الذي رحب بنا في بيان رسمي، واستضاف فريق الحوار في منزله، وكانت هذه الخطوة محمودة منه.
وهناك قوى أخرى أيضًا شاركت في الحوار، مثل مؤتمر حضرموت الجامع، ومرجعية قبائل حضرموت. وكثير من القوى الأخرى في الحقيقة التي لم تكتفي بالترحيب، بل ساعدت على إنجاح الحوار، خاصة في المحطة الثانية في المملكة العربية السعودية، ومنها كيانات مجتمعية، مثل مجموعات السلاطين والأمراء، ومجموعات الدعم الجنوبية، وفئات رجال الأعمال وغيرهم.
الكفاءة والمرونة:
التفاوض يكون مع الخصوم والحوار يكون مع أبناء الوطن الواحد وهو ما حدث، كنا نعمل من أجل تحقيق مكسب للوطن وللوحدة الوطنية الجنوبية وكنا واضحين في ذلك بدليل أننا كمجلس انتقالي بكل إمكانياته لم يستنكف عن الجلوس مع مكونات جنوبية محدودة التأثير. كنا نريد أن نشارك الجميع بلا استثناء، وأستطيع أن أقول أن ما تعلمته شخصياً وحرصت على تطبيقه في عملية الحوار يمثل "كوم صغير" من كل ما تعلمته في مسيرتي. أدركت أن احترام الأطراف الجنوبية من خلال انتقاء الكلام المنطقي الذي ينم عن التقدير والاحترام هو سر النجاح. الكلمة قد تكون سمًا قاتلًا وقد تكون دواءً شافيًا وأنت عليك أن تختار. إما أن تنتقي كلماتك مع الآخرين فتكسب قلوبهم واحترامهم، وإما أن تطلق كلمات غير محسوبة وعندها ستجد من يرد عليك بما هو أقسى وأشد، الحوار فن وذوق واحترام قبل أي شيء آخر.
التوازن بين الأهداف والمسارات:
نحن الجنوبيون أصحاب قلوب عاطفية رقيقة تتأثر وتنفعل بسرعة إما سلبًا أو إيجابًا، والجميع من خارج الجنوب يعلم هذه الصفة فينا، وهي صفة قد تكون مفيدة إن أحسنت التعامل معها وقد تكون مدمرة إن أسأت التعامل معها.
المصالح المشتركة:
أما بالنسبة لعلاقتي مع المملكة العربية السعودية، فلا تنسى أنني قضيت أكثر من نصف عمري في هذا البلد الجار الشقيق منذ طفولتي حتى تخرجي من جامعة الملك سعود بالرياض، وأنا أفهم الثقافة والعادات والتقاليد من المملكة العربية السعودية، وهي عادات وثقافات لا تختلف عما لدينا. وقد وجدت في المسؤولين عن الملف اليمني في المملكة رجالاً ذوي كفاءة كبيرة وفهم كبير، وعلى غير ما يعتقد البعض لدينا، أحب أن أؤكد أنهم يكنون كل احترام وتقدير لشعب الجنوب وقضيته العادلة.
ولكن علينا أن لا ننسى أن لكل دولة مصالحها الخاصة وظروفها، والأهم من ذلك أننا لم نسمع أي موقف رسمي سعودي أو خليجي يتضمن فرض خيار الوحدة على شعب الجنوب، بل دائماً ما يقولون في كل المناسبات إن هذه مشكلة يمنية، وما تتفقون عليه بشأن حلها فلن نكون إلا مع هذا الخيار الذي تجمعون عليه. وقد شدد سعادة سفير خادم الحرمين الشريفين الأستاذ محمد سعيد آل جابر على هذا الموقف، وذهب إلى حد القول: "المهم ألا يفرض طرف على طرف حلاً سياسياً بقوة السلاح".
ونحن في الجنوب كنا ضحايا فرض الخيارات السياسية بالقوة منذ 1994 م حتى اليوم، ونحن منفتحون على العملية السياسية التي يمكن من خلالها تحقيق هدف الاستقلال، ولن نقبل أن يفرض علينا أي طرف حلاً بقوة السلاح.
المملكة العربية السعودية اليوم قوة سياسية دولية لها ثقل كبير على المسار الدولي، وهي جار لنا. ويتحتم علينا أن نبني معها من الآن علاقات متميزة مبنية على الثقة والاحترام والمصالح المشتركة. وهذا هو توجه المجلس الانتقالي بشكل عام وبتوجيهات من الرئيس عيدروس بن قاسم الزبيدي.
الانسداد والفشل:
وشخصياً لا أعتقد أن السلام ممكن أن يتحقق مع الحوثيين من أي طرف كان، لا مع التحالف العربي ولا مع القوى الشمالية المندرجة ضمن مجلس القيادة الرئاسي، ولا من باب أولى مع المجلس الانتقالي أو القوى الجنوبية؛ لأن الحوثيين لديهم عقيدة "دينية-سياسية" لا تقبل إلا أن تكون هي المهيمنة وهذا مرفوض، بالتالي فإن عملية السلام في رأيي محكوم عليها بالفشل منذ البداية، وأتوقع إن سارت العملية بحسب خارطة الطريق فمن المؤكد أنها سوف تنهار في المرحلة الثانية أو الثالثة.
وعلى الجنوبيين أن يفهموا ذلك من الآن وأن يعملوا على تعزيز وحدتهم الوطنية الجنوبية وعلى بناء قوات عسكرية قادرة على ردع أي عدوان أو مطامع حوثية محتملة.
الانسحاب والمصالح:
المراجعة والاستمرار:
- جزء من إجابة هذا السؤال موجودة في إجابة السؤال السابق، ومهم جداً أن نفهم أن المواقف السياسية تتحدد وفقاً للمصالح وليس للعواطف، ونحن نفهم ذلك. وحسابات المصالح السياسية لهذه الدول تبقيها قريبة منا بقدر أكبر بكثير مما يمكن أن تجده مع أي طرف آخر، سواء كان الحوثي أو حتى غيره، المهم كيف ندير علاقاتنا مع الآخرين بناءً على هذا المفهوم.
الحوثيون والجنوب:
- الصورة ليست بهذا الشكل المطروح أبداً، هذه صورة متشائمة، وأكرر بأن المواقف السياسية يجب أن تحسب وفقاً للمصالح، فلا توجد أي مصلحة لأي بلد عربي أن يهيمن الحوثي على الجنوب لا سمح الله، بل العكس هو الصحيح، ولسنا أيضاً لقمة سهلة للحوثي أو لغيره، لدينا ما نستطيع أن ندافع به عن أنفسنا وقضيتنا وقد أثبتنا ذلك، الجنوب العربي بيئة طاردة للحوثيين وحليفهم الإقليمي إيران.