تقرير خاص لـ"الأمناء" يسلط الضوء على مراحل الثورة الجنوبية وتصاعد الأزمة السياسية اليمنية..
الأمناء / تقرير جمال با هرمز:

كيف تحول الجنوبيون من وحدويين إلى انفصاليين بنظر ساسة الشمال؟ ولماذا؟

كيف تعاملت حكومات صنعاء المتعاقبة مع الاحتجاجات السلمية في الجنوب؟

لماذا أصرَّت قوى الشمال على تكريس شعار "الوحدة أو الموت"؟

كيف انحرفت بوصلة الحرب جنوبا؟ وما علاقتها بالجهود السياسية والدبلوماسية لحل الصراع؟

ما تأثيرات الصراع على المرحلة الراهنة والمستقبلية في مسارات الحرب والسلام؟

الأزمة اليمنية والتهيئة للحرب على الجنوب

لا شك أن الأزمة السياسية اليمنية بدأت منذ أول يوم للوحدة بين ج.ي.د.ش. (الجنوب العربي) و ج.ع.ي، وذلك بانقلاب حكام صنعاء على شركائهم الجنوبيين في سلسلة من أعمال الاغتيالات لكوادر الجنوب استمرت طوال سنتين تمهيداً لحرب صيف عام 1994 على الجنوب للخلاص من شريك الحكم الجنوبي.

وحين أعلن الرئيس الجنوبي علي سالم البيض أن فك الارتباط بين عدن وصنعاء واجب إنساني وديني حفاظاً على كوادر ومقدرات شعب الجنوب، وأنه الطريق الوحيد في صيف ١٩٩٤م، اعتبر نظام صنعاء ذلك الإعلان حجة أمام المجتمع الإقليمي والدولي لشن الحرب المقدسة المصحوبة بفتاوى التكفير لشعب الجنوب وقيادته.

وبعد انتصار صنعاء على عدن، ولأنه لا يوجد شريك جنوبي في السلطة ممكن يتم اتهامه بأعمال الاغتيالات غيَّر نظام صنعاء طريقة تعامله مع الجنوبيين قيادةً وكوادر وشعبًا بانتهاج سياسات الإقصاء والتهميش والتسريح القسري للعسكريين والأمنيين الجنوبيين.

 

إقصاء وتهميش

وفي دراسة معتمدة من مركز المرصد تبين أنه منذ بعد حرب ١٩٩٤م حتى ٢٠٠٧ م تم إقصاء ٣٦٦٩٧٤ ما بين قيادي وموظف مدني وأمني وعسكري وتاجر وعمالة حرة من أبناء الجنوب.

ومن جانب آخر تم إضعاف التجار الجنوبيين ومصادرة وكالاتهم المعتمدة من المؤسسات والشركات العالمية وتم نهب المؤسسات القائمة مما أدى إلى زيادة البطالة والفقر والعوز في محافظات الجنوب، وكان توزيع قطاعات النفط الجنوبية وسواحل الجنوب للمتنفذين الشماليين، فأصبحت الوظيفة العسكرية والأمنية والمدنية لأجيال الجنوب صعبة المنال ومن جهة أخرى وكما وعد رئيس النظام علي صالح بأن يجعل من عدن قرية في لحظة انتشاء بعد انتصاره في حرب ١٩٩٤م بدأت الخدمات في الجنوب تتأخر بينما في صنعاء ومدن العربية اليمنية تتطور وتتحسن.

ويعتقد الجنوبيون أن المأساة الأخرى أن التعليم والصحة اللذان كانا بالمجان في الجنوب العربي أصبحا منعدمين فيه، والفرص متاحة لطلاب وشباب وأبناء العربية اليمنية داخليا وخارجيا.

 

انطلاق الحراك السلمي الجنوبي

 

 بعد أن رأى الجنوبيون ما جرى لهم وكيف انقلبت سلطات دولة الوحدة إلى أدوات إرهاب ضدهم وممارسة الاغتيالات وإطلاق فتاوى التكفير والإقصاء والتهميش والحرمان ونهب مقدراتهم وتجهيل أجيالهم وطمس هويتهم وتاريخهم ووسطية دينهم، قرروا أن يقاوموا سلمياً ويؤسسوا كياناً جامعا يقود ثورتهم السلمية.

وكانت العقبة أمامهم هي النزاعات التي حصلت بين زعمائهم وشقت صفهم قبل الوحدة ويعتقدون أن للجناح اليمني في سلطات الجنوب دور في تأجيج هذه الخلافات، فكان لا بد من المصالحة أولا لكي تنتشر في كل الجنوب وتنتصر  ثورتهم السلمية.

 

مشروع التصالح والتسامح

وبالفعل ففي ٧ يوليو ٢٠٠٧م التقى في جمعية ردفان من قادة الجنوب العسكريين الذين تم إقصاؤهم ليقروا مشروع التسامح والتصالح الجنوبي، وهو أهم مشروع جنوبي، وترتب عليه انتصارات الجنوب حتى هذه اللحظة.

 

قيام الثورة السلمية

 أقر أبناء الجنوب بالأغلبية الانخراط في الحراك السلمي الجنوبي وبدأت المقاومة السلمية في كل محافظات الجنوب وبالذات عاصمته عدن، مما أرعب نظام صنعاء الذي حاول في البداية شراء ذمم قادة الحراك، وحين رفضوا الأموال والمناصب تعامل معهم بوجهه القبيح وبدأت سلسلة الاعتقالات واستمرت سنوات، وبرزت من جديد أعمال العنف والاغتيالات والتفجيرات وعودة فتاوى التكفير الديني على شعب الجنوب وحراكه المتصاعد .

 

من مطالب حقوقية إلى سياسية

كانت المطالب في البداية حقوقية، ونتيجة لرد النظام بالعنف أصبحت المطالب سياسية وبدأت في فك الارتباط والاستقلال واستعادة الدولة واستمر النظام في عملية القمع والقتل والأحكام الجائرة والسجن وغيرها.

فالإحصائيات تؤكد بأن عدد شهداء الحراك السلمي تجاوز ٧٠٠٠٠ شهيد و ١٢٠٠٠٠ جريح ومخفي ومشرد، واستمرت ثورة الحراك السلمي بمليونيات شعبية حتى عام ٢٠١٥م.

 

مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء في ٢٠١١م

في أحد فنادق صنعاء اجتمع ممثلو أحزاب صنعاء ومشائخها وقادتها السياسيون والعسكريون ومشايخ الدين واستدعوا الحزب الاشتراكي اليمني الذي أصبح جزءاً من هذه الأحزاب وفصيل جماعة صعدة (الحوثيين) وتم استدعاء ممثلي الحراك السلمي الجنوبي بقيادة الأخ محمد علي أحمد، وبعد مشاورات مكثفة أقر المشاركون مخرجات لا تلبي طموح جماعة صعدة ولا تلبي مطالب الحراك الجنوبي، فأعلن محمد علي أحمد مغادرة المؤتمر ونصب نظام صنعاء بديلاً عنه ياسين مكاوي.

في المجمل فإن المخرجات تؤسس لدولة مركزية، ففي دستورها المقترح بإقليمين في الجنوب وأربعة في العربية اليمنية اعتبرت الجمهورية كلها دائرة انتخابية واحدة، ولم تلبي مخرجات هذا المؤتمر الصوري، ولا شكل الدولة، فممثلو صعدة رفضوه وكان انقلابهم العسكري المدعوم من صالح ضد الجمهورية والرئيس هادي وإعلانهم الدستوري في ٢١ سبتمبر.

 

 

ثورات الربيع العربي الطائفية

كانت استراتيجية الشرق الأوسط الجديد للبيت الأبيض هي في الأساس باعتقادي تقسيم العالم العربي إلى مجتمعات دينية طائفية متحاربة مع بعضها، وأساس التقسيم هو مذهبي - السنة والشيعة - باعتبار أن إيران الشيعية ستكون واجهة الشيعة وتركيا السنية مع السعودية الواجهة الأخرى، وذلك لهدفين:

١- إضعاف مقدرات الأمة العربية خاصة والإسلامية عامة لضمان بقاء إسرائيل أقوى في المنطقة.

٢- استمرار الهيمنة والتحكم بصناعة القرار في بلدان الخليج بالذات وعدم الخروج عن النص الأميركي.

٣- إزالة الوعي القومي والوطني العربي عن عقول المجتمعات العربية والذي كان السد المنيع أمام المؤامرات الخارجية.

وبالفعل تم الضخ الإعلامي لثورات الربيع العربي في الأقطار العربية التي شكلت أيام الحرب الباردة تحالفًا مع المعسكر الشرقي، أو كانت في الحياد وبدأت عمليات إثارة الشارع من قبل الإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية والانقلاب على أنظمة الحكم في هذه الأقطار وسقط أولا نظام الحكم في تونس وبعدها أشعلت الحرب الأهلية في سوريا بعد تدمير العراق وتقسيمه إلى طوائف، ثم تمت مطاردة وقتل الزعيم الليبي وأججوا الفتنة الطائفية في ليبيا، وتوقفت المؤامرة والتأجيج الطائفي في مصر نتيجة الوعي الشعبي ووطنية الجيش المصري.

 

نزاع التوريث

وبدأت بوادر الصراع  في صنعاء، ولم يكن صراعا طائفيا ولكنه نزاع على التوريث بين عائلة عبدالله الأحمر، شيخ الرئيس، من جهة وعائلة علي صالح رئيس الشيخ من جهة، كانت بدايتها التخلص من الشيخ في الخارج واشتدت بالانتقام بتفجير مسجد الرئاسة.

 

تفجير مسجد الرئاسة

وكما أسلفنا في صنعاء تم تفجير مسجد الرئاسة بمن فيه وتم إنقاذ الرئيس صالح إلى السعودية وكمحاولة من السعودية لرأب الصدع بين شركاء الحكم في صنعاء أو بين شيخ الرئيس ورئيس الشيخ "صالح" الذي يمثل المؤتمر الشعبي العام والأحزاب المتحالفة معه وأولاد عبدالله بن حسين الأحمر الذين يمثلون التيار الإخواني وأحزاب المشترك.

 

تفصيل المبادرة الخليجية

فصلت المبادرة الخليجية وفيها تقاسم أحزاب صنعاء للسلطة نفسها مع تغافل تام لقضية شعب الجنوب العربي، وتم الاتفاق على تسليم السلطة لرئيس توافقي وهو الرئيس الجنوبي هادي على اعتبار أن كل الفرقاء يعتقدون أن باستطاعتهم إملاء رغباتهم على الرئيس الجنوبي بسهوله لعدم امتلاكه قوة على الأرض تحميه.

 

الإعلان الدستوري الحوثي لإنهاء الوحدة مع الجنوب

بعد أن سيطر الحوثيون على صنعاء ومدن العربية اليمنية مع حليفه صالح وبعد أن تم طرد الرئيس هادي إلى الجنوب، وإعلان الإعلان الدستوري في صنعاء في ٢١سبتمبر٢٠١٤م، وهو يعتبر انقلابا على دستور دولة الوحدة وإنهائها مع الجنوب العربي وكان أول إشهار سياسي لصنعاء بإعلان الانفصال عن الوحدة من طرف واحد.

 

 

التوقيع على وثيقة مبايعة الإمام الجديد

اتجه أمين عام حزب الإصلاح الآنسي ممثلاً عن أحزاب المشترك إلى معقل زعيم الحوثيين في مدينة صعدة، وهناك تمت مبايعة الإمام الجديد من قبل أحزاب صنعاء ووقعوا على وثيقة المكونات في ديسمبر ٢٠١٤ م وفيها الاتفاق على حفظ سيادة وأراضي دولة الوحدة وعدم اعتراض قوات أنصار الله والجيش الوطني وتسهيل مهامهم العسكرية لإخضاع كل محافظات اليمن والجنوب للدولة المركزية في صنعاء .

وبالفعل وبحجة مطاردة الدواعش اتجهت هذه المليشيات إلى الجنوب في مارس ٢٠١٥ م  وعبرت كل محافظات اليمن برداً وسلاماً مع دعم سكان هذه المحافظات بالذهب والأموال والكعك والدعوات بالنصر والفتح .

وبدأ انقلاب حوالي ٤٨ لواء وعدد من المعسكرات وقادة وأفراد يمنيين في الجنوب على سكان الجنوب لإخضاعهم بالآلة العسكرية في نفس الوقت مع قدوم جيوش ومليشيات صنعاء إلى الجنوب.

 

تحول الحراك السلمي إلى مقاومة جنوبية مسلحة

كان لهذه الأحداث أثر كبير في تغيير نهج السلمية إلى مقاومة مسلحة لكل ما هو يمني في الجنوب وبداية كانت وصول اللجان الشعبية من أبين لحماية عدن والرئيس هادي وللجان دور سابق في الانتصار عسكريا على ألوية صنعاء في ٢٠١١م. وتم توزيع قادة وأفراد اللجان في مديريات عدن مع أبطال مقاومة عدن.

 

ظهور أسطورة المقاومة الجنوبية العسكرية

اتجه كثير من رجال الساحات في الحراك من عسكر ومن الشباب ومن السلفيين ومن الجيش والأمن من الجنوبيين إلى جبهات القتال لمقاومة الاجتياح الثاني لقوات صنعاء ونتيجة لشح الإمداد العسكري والسلاح، حيث إنه كان الملاحظ قبل الاجتياح بأشهر كان هناك إقبال كبير من أفراد تابعين لأحزاب صنعاء يقومون بشراء السلاح الشخصي في عدن ومدن الجنوب بمبالغ طائلة وكان هدفهم منع حصول المقاومة الجنوبية على أي سلاح وهو الهدف نفسه لنظام صنعاء من البداية إبعاد الجنوبيين من الجيش والأمن والتجنيد حتى يسهل ذلك لقوات صنعاء  من السيطرة العسكرية على الجنوب ومع ذلك بدأ الشباب ورجال المقاومة في عدن ومديرياتها بالتناوب على السلاح الشخصي، فكنا نشاهد أربعة إلى خمسة مقاومين يتناوبون على سلاح شخصي واحد وكل فرد في المجتمع اتجه للمقاومة، واستمرت المقاومة أربعة أشهر بعد ان سيطرت قوات صنعاء على أربع مديريات وهي كريتر وخورمكسر والمعلا والتواهي وفي تاريخ 28 مارس 2015 جاء المدد والسلاح من الأشقاء وتم دعم المقاومة بالسلاح مع وجود رموز من ضباط وجنود من التحالف ممثل بقوات دولة الإمارات مع أبطال مقاومة حتى تم تحرير مديريات عدن الأربع في زمن قياسي وهو يوم واحد واتجهت المقاومة الجنوبية لتحرير لحج وأبين وشبوة ثم تحرير ساحل حضرموت ومدنه من القاعدة، وهي الوجه الآخر لنظام صنعاء.

 

تأسيس القوات المسلحة والأمن الجنوبي

 بعد تحرير عدن وتأسيس النخب والأمن وألوية العمالقة الجنوبية من قبل دول التحالف العربي بالتوافق مع الرئيس هادي، توالت الانتصارات الجنوبية المتتالية على قوات صنعاء في كل المواقع ومن جانب آخر توالت الانتصارات السياسية للجنوب بإعلان المجلس الانتقالي الجنوبي كممثل لشعب الجنوب وقضيته.

 فنخبة حضرموت حررت ساحل حضرموت في يومين وألوية العمالقة الجنوبية استطاعت في يوم واحد من تحرير الساحل الغربي كاملاً وصولاً إلى ميناء ومدينة الحديدة، وقبل  السيطرة على الميناء جاءت التعليمات من التحالف من غرفة العمليات بالعودة 100 كلم، وسارع المتخادمون في منظومه الشرعية إلى عقد اتفاقية في ستوكهولم كهدنة بحيث يأمنون مهاجمة قوات الحوثيين وقوات صنعاء.

 

 

انحراف بوصلة الحرب باتجاه الجنوب

بعد تحرير الجنوب عين الرئيس هادي قادة المقاومة الجنوبية محافظين لمحافظات الجنوب، وبدأ شعب الجنوب يشعر أنه يملك أرضه، عندها ذهب علي محسن الأحمر إلى المغرب وطرح بعض الشكوك على الملك سلمان، حيث كان يصيف في المغرب وأخبره بأن الرئيس هادي ونائبه وبحاح يعملون على انفصال الجنوب وأن هذا العمل لا يخدم أهداف عاصفة الحزم، وتدخل المجتمع الدولي لاستعادة الشرعية والحفاظ على الجمهورية اليمنية، عندها تدخل الملك سلمان كون السعودية قائد التحالف، وتم تعيين علي محسن الأحمر نائبا للرئيس الذي وجه بوصلة الحرب من الشمال للجنوب من يومها وحتى اللحظة، وذلك بإشعال حرب الخدمات ونشر الإرهاب وقطع المرتبات والدعم اللوجستي عن ألوية وقوات  وأمن الجنوب.

ويعتقد الغالبية العظمى من أبناء الجنوب أن انتهاء الحرب كان ممكنًا  بالسماح لقواتهم بتحرير ميناء ومدينة الحديدة الاستراتيجية، وقطع شريان الحياة عن الحوثيين لولا تدخل قادة ووزراء أحزاب صنعاء في الشرعية، والذين كانوا يوجهون البوصلة لإضعاف الجنوب وقواته ويستمرون بدعم حكام صنعاء بالسلاح والتهريب والأموال والدبلوماسية وغيرها، فمثلاً نجد تصريحات رسمية من وزير الخارجية السابق المخلافي حين قال: "إذا توفرت الخدمات والرواتب للجنوب فهذا سيساعد على الانفصال"، وأيضا تصريحات رئيس الأركان السابق زعيل حين قال: "إن الحوثيين إخوة لنا وخلافنا معهم حول السلطة وسنحله بالتفاوض، لكن حربنا الحقيقية هي مع الانفصاليين الجنوبيين".

لذلك كنا نسمع تصريحات ‏رسمية من إعلام حكومات الشرعية قبل دخول المجلس الانتقالي في منظومة الشرعية بأن قوات العمالقة الجنوبية حين تقاتل في الساحل الغربي أو في مأرب فهي جيش وطني، وحين تدحر وتقاتل الإرهابيين في مدن الجنوب يطلقون عليها وصف مليشيات الإمارات، وليس ذلك وحسب ولكن محاولة تمزيق النسيج الجنوبي وخلق مكونات هشة يتم تنصيبها لتمثيل محافظات الجنوب لا تملك من واقع الأرض شيئاً .

 

مراحل الحوار الجنوبي

 مرت الحوارات الجنوبية بثلاث مراحل مفصلية، وهي:

 المرحلة الأولى وهي المرحلة الأطول مع بداية تطبيق مشروع التسامح والتصالح الجنوبي وقيام الثورة السلمية الجنوبية  من قبل قادة وقواعد الحراك السلمي الجنوبي حتى اجتياح الجنوب العربي من قبل ميليشيات صنعاء الإرهابية في مارس 2015م.

وكانت أهم مخرجات هذه المرحلة من الحوارات الجنوبية الأطول هي التئام أكبر وأكثر المكونات الجنوبية في مكون واحد تحت مسمى (المؤتمر الجامع) هذه النجاحات للثورة الجنوبية السلمية أدت إلى غضب حكام صنعاء وبالتالي تتجه إلى الجنوب في مرحلة الغزو الثانية أو الاجتياح الثاني 2015م.

 

اللجنة التنسيقية للتوافق الوطني الجنوبي

المرحلة الثانية من الحوارات الجنوبية كانت بعد تحرير الجنوب وعاصمته عدن.

وكانت  مع مختلف مكونات الجنوب وبرعاية الرئيس اللواء الركن عيدروس قاسم الزبيدي عندما كان محافظًا لعدن.

مع العلم أنه في تلك المرحلة كان الإرهاب المتعمد من صنعاء منتشرًا بشكل كبير فكان اختيار مجاميع نموذجيه يمثلون الطيف الجنوبي بحوالي 36 عضوًا بقيادة العميد علي الشيبة ناصر ونائبيه الأستاذ أيمن محمد ناصر والقاضي محفوظ شاكر بنش وسميت هذه اللجنة بـ(اللجنة التنسيقية للتوافق الوطني الجنوبي) وكنت أحد أعضائها، وشاهدا على كل أعمالها واستمرت بخفاء تجتمع في مقر "الرابطة" في خورمكسر لمدة سنة ونصف، وكانت من ضمن الاجتماعات توافقات ولقاءات مع مختلف المكونات الحراكية والاجتماعية والسلطة المحلية والتنفيذية والقضائية وقادة المقاومة الجنوبية.

وفي نهاية الحوارات والتوافقات الجنوبية حسب أدبيات اللجنة التنسيقية، تم انبثاق من اللجنة التنسيقية نفسها لجنة فنية لتضع الهيكل التنظيمي والمسميات لمؤسسات الكيان المنتظر  الذي يمثل شعب الجنوب العربي وقضيته.

وقدمت نتائج هذه الأعمال جميعها إلى الرئيس اللواء الركن عيدروس قاسم الزبيدي، وتم إشهار الكيان وتم تفويض الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي في 4 مايو ٢٠١٧م.

 

  التوقيع على الميثاق الوطني الجنوبي

مرحلة الحوارات الثالثة كانت بعد إشهار المجلس الانتقالي الجنوبي وتفويض الرئيس القائد عيدروس الزبيدي من قبل شعب الجنوب في مليونية التفويض والإشهار، والذي رعى ودعم هذه الحوارات وشكل لجنتين للحوار الوطني الجنوبي: لجنة في الخارج، وأخرى في الداخل، وكانت مخرجات هذه الحوارات كما شاهدنا في اللقاء التشاوري الجنوبي التوقيع على أهم وثيقة على الإطلاق وهي توقيع الميثاق الوطني الجنوبي من قبل ما تبقى من مكونات وقادة وشخصيات ومنظمات وغيرها أمام القائد المفوض ورئيس الكيان الممثل لشعب الجنوب العربي، وهو التوقيع الذي شهدناه يوم ٧-مايو-٢٣م ويعتبره الجنوبيون عرسا جنوبيا خالداً.

 

 هيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي

وكان من نتاج تلك المشاورات وتوقيع الميثاق هيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي، ودخول قادة جنوبيين في مؤسساته منهم على سبيل المثال نواب اللواء الركن الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي وهما اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك رئيس الجمعية الوطنية واللواء الركن فرج البحسني قائد المنطقة العسكرية الثانية وقوات النخبة الحضرمية واللواء الركن أبو زرعه المحرمي قائد ألوية العمالقة الجنوبية.

 

الإعلان الدستوري لتنفيذ اتفاق الرياض كحل أخير

كثير من نخب الجنوب وصلت إلى قناعة بأن الحل لهذه الحرب التي تشن على شعب الجنوب من مكونات وقوات صنعاء والمتخادمين معها في منظومة الشرعية بمختلف التسميات  ليس بمشاورات سلطنة عمان ولا مشاورات الرياض بين السعودية والحوثيين، فهذه المشاورات التي في مسقط والرياض ماهي إلا ارتداد فقط لما يتم في نيويورك من مفاوضات بين رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي الرئيس القائد الزبيدي وفريقه وبين قيادة البيت الأبيض؛ لأنه في الحقيقة من يسير الأزمة والحرب والهدن ويضع الحلول في الرباعية هي أمريكا، ولن ترضى أمريكا كقوة عظمى أن تكون مجرد محلل لرغبات السعودية أو الإمارات أو بريطانيا أو أي دولة.

والدليل على أن أمريكا هي من تطيل وتدير الصراع وهي من  تدعم الحوثيين حتى يستمروا كقوة ابتزاز وتوازن وضغط على دول الخليج وبالذات السعودية والدول العربية من جهة لفرض التطبيع مع إسرائيل إذا أرادوا حل الصراع في اليمن وبقية أجزاء الوطن العربي، لذلك بأيدي أمريكا مفاتيح الحلول، وزيارة الرئيس الزبيدي كانت هي الوجهة الصحيحة والواجبة للحل: إما انفراجة وحل قضيه شعب الجنوب واستعادة دولته وإما بداية حرب نهائية وأخيرة.

مع تأكيد الكثير بأنه في حال أنه لم يتم التوافق بالحلول مع الجانب الأمريكي فعلى المجلس الانتقالي الجنوبي البحث عن شركاء صادقين في عالم يتجه الى تعدد الأقطاب ولم يعد اللاعب الأمريكي هو الوحيد في الساحة العالمية وبإمكان المجلس الانتقالي الجنوبي أن يخطو بنفس خطوات الحوثي في صنعاء حين أعلن الإعلان الدستوري لإنهاء الوحدة.

 

 

إعلان دستوري

 وبإمكان المجلس الانتقالي الجنوبي أن يشهر إعلانا دستوريا بتنفيذ اتفاق الرياض من طرف واحد وإخراج اليمنيين من هذه الشرعية الذين قدموا لخدمة حكام صنعاء منذ البداية وكبت الصوت الجنوبي والقضية الجنوبية.

وفي اعتقادي أن الإعلان الدستوري الجنوبي يساعد ليس فقط على الحل، بل ويساعد صنعاء وحكامها بالانفراد بمملكتهم وحدود دولتهم التي كانت قائمة أيام الأئمة قبل ثورة ٢٦ سبتمبر ٦٢ م والتي كل يوم يجاهدون لإعادة دستورها وقوانينها وما تأخير إعلانها إلا خوفا من ارتداد الفعل من الدول الإقليمية والعظمى.

 

الحل السلمي هو الأفضل

ويدرك المتابع المحلي والدولي أن الأسلم هو الحل السلمي والعقلاني والنهائي للحرب بين العربية اليمنية والجنوب العربي هو التعامل مع واقع عودة المملكة المتوكلية الهاشمية بقيادة الحوثي والتعامل مع واقع الجنوب العربي بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة اللواء الركن عيدروس الزبيدي.

بمعنى عودة الدولتين إلى ما قبل عام ٩٠م، ونعلم ويعلم العالم كله ويعلم الحوثي أنه إن لم يوافق على فك الارتباط ويحافظ على مملكته الهاشمية المتوكلية فالبديل سيكون في ساعتين وتصبح مدينة الحديدة وميناؤها بأيدي قوات الجنوب، وسيتم قطع شريان الحياة عن صنعاء، وعندها سترضخ حكومة صنعاء لأكثر من فك الارتباط.

وأما مسألة الدعم بالسلاح والدبلوماسية فنحن في عالم أصبح متعدد الأقطاب ومن السهولة إيجاد هذا الدعم للجنوب.

متعلقات
تخادم حوثي أمريـكي .. قرارات البنك كشف حقيقتها.
لحج.. دورة تدريبية للعاملين الصحيين بحملة شلل الأطفال بطور الباحة
أول تعليق من البنك المركزي حول اغلاق البنوك المعاقبة فروعها في المحافظات المحررة
إسبانيا تضرب إنجلترا بالقاضية وتتوج باليورو
عاجل: اللجنة الأمنية بالعاصمة عدن تصدر بيانا هاما