إن التاريخ الآثم لجرائم لاحتلال اليمني على الجنوب، أرضًا وإنسانًا، يجب أن يدون ويوثق بكل تفاصيله، وعلى كافة الأصعدة، باعتباره دليلا قانونيا وحجة دامغة للإدانة والمقاضاة وشاهد عيان على الفعل الوحشي بكل أساليبه التي مورست ضد الجنوب، الدولة والشعب والثروة، ونأمل من قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي ومؤسساته الإعلامية والحقوقية ومراكز الدراسات ودور الطباعة أن تولي هذا الأمر أهمية خاصة لتعزيز حضور الذاكرة الوطنية الجنوبية جيلًا بعد جيل، فالشعوب الحية هي التي لا تغفل تاريخها ولا تجعله معرضًا للضياع والاندثار.
وبالعودة لعنوان الموضوع أحب أن أذكركم وأذكر نفسي بواحدة من أبشع المجازر الوحشية التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية للاحتلال اليمني بحق الإنسانية في محافظة الضالع، إنها مجزرة العاشر من سبتمبر 2007 بذكراها الـسابعة عشرة، تفاصيل هذه الجريمة النكراء جاءت على خلفية المسيرة السلمية الحاشدة التي دعت إليها جمعية المتقاعدين العسكريين بالضالع للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين الذين تم اعتقالهم في العاصمة عدن في فعالية عيد الجيش الجنوبي 1 سبتمبر 2007، حينها كنت وإلى جانبي الأستاذ أحمد الزوقري والمناضل خالد عمر العبد من أبين وكذا الشهيد المناضل محمد صالح طماح من ضمن المعتقلين في تلك الفترة في سجن البحث الجنائي خور مكسر، إضافة إلى معتقلين آخرين في سجون مختلفة.
مسيرة المتقاعدين العسكريين والتي انطلقت صباح ذلك اليوم من أمام مقر الجمعية بجوار مكتب البريد بعاصمة المحافظة وبمشاركة كبيرة جداً لأبناء ردفان والضالع، وعلى الرغم من تواجد التعزيزات العسكرية لقوات الاحتلال التي انتشرت بشكل كثيف في مداخل ومخارج طرقات المدينة وعلى جوانب الخط العام وأسطح العمارات، وحاول جنود الاحتلال من إفشال المسيرة، إلا أن الحشود الهائلة للجماهير شقت طريقها غير مبالية بتلك التحرشات والاستفزازات لجنود الاحتلال التي حاولت تكرارًا ومرارًا لمنع تقدم المسيرة الراجلة التي قطعت مسافة تقدر بـ 5 كيلو متر من مدينة الضالع حتى انتهى بها المطاف في ساحة الشهداء بمنطقة الجليلة بمهرجان جماهيري حاشد وتم قراءة بيان المسيرة السلمية من قبل الدكتور عبده المعطري رئيس جمعية المتقاعدين العسكريين بالضالع وانتهت بسلام.
وأثناء عودة المشاركين في المسيرة من أبناء المدينة وجحاف والأزارق وزبيد والسيلة والقرى المحيطة بعاصمة المحافظة متوجهين إلى قضاء حاجاتهم من السوق قبل العودة إلى قراهم وفجأة وبدون سابق إنذار أطلق جنود الاحتلال عليهم وعلى كل مرتادي السوق الرصاص بكثافة بصورة هستيرية متعمدة بدافع القتل المباشر مع سبق الإصرار والترصد حدثا ذلك قبل ظهر يوم الاثنين الموافق 10 سبتمبر 2007 ليسقط على إثر هذه المجزرة النكراء شهيدين وسبعة جرحى بإصابات بليغة بينما لاذا جنود أمن الاحتلال الفرار بعد فعلتهم الإجرامية الشنيعة تاركين خلفهم تسعة من الشباب ينزفون حتى الموت غير مكترثين بالجرم الذي اقترفوه متجردين من كل أخلاق وقيم الدين والرحمة الإنسانية ليهرع أبناء مدينة الضالع إلى مكان الجريمة في محاولة لإسعاف أبناء جلدتهم وإنقاذ حياتهم وإلى جانبهم تقاطر العشرات من أبناء الضالع من مختلف قراها ومناطقها فور سماعهم بهذه الجريمة الوحشية وبدأت عمليات التبرع بالدم والمال لإنقاذ الجرحى الذين تم إسعافهم إلى مستشفى بن عباس ولتذكير بأسماء الشهداء والجرحى بهذه المجزرة الاجرامية الشنيعة:
الشهداء:
1) وليد صالح عبادي القحطاني/ جحاف، 2) محمد قايد أحمد حمادي الاسدي/ الأزارق.
الجرحى :
1) محمد طالب عبيد السريحي/ جحاف.
2) موسى صالح رضوان يونس/ جحاف.
3) مالك حسن صالح الضامئى/ المدينة.
4) نادر محمد الحاج مقبل بطاط / المدينة.
5) مفيد أحمد محمد الخرارة/ كوكبة.
6) يعقوب حسن محمد / جحاف.
7) عبد الحافظ أحمد اسماعيل الدغفلي.
إن الحديث عن هذه المجزرة النكراء بذكراها السابعة عشر التي نفذها جنود أمن الاحتلال بالضالع في يوم الاثنين الموافق 10 سبتمبر 2007 ليس حديثًا عابرًا لمجرد مواكبة الذكرى الأليمة فحسب، بل سيكون حديثًا مسؤولًا وواجبًا وطنيًا ونضاليًا نسعى من خلاله لتوثيق كل التفاصيل لتكون ذاكرة حية في سجل التاريخ النضالي الجنوبي المعاصر وشاهد عيان تاريخي على الوحشية الإجرامية التي مارسها الاحتلال اليمني على جماهير شعبنا المناضل ومن أجل ذلك سنواصل الحديث عن مجزرة 10 سبتمبر 2007 بتناولات قادمة بإذن الله.