هناك تأثير لعودة النشاط الملاحي في ميناء الحديدة على ميناء عدن لكنه ليس بالحجم المروّج له
نستغرب موافقة الحكومة على استئناف نشاط ميناء الحديدة دون مقابل من الحوثيين
اتفاقية خفض تكلفة التأمين ستوفر 400 – 500 مليون دولار وستخفض أسعار السلع
الحوثيون يقطون الطرق الداخلية ويرفعون الضرائب لسحب رؤوس الأموال الوطنية إلى ميناء الحديدة
قال رئيس مجلس إدارة مؤسسة موانئ خليج عدن، الرئيس التنفيذي، محمد علوي أمزربه، إن هناك تأثير على ميناء عدن، نتيجة استئناف النشاط الملاحي في ميناء الحديدة، الخاضع لسيطرة مليشيات الحوثيين، منذ مطلع العام الماضي، "لكن هذا التأثير، ليس بالشكل الذي تروّج له المليشيات الانقلابية".
وأكد أمزربه، في حوار مطوّل أن محاولة الحوثيين سحب "الرساميل" الوطنية والتجار من ميناء عدن إلى ميناء الحديدة، عبر إغلاق طريقي محافظة الضالع ومنطقة "الراهدة" بتعز الداخليين، اللذان يربطان ميناء عدن، بمحافظات المنطقة الوسطى من البلاد، الخاضعة لسيطرتهم، وزيادة الرسوم الضرائبية بنسبة 100%، "أثّر على ميناء عدن بشكل كبير"...
فإلى نصّ الحوار:
- لتكن بداية حوارنا من اتفاقية خفض كلفة التأمين البحري.. ماذا يعني ذلك؟ وكم بلغت كلفة التأمين خلال السنوات الماضية؟
موضوع التأمين البحري هذا موضوع هام واستراتيجي بالنسبة للموانئ البحرية في الجمهورية اليمنية، سواء الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية أو التي تسيطر عليها مليشيات الانقلابيين الحوثيين، التي تسببت من خلال حربها بأن تصنف الموانئ اليمنية كمناطق عالية الخطورة ولذلك ارتفعت نسبة التأمين للبواخر الواصلة إليها.
وإذا ما قارنا كلفة تأمين النقل البحري إلى موانئ الدول المجاورة بالموانئ اليمنية، سنجدها مرتفعة جدًا، إذ يخسر القطاع الخاص المحلي تقريبا في حدود 400 – 500 مليون دولار، لتغطية هذه الكلفة التأمينية لإقناع ملاك البواخر للقدوم الى الموانئ اليمنية "ولذلك إذا ما تم توفير هذه المبالغ، فإنه يمكن استثمارها في قطاعات أخرى، وستولّد فرص عمل وستوفر مصادر تمويل للحكومة والقطاع الخاص".
نحن في إدارة الميناء، تحدثنا فيه مع الحكومة قبل أربع سنوات وكانت هناك سلسلة من اللقاءات والاجتماعات، والموضوع شائك ويتطلب قرار قوي من الحكومة واتخذ القرار الحمد لله.
قبل سنة صدر قرار رقم 4 تقريبا لتشكيل لجنة وزارية وتم الاتفاق مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على أن تضع الحكومة اليمنية وديعة بـ 50 مليون دولار في أحد البنوك البريطانية للتغطية التأمينية حتى يتم التوقيع مع أحد نوادي الحماية البريطانية لتوفير التغطية التأمينية لمينائي عدن والمكلا.
ما جرى في الأسبوع قبل الماضي من توقيع بين وزير النقل الدكتور، عبدالسلام حميد، والأمين العام المساعد للأمم المتحدة المدير الإقليمي للمنطقة العربية للبرنامج الإنمائي، هو للمذكرة الإطارية للاتفاق، التي تعدّ كخارطة طريق تحدد الإجراءات القادمة للتوقيع على الاتفاقية النهائية التي من المقرر أن تتم في القريب العاجل.
- ما هي الانعكاسات المرجوّة من هذا الاتفاق؟ بمعنى آخر: إلى أي مدى ستلامس حياة المواطنين؟
من المعروف أن كلف الشحن المرتفعة تجعل الكثير من ملاك البواخر لا يحبذوا الحضور الموانئ اليمنية واستخدامها، باعتبارها موانئ عالية الخطورة وفرضت عليها رسوم حرب.
هذه الاتفاقية إذا تم الانتهاء منها وفق ما هو مخطط، ستقلل كلفة النقل، وهذا سينعكس على انخفاض أسعار السلع المنتجة أساسًا للمواطن البسيط في الأسواق المستهدفة. كما تنعكس على نشاط الميناء وسيولد ذلك زيادة الايرادات الجمركية والضرائب فيدعم ميزان المدفوعات للحكومة..
هذا أحد الاشياء الايجابية لهذا للوديعة التأمينية هي زيادة نشاط الموانئ بالتالي زيادة موارد الدولة دعم ميزان المدفوعات للحكومة تقليل اسعار السلع للأسواق المستهدفة للمواطن الذي عانى الامرين بسبب الحرب بسبب عدم انتظام المرتبات وحالة التضخم المرتفعة.
- هناك تقارير تتحدث عن تراجع يشده ميناء عدن خلال الفترة الأخيرة، لصالح ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين بعد التسهيلات الممنوحة له مؤخرًا وفق اتفاق الهدنة.. إلى أي مدى أثر ذلك على ميناء عدن؟
دعني أقول لك شيء.. في عالم النقل البحري لا يوجد شيء أسمه ميناءين متشابهين، هذه قاعدة عامة.. فنشاط ميناء الحديدة نشاط واردات وهذا يختلف عن نشاط ميناء عدن، الذي هو في الأساس ميناء ترانزيت وإعادة شحن، وله علاقة بالتجارة العابرة، ولذلك فإن تعطيل هذه الوظيفة الأساسية للميناء يؤثر أساسا على أدائه، وميناء عدن ليس مخصص للواردات فقط. صحيح لازم تكون هناك واردات لكن الهدف الاساسي من نشاط ميناء عدن هو التعامل مع التجارة العابرة وإعادة الشحن. مثل الترانزيت واصلاح البواخر والخدمات الأخرى.
هناك تأثير وهناك انخفاض، لكن ليس بالشكل الذي يُصور أو الذي تروّج له مليشيات الحوثيين، كما أن نشاط ميناء عدن مستمر وطبيعي، وهناك رغبة كبيرة لدى التجار لاستخدام ميناء عدن لكن الترهيب الحوثي والأساليب غير القانونية التي تمارس ضد التجار والمسلّمين وملاك البواخر والسفن تحول دون ذلك.
عملية فتح ميناء الحديدة، الخاضع لسيطرة الحوثيين، هي أمر طبيعي، باعتباره يخدم المحافظات القابعة تحت سيطرة المليشيات، والتي تمثّل 70% من الكتلة السكانية ورأس المال، لكن ما هو مستغرب هو من موافقة الحكومة خلال مفاوضات الهدنة الأممية، على عودة نشاط ميناء الحديدة، دون أن تكون هناك خطوات تقابلها من الجانب الحوثي، لفتح طريقي الضالع و"الراهدة" من باب: خطوة مقابل خطوة، كما هو معروف في المفاوضات.
الحوثيون يقطعون الطريق الشريان الرئيس لميناء عدن إلى المناطق الوسطى في اليمن، التي تسيطر عليها الحوثية، ويرفعون الرسوم الضرائبية بنسبة 100% بهدف سحب "الرساميل" الوطنية والتجار من ميناء عدن إلى ميناء الحديدة، عبر إغلاق طريقي محافظة الضالع ومنطقة "الراهدة" بتعز الداخليين، وهذا أثر علينا وحتى أكون واضح معك، فقد أثر علينا بشكل كبير.
- لكن هناك تقرير صادر عن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة يقول إن حجم واردات ميناء الحديدة منذ استئناف نشاطه وصل إلى أضعاف ميناءي عدن والمكلا..
نعم أطلعت عليه.. ودعني أخبرك: ميناء الحديدة هو مجموعة موانئ الصليف والحديدة وهذا التقرير يشير إلى حجم المساعدات، والمساعدات هنا تعطى للمواطنين في مناطق الكثافة السكانية الأكبر في المناطق التي تسيطر عليها المليشيات، على اعتبار ميناء الحديدة هو الأقرب لهذه المناطق، وبالتالي فإن حجمها سيكون أكبر نسبة إلى حجم الكتلة السكانية في تلك المناطق التي تصل إلى 70% من حجم السكان في البلد
- وماذا عن حجم الفارق في تعرفة الدولار الجمركي التي يصل فيها في ميناء عدن إلى 750 ريال للدولار الواحد مقابل 250 ريال في ميناء الحديدة؟ اليس ذلك مغريا للتجار؟
عصابات الحوثيين تحاول استغلال ذلك، وصحيح أن التعرفة ان الدولار الجمركي مرتفع في الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة عنه عن ميناء الحديدة، لكن هناك جبايات أخرى تفرضها المليشيات الحوثية لصالح صناديقها المبتدعة، وهناك يفرضون الخُمس وضرائب مضاعفة، فمثلا الحاوية التي تُجمرك في ميناء عدن بمليون إلى مليون ونص ريال يمني، تجمرك في ميناء الحديدة بأكثر من 4 – 5 مليون ريال حسب ما سمعنا من بعض التجار في غرفه تجاره صنعاء ، فضلًا عن الضرائب المرتفعة التي تصل إلى أكثر من 200% بسبب الجبايات غير المنظورة، كما أن هناك حاليًا احتكار لعملية النقل للشاحنات من قبل أحد القيادات الحوثية في ميناء الحديدة، تحت مسمى (الشهداء) أي قتلاهم، حسب ما سمعنا مؤخرا وكل هذه التصرفات لا تربطها أي صلة بالعمل التجاري".
كما أن كلفة الشحن إلى ميناء الحديدة، تزيد بنسبة تصل إلى 50% عن كلفة الشحن إلى ميناءي عدن والمكلا الخاضعين لسيطرة الحكومة الشرعية.
وإذا نظرنا إلى حجم الجبايات وما يفرضونه من ضرائب تحصيلات غير القانونية وغير المنظورة في ميناء الحديدة، ستجد أن ما يُفرض الموانئ في مناطق الحكومة لا يقارن أبدًا بحجم ما تفرضه المليشيات.
لكن هناك حالة ضعف إعلامي فيما يتعلق بمصلحة الجمارك، التي يجب أن توضح وتعدد المزايا المقدمة للتجار في الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، وأن تقوم بمقارنتها مع ميناء الحديدة وتكشف ما يتم تحصيله من جبايات من قبل الحوثيين.
- دكتور محمد.. هل هناك ما يمنح ميناء الحديدة تفوقًا على ميناء عدن حاليًا من ناحية الإمكانيات؟
طبعًا ميناء عدن الدولي لا يُقارن بأي من الموانئ اليمنية من حيث الأعماق والمساحات والإمكانيات، إذ يمتلك محطة للحاويات على أعلى مستوى، تُقارن بالمحطات في الموانئ الدولية المجاورة، ولديه أكبر مخازن للمشتقات النفطية كميناء نفطي هو الأوحد في البلد، إضافة إلى صوامع غلال، هي الأكبر على مستوى الشرق الأوسط، وأرصفة المعلا التي تصل قدرتها إلى 5 مليون طن في السنة، في حين أن ميناء الحاويات تصل قدرته إلى مليون طن سنويًا.
كما أن ميناء عدن، الأقرب إلى الخط الملاحي الدولي، ويقدم خدمات أخرى غير عمليات المناولة والشحن والتفريغ، إذ يمكنه تقديم ترسانة صناعية لأعمال الصيانة وتقديم خدمات "البانكر" لكل أنواع البواخر، ولا يمكن مقارنة ذلك بإمكانيات ميناء الحديدة، سواء قبل الحرب أو بعده باعتبار الافضلية لميناء عدن
وهناك قيود المفروضة على ميناء عدن خلال الفترات الماضية، والتي تضاعفت مع اندلاع الحرب في العام 2015، ومن أبرزها الكلفة العالية لتأمين النقل البحري التي فُرضت على الموانئ اليمنية، باعتبارها مناطق عالية الخطورة، بسبب انقلاب الحوثيين على الدولة.
وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها وتمت اتفاقية خفض كلفة التأمين، سيدفع ذلك ميناء عدن إلى فتح خدمات أخرى توقفت بسبب اندلاع الحرب، كتزويد السفن بالوقود، وهي الخدمة التي خسر الميناء بعد توقفها نحو 500 – 600 باخرة، كانت تأتي للتزود بالوقود، كما سنحاول اعاده نشاط "الترانزيت" بالنسبة للحاويات ان استطعنا وهناك توجهات لاستخدام المصافي لإعادة شحن المشتقات النفطية.
كما سيعيد الميناء خدمة الصيانة لكل السفن العابرة، وهي الخدمة التي توقفت بسبب الحرب والقيود المفروضة، إلى جانب التسهيلات المقدمة للشركات والمستوردين والخطوط الملاحية، التي تتيح دخول البواخر والسفن دون تأخير أو تعقيد، واستيراد مختلف أنواع السلع إلا ما هو محظور منها وفق القوانين اليمنية.
وكما قلت لك من سابق، ميناء الحديدة يختلف تماما عن طبيعة نشاط ميناء عدن، وهو ميناء مخصص للواردات وهذا تصميمه منذ ما قبل الوحدة وما بعدها.
- برأيكم.. كيف يمكن تحفيز الشركات والوكالات والتجار لاستيراد مختلف أنواع البضائع عبر ميناء عدن؟
نحن قدمنا كافة التسهيلات، ونقدم أفضل خدمة وأفضل سعر على مستوى اليمن، وعقدنا اجتماع موسّع في شهر إبريل الماضي، مع معالي وزير النقل ومعالي وزير الدولة محافظ عدن والوكالات الملاحية والغرفة التجارية، وقدمنا كل التسهيلات.
الآن أصبح بإمكان الباخر الدخول مباشرة حسب دورها إلى أرصفة الميناء، وعرضنا على الوكالات الملاحية تقديم كافة خدماتنا التي كانت متوقفة ما بعد الحرب.
طبعا هذا هو في الأخير عمل تجاري، والخدمات والطلب على خدمات الموانئ مرتبط بالاقتصاد وبالعرض والطلب في السوق المحلي، ونحن نعيش في فترى حرب، والبلد يعاني من التضخم ويحتاج إلى مساعدات من المجتمع الدولي وارتفعت فيه نسبة الفقر.. هذا كله يؤثر على العملية الاقتصادية كما أن هناك هشاشة الدولة، وهي وهناك مقيدة بعد اقفال المنصات النفطية والغازية بعد الاعتداءات الحوثية.
- ما هي إجراءاتكم مع الجانب الحكومي لاستعادة زخم ميناء عدن؟
نحن في تواصل مستمر مع الحكومة، والميناء يسير ضمن السياسات العامة للدولة وعلى ضوئها ولتنفيذها بحسب الإمكانيات المتاحة.
ونبعث شكرنا لكل من بذل الجهد في إنجاز موضوع خفض كلفة التأمين البحري، سواء في وزارة النقل أو اللجنة الوزارية، ونعتبر هذه الاتفاقية انجاز كبير يحسب للحكومة.
وندعو الحكومة إلى ضرورة إيقاف عمليات التحصيل كجبايات للبضائع التي تخرج من ميناء عدن. وقال إن "فهناك الكثير من الشكاوى التي تصلنا بسبب الجبايات المفروضة في بعض النقاط بالمحافظات المجاورة، وأتمنى من الحكومة والمحافظين والجهات الأمنية إيقافها على نحو عاجل، لأنها تضرّ بسمعة ميناء عدن وتؤثر عليه، كما تؤثر على البلد بشكل عام.
كما نتمنى وقف أي زيادة لكل المرافق العاملة في ميناء عدن. وللأسف هناك إجراءات يتم اتخاذها من قبل بعض المرافق التي لها مكاتب في موانئ عدن، لزيادة حسابها الجاري وزيادة إيراداتها، عبر زيادة رسومها دون الرجوع إلى الميناء ودون النظر إلى المركز التنافسي لموانئ عدن، وهذا أيضًا يؤثر علينا، ولذلك يجب ألا تكون هناك أي زيادات إلا بعد الرجوع إلى الميناء للنقاش والخروج برؤية أفضل أو بوقفها أو بتحديد الرسم العادل.
وندعو الإخوة في مصلحة الجمارك إلى تطبيق سياسات عادلة في عملية تثمين بعض السلع، التي يتم تثمينها في بعض المنافد البرية والبحرية بنسبة 50%، بينما يتم تثمينها في ميناء عدن بنسبة 100% وهذا غير منصف.