أعلن الحوثيون، مساء الأحد، عن ترتيبات لجولة مفاوضات جديدة مع الحكومة اليمنية، قالوا إنها تسعى لأن تكون "حاسمة"، في وقت تتكثف فيه منذ فترة مساعٍ إقليمية ودولية لتحقيق حل سياسي شامل للأزمة.
جاء ذلك وفق تصريح مقتضب لعبدالملك العجري، عضو فريق المفاوضات في الجماعة، أوردته قناة "المسيرة" الفضائية الناطقة باسم الحوثيين.
وقال العجري "يجري الترتيب لجولة مفاوضات قادمة نسعى أن تكون حاسمة في وضع حد لمعاناة الشعب اليمني، لا سيما الاستحقاقات الإنسانية لأن استمرارها هو استمرار للحرب بشكل آخر".
ولم يتطرق العجري إلى تفاصيل بشأن الترتيبات أو موعد هذه المفاوضات، كما لم يصدر تعليق فوري من الحكومة اليمنية بشأن ذلك.
وفي وقت سابق الأحد، أعلنت جماعة الحوثي عن مغادرة الوفد العماني صنعاء، بعد أيام من سلسلة من المشاورات مع قيادات الجماعة، من دون أن تكشف نتائج تلك المباحثات، تزامنا مع تحذيرات الحوثيين من محاولات إغلاق ميناء الحديدة.
ووفق ما أفادت به قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين، فإن "رئيس وفد الحوثيين التفاوضي (محمد عبدالسلام) غادر مع وفد الوساطة العماني العاصمة صنعاء إلى مسقط، بعد سلسلة مشاورات".
ولم تُكشف نتائج المحادثات المغلقة التي أجراها الوفد العماني، الذي يعد الوسيط والراعي للمفاوضات الثنائية التي تجرى بين جماعة الحوثي والسعودية، لكن وكالة "سبأ" النسخة الحوثية نقلت عن رئيس المجلس السياسي الحوثي (مجلس حكم الجماعة) مهدي المشاط، قوله، خلال لقائه الوفد العماني، إنّ "صبر شعبنا قارب على النفاد (...) والوقت ليس مفتوحا أمام العدو لمواصلة التهرب من الاستحقاقات الإنسانية، لأن الاستمرار بالمراوغة وكسب الوقت سيعود عليه بنتائج لا يرغبها".
ووصل الوفد العماني، الخميس الماضي، برفقة رئيس الوفد التفاوضي للحوثيين محمد عبدالسلام الذي يتخذ من مسقط مقراً له، والذي أشار إلى أن الزيارة تأتي لـ"إحياء العملية التفاوضية وتقييم المرحلة، بدءاً من الملف الإنساني، وإجراء مشاورات مع القيادة (الحوثيين) ضمن رؤية واضحة تعالج الملفات الإنسانية الأكثر إلحاحاً".
وتعد الزيارة هي الثالثة للوفد العماني إلى صنعاء منذ مطلع العام الجاري، والسادسة منذ إعلان الهدنة في مطلع أبريل 2022، والتي ما زالت مستمرة رغم المواجهات المتقطعة في الجبهات الداخلية بين الأطراف اليمنية، لكن الهجمات الجوية المتبادلة بين السعودية والحوثيين توقفت كليا.
وهدّد وزير النقل في حكومة الانقلاب الحوثية غير المعترف بها عبدالوهاب الدرة، بشن جماعته الحرب، في حال فرضت الحكومة الشرعية والتحالف العربي، قيودا على ميناء الحديدة، غربي البلاد.
وقال الدرة إن جماعته "لن تقف مكتوفة الأيدي" أمام أي محاولات جديدة لتقييد حركة الميناء، وأضاف إن "المؤامرة على ميناء الحديدة مستمرة، وآخرها عدم شموله في اتفاق تخفيض التأمين البحري، ويجب أن يكون الاتفاق شاملاً لكل الموانئ اليمنية".
وتابع "نحن بحاجة إلى أن نتكاتف جميعاً وتتحد الجهود. كلما اتحدت جهودنا كان هناك عمل أكبر وأهم".
ووقعت الحكومة اليمنية مع الأمم المتحدة، الأحد قبل الماضي، في العاصمة المؤقتة عدن، مذكرة تفاهم لخفض كلفة التأمين البحري على السفن في الموانئ اليمنية، والتي ازدادت 16 ضعفاً منذ اندلاع الحرب في البلاد.
وتتجه الحكومة بشكل جاد، لاستئناف العمل بالقرارات المتعلقة بآلية استيراد الوقود والسلع الغذائية عبر الموانئ اليمنية وخاصة موانئ الحديدة، التي تم تعليق العمل بها ضمن إجراءات بناء الثقة بالتزامن مع الهدنة في أبريل 2022.
وبحسب وكالة "2 ديسمبر"، فإن الإجراء الحكومي يأتي ردا على التصعيد الحوثي المستمر في الجانب الاقتصادي منذ بداية الهدنة غير المعلنة واستهدافها منصات تصدير النفط في محافظتي شبوة وحضرموت، وإجبار التجار في مناطق سيطرتها على الاستيراد عبر ميناء الحديدة، ومنع دخول الغاز المنزلي المنتج من حقول مأرب واستبداله بالغاز المنزلي المستورد.
وأكد المصدر أن الحكومة حين اتخذت قرارا بتعليق القرارات الحكومية المنظمة لعملية استيراد الوقود والأغذية عبر الموانئ اليمنية ومنها ميناء الحديدة، كان بقصد المساهمة في تعزيز إجراءات بناء الثقة وما يمكن أن يحدثه هذا القرار، وفق تأكيدات أممية، من تخفيف الأعباء على كاهل المواطنين في مناطق سيطرة الحوثي، ودفع مرتباتهم نتيجة تدفق السلع والبضائع عبر الميناء مما يزيد من عرض السلع والبضائع ويمنع المغالاة والاحتكار، إضافة إلى تزايد حجم الأموال المحصلة من الميليشيات الحوثية كرسوم ضريبية وجمركية في ميناء الحديدة، واستخدامها في دفع مرتبات الموظفين.
وكانت الحكومة اليمنية حذرت، من استمرار جماعة الحوثي في مسارها التصعيدي الذي يفاقم من المعاناة الإنسانية، وينذر بانهيار الأوضاع الاقتصادية ويتعارض مع جهود ودعوات التهدئة.
وأكدت الحكومة أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التصعيد الخطير وستضطر لإعادة النظر في التسهيلات المتصلة بتشغيل ميناء الحديدة واتخاذ الإجراءات والتدابير التي تحفظ مصالح ومقدرات الشعب اليمني.
ومنذ تعليق العمل بهذه القرارات، ارتفع حجم الواردات الغذائية عبر ميناءي الحديدة والصليف الخاضعين لسيطرة الحوثي، حيث تم تفريغ أكثر من ألفي طن متري خلال النصف الأول من العام 2023، وهي نسبة تفوق حجم الواردات الغذائية التي دخلت إلى الموانئ الواقعة ضمن نفوذ الحكومة بنسبة 386 بالمئة، خلال النصف الأول من العام الجاري.
وأسهم ارتفاع حجم البضائع الواصلة إلى ميناء الحديدة في نمو عوائد الجماعة من ميناء الحديدة، حيث تؤكد تقارير حكومية أن إيرادات الحوثيين من العوائد الضريبية والجمركية في ميناء الحديدة خلال العام 2022م، وصلت إلى 250 مليار ريال (نحو 200 مليون دولار)، فيما يتوقع أن تشهد نموًا خلال العام الجاري بنسبة تفوق 20 بالمئة عن العام الماضي.
ورغم ارتفاع حجم مناولة الحاويات والبضائع في ميناء الحديدة، إلا أن أسعار السلع الغذائية لا تزال في ارتفاع مستمر في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن مستوى انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحوثيين يشهد تصاعدا وبات أمرا مقلقًا.
فيما تواصل الجماعة الحوثي الامتناع عن صرف مرتبات الموظفين في مناطق سيطرتها رغم نمو مواردها خاصة من ميناء الحديدة، إضافة إلى النمو في الأوعية الضريبية المرتبطة بارتفاع حجم حركة الاستيراد عبر ميناء الحديدة وغيره من المنافذ، ما يؤكد أن استمرار التسهيلات الحكومية للاستيراد عبر ميناء الحديدة لا يخدم المواطن بقدر خدمته الحوثيين.
وفي المقابل، أكد عضو المجلس السياسي الأعلى للجماعة محمد علي الحوثي عن مفاجأة سيشهدها الشعب اليمني خلال المرحلة القادمة .
وقال عبر حسابه على منصة "إكس" "المرحلة التي مضت هي المرحلة الأصعب. والمرحلة الآتية - بإذن الله - هي المرحلة التي سيكون فيها انفراجة كبيرة على الشعب اليمني بكله".
وأضاف "نحن بحاجة إلى أن نتكاتف جميعاً وتتحد الجهود. كلما اتحدت جهودنا كان هناك عمل أكبر وأهم ".
وتتكثف منذ مدة مساعٍ إقليمية ودولية لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، شملت جولات خليجية للمبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ والأممي هانس غروندبرغ.
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن قد حذر في إحاطته لمجلس الأمن، الأربعاء الماضي، من تبعات التهديدات العلنية بالعودة للحرب، بعد تهديدات زعيم جماعة الحوثي عبدالملك الحوثي، السبت الماضي.
وتوقفت جهود التفاوض، منذ أبريل الماضي، عقب زيارة الوفدين السعودي والعماني إلى صنعاء للقاء قيادة جماعة الحوثيين، إذ لم يعلن عن أي تفاوض علني منذ ذلك الحين، في ظل حالة صعبة في اليمن الذي يعيش أزمة إنسانية للعام التاسع على التوالي.
وتتصاعد بين اليمنيين آمال بإحلال السلام منذ أن وقَّعت السعودية وإيران، بوساطة الصين في 10 مارس الماضي، اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية، ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات بين البلدين.