استطلاع خاص : تفشي الابتزاز الإلكتروني.. بين المقاومة والفضيحة
"الأمناء" استطلاع/ مريم بارحمة:

ما أسباب الابتزاز الإلكتروني ودوافعه؟

ما أكثر فئة مجتمعية تتعرض للابتزاز إلكترونيا؟ وما أنواعه؟

ما أفضل الطرق والوسائل لمواجهة ذلك الابتزاز؟

 

انتشرت التقنيات الحديثة بين أنحاء العالم وسهلت التواصل ونقل المعلومات بسرعة فائقة وبشكل واسع، لكن برزت عدد من المشكلات الاجتماعية والتقنية، أبرزها الابتزاز الإلكتروني والمتمثل بتهديد وترهيب الضحايا إما بنشر صورهم أو صور وفيديوهات مدبلجة أو إفشاء وتسريب معلوماتهم وخصوصياتهم وأسرارهم لاستغلالهم للقيام بأعمال غير أخلاقية وغير مشروعة لصالح الجاني (المبتز)، أو للحصول على المال أو مكاسب مادية أخرى.. فما أسباب الابتزاز الإلكتروني ودوافعه؟ ما أكثر فئة بالمجتمع تتعرض للابتزاز الإلكتروني (الشباب، المرأة، الاطفال)؟ وما أبرز أنواع الابتزاز الذي يتعرضون له؟ وما أفضل الطرق والوسائل للمواجهة والحد من الابتزاز الإلكتروني؟ وهل الخوف من العادات والتقاليد أسهم بتفشي وانتشار الابتزاز الإلكتروني؟ وهل غياب القوانين واللوائح الخاصة بالجريمة الإلكترونية أسهم في توسعه؟ وما أهم الآثار النفسية والاجتماعية على الضحية؟ وما الحلول والمعالجات للحد من جريمة الابتزاز الإلكتروني؟

للإجابة عن هذه التساؤلات التقينا مختصين تقنيين واجتماعيين ونفسيين وإعلاميين وشخصيات اجتماعية وخرجنا بهذه الحصيلة.

 

تشويه السمعة

لكشف أسباب الابتزاز الإلكتروني ودوافعه قال المهندس فهمي الباحث، مهندس أمن معلومات: "هناك أسبابٌ كثيرة ومتعددة، فمنها ما هو لأسباب جنسية، أو انتقام بغرض تشويه السمعة، أو الأكثر انتشارًا وهو لأسباب مادية، إذ يضغط المبتزون (الجاني) على الضحايا للحصول على الكثير من الأموال من وقت إلى آخر".

 

الخوف من الأهل والتقاليد

بدورها، قالت المدربة الأكاديمية الأستاذة إصلاح صالح ناجي الحربي: "أنتجت تصاعد حالات الابتزاز الإلكتروني جملة مشكلات وأزمات اجتماعية وأمنية، إذ تتسبّب مثل هذه العمليات بحوادث وجرائم تصل إلى القتل والخطف والتشويه الجسدي وأزمات اجتماعية. وما يزيد الأمر تعقيدًا أن هناك عددا كبيرا من النساء لا يستطعن اللجوء للأجهزة الأمنية بسبب الخوف من الأهل أو لأسباب تتعلّق بطبيعة المجتمع التقليدي والمحافظ التي تتبنى قيمًا تحمّل الضحية مسؤولية التحرش والابتزاز، وهو ما يدفع كثيرات إلى الإحجام عن الإبلاغ".

 

تعدد صور الابتزاز

بينما قالت رئيسة مؤسسة أمل لرعاية الأيتام والفقراء والأعمال أمل احمد المصلي: "الابتزاز الإلكتروني يحدث للأشخاص عندما يحصل أحدهم على صور أو وثائق خاصة وسرية عن شخص أو شركة حيث تكون هذه الملفات فاضحة ومحرجة للشخص أو أنها ستسبب مشاكل للشركة.. لا يشترط في هذه الحالة أن يكون المبتز يجيد الاختراق، فقد يجد هذه الملفات على هاتف مفقود أو وحدة تخزين أو ما شابه ذلك، أو قد تقوم الضحية نفسها بإرسال الصور والفيديوهات للمبتز لغرض ما، بعد ذلك يبدأ المبتز بتهديد الضحية إن لم تلبي طلباته فسوف يقوم بنشر صورها أو إرسال الصور إلى أهلها".

 

ضعف الوازع الديني والقيمي

فيما يقول المهندس خليل عبود عبودان، مستشار الدعم الإداري والفني في جمعية سواسية للتنمية الشاملة بتريم حضرموت: "أسباب هذه الظاهرة عديدة، ويمكن اختصارها في أربعة نقاط (ضعف الوازع الديني والقيمي، وعدم الالتزام بمبادئ الأمن الإلكتروني عن جهل بها أو إهمال وكذا ارتفاع تكاليف تطبيقها، وافتقار الجهات المختصة للتشريعات القضائية والتجهيزات الأمنية الحديثة اللازمة لإثبات الجريمة الإلكترونية وإيقاع العقوبات، وحالات الانفتاح المتنافي مع الشرع والعرف والقانون في الخصومات الاجتماعية والنزاعات السياسية، والتنافس الهدام".

 

ابتزاز بالصور والمراسلات

وللكشف عن أكثر فئة تتعرض للابتزاز الإلكتروني بالمجتمع ونوع الابتزاز الذي يتعرضون له يقول الشيخ سالم أبو زيد الخليفي، شيخ قبلي وشخصية اجتماعية قيادي بالمقاومة الجنوبية وناشط بمواقع التواصل الاجتماعي: "الأكثر تعرضا للابتزاز طبعا هي المرأة وأكثر صور الابتزاز يكون بالصور والمراسلات في المواقع الإلكترونية بجميع أنواعها".

 

ابتزاز أخلاقي

بينما الإعلامي الأستاذ فاروق أحمد العكبري، رئيس نقابة الصحفيين والإعلاميين بحضرموت يؤكد أن: "أكثر فئة عرضة للابتزاز الشباب والمرأة، وأبرز انواع الابتزاز هو ابتزاز أخلاقي بسبب قلة الوعي والتعامل مع حسابات باسم أي شاب أو شابة في مواقع التواصل الاجتماعي دون معرفة من يقف خلف تلك الحسابات، كما يتم اختراق الحسابات لأجل استرجاعها بمبالغ مالية".

 

تهديد الفتيات والأطفال

بدورها التربوية الأستاذة نادره مصطفى حنبله، تربوية متقاعدة تقول: "كثرت ظاهرة الابتزاز الإلكتروني في الآونة الأخيرة وضحاياها أكثرهم نساء وأطفال، الأطفال يتعرضون للتحرش الجنسي من ذوي القلوب الدنيئة معتمدين على ما يلتقطون من صور، وممارسة التهديد لغاياتهم الدنيئة، بينما الفتاة تهديدها بنشر صور لها أو الإذعان لطلباتهم وتتعرض الفتاة لضغوط كثيرة قد تؤدي بها إلى حافة الهاوية بعدد صور وأشكال منها ممارسات مخلة بالأخلاق أو تطلب منها مبالغ مالية".

 

المرأة أكثر تعرضًا

ويضيف المهندس فهمي: "تقريبًا جميع الفئات عرضة للابتزاز، ولكن المرأة هي الأكثر تعرضا لذلك، والابتزاز بغرض الحصول على المال هو الأكثر انتشارا".

 

وقاية وتوعية استباقية

وللتعرف على أفضل الطرق والوسائل للحد من الابتزاز الالكتروني ترى المصلي أن أفضل الحلول لمكافحة الابتزاز الإلكتروني على نطاق الفرد والمؤسسات والشركات هي الوقاية والتوعية الأمنية الاستباقية ويكون ذلك بإتباع النصائح التالية مكافحة الابتزاز الإلكتروني على النطاق الشخصي، التأكد من محو جميع الصور والملفات الحساسة قبل بيع الهاتف المحمول إما باستخدام أحد تطبيقات محو الملفات في الجهاز نهائيًا مثل تطبيق Super Easer للأندرويد، أو عن طريق إعادة تهيئة الجهاز ثم تخزين ملفات غير مهمة فيه مرة أخرى، ثم إعادة التهيئة مرة أخرى ويفضل التكرار لعدد من المرات، عدم إرسال الصور الشخصية إلى أفراد غير معروفين على وسائل التواصل الاجتماعي حتى لغرض التعارف، وتجنب إرسال الصور الخاصة على حسابات التواصل الاجتماعي؛ لأن اختراقها قد يتسبب في حدوث الابتزاز الإلكتروني، وتفعيل دور الرقابة في الأسرة، اتباع الطرق الآمنة في استخدام الإنترنت وذلك بعدم فتح الروابط مجهولة المصدر قبل فحصها من التهديدات، وكذلك عدم فتح البرامج من أي مصدر غير معروف ما عدا تنزيلها من المتاجر المعروفة، الاهتمام بتحديث النظام والبرامج المشهورة على الجهاز لتجنب امتلاك تطبيق يحتوي على ثغرات يمكن استغلالها، مكافحة الابتزاز الإلكتروني على النطاق المؤسسي إخطار الموظف للإدارة في حال حدث له ابتزاز متعلق بالشركة أو المؤسسة، تدريب الموظفين على كيفية التعامل مع التقنية بالشكل الصحيح وبالتالي تجنّب الوقوع في الاختراق مثل التعامل مع رسائل البريد الإلكتروني بأمان، التخلّص السليم من أجهزة الحاسوب القديمة حتى لا يتم استغلالها في كشف أسرار الشركة أو المؤسسة، تفعيل التوعية الأمنية لدى المجتمع بمختلف أطيافه من قبل المؤسسات الاجتماعية".

 

التعامل الإلكتروني الذكي والأمن

بينما يقول المهندس خليل: "مع الأخذ في الاعتبار حقيقة أنه لا توجد حتى في الدول المتقدمة إجراءات مضمونة 100% تكفل القضاء النهائي على ظاهرة الابتزاز الإلكتروني، حيث أنه مع التطورات التقنية الهائلة لجمع وخزن ومعالجة ونشر المعلومات أصبح من الصعوبة بمكان الحفاظ على الخصوصيات الشخصية للأفراد، لكن يمكن الحد من هذه الظاهرة بشكل فعال عن طريق رفع مستوى الوعي المجتمعي بهذه الظاهرة وأبعادها من حيث تعزيز مستوى القيم الأخلاقية النابذة للابتزاز بكل أنواعه، والالتزام بمبادئ التعامل الإلكتروني الذكي والآمن، ونشر ثقافة مقاومة الابتزاز والحكم السليم لتمييز الجاني من الضحية والوقوف معها، والمطالبة بتعزيز دور الجهات القضائية والأمنية وتطوير تجهيزاتها وتشريعات عملها لمواكبة التعقيدات والتغيرات السريعة في عالم الجريمة الإلكترونية، وحث الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني ورأس المال الوطني الجنوبي على الاستثمار في مشاريع تقنية مشتركة تساهم في تحصين المجتمع الجنوبي ضد الجرائم الإلكترونية".

 

عدم مشاركة الخصوصيات

ويؤكد الباحث فهمي: "هناك الكثير من الطرق لمواجهة الابتزاز والحد منه سواء على مستوى الفرد، أو المؤسسات أو الدولة، على مستوى الفرد ينبغي الحرص على عدم مشاركة كل ما هو شخصي بطرق غير آمنه، والعمل على تأمين الحسابات والأجهزة بطريقة جيدة، وعلى مستوى المؤسسات يمكن العمل على الجانب التوعوي بالسلامة الرقمية والدعم النفسي والاجتماعي للضحايا".

 

أغراض خبيثة

وللكشف هل الخوف من العادات والتقاليد أسهم بتفشي جريمة الابتزاز الالكتروني يرى الإعلامي فاروق: أن العادات والتقاليد لا علاقة لها بتفشي الابتزاز وانما الابتزاز حتى في الدول الأخرى المتقدمة والتعامل من قبل الضحية مع جهات مجهولة لها أهداف مغرضة واستغلال جهل الضحية للحصول على اغراض خبيثة وغير مشروعة".

 

صمت ومجاراة

ويؤكد الشيخ الخليفي: "للأسف بحكم العادات والتقاليد تضطر المرأة إلى الصمت ومجاراة المبتز بكل ما يطلبه وقد تصل المرأة إلى الوقوع في الخطأ.. للأسف بعض الرجال لا يحملون من الرجولة إلا اسمها".

 

استسلام الضحية

فيما ترى نادرة: ان الخوف في مجتمعاتنا وعاداتنا سبب رئيس يدفع بالضحية للاستسلام، وحتى إذا علمت الأسرة تخفي ذلك ولا تحب الشكوى للجهات المختصة وهذا خطأ لأنه؛ بذلك ساهموا في وقوع ضحايا كثر.

 

التشريعات والفساد

ولكشف تأثير غياب القوانين الرادعة واللوائح الخاصة بالجريمة الالكترونية واسهامه بتوسع الابتزاز الالكتروني يقول المهندس خليل: "بالفعل إن من أبرز عوامل توسع الابتزاز في كثيرٍ من الدول النامية هو افتقار الجهات القضائية والأمنية المختصة للتشريعات والتجهيزات الحديثة اللازمة لإثبات الجريمة وتتبع الجناة وإيقاع العقوبات الرادعة بهم، إضافة إلى تفشي الفساد وضعف كفاءة عناصرها وتنظيماتها المؤسسية في هذا الجانب".

 

غياب القوانين الرادعة

ويردف المهندس فهمي: "يُقال من أمن العقوبة أساء الأدب، وهو ما يحدث مع قضايا الابتزاز في ظل غياب قوانين رادعة لهذه الجريمة، وكذلك غياب القدرات لدى جهات انفاذ القانون بالتحقيق في مثل هذه القضايا".

 

عقاب ضعيف

بدورها تقول المصلي: "تفرض بعض دول العالم قوانين رادعة لمحاسبة منفذ جريمة الابتزاز الالكتروني وتختلف من دولة لأخرى كما قد يختلف الحكم من حيث نوع الابتزاز، وتنص عقوبة الابتزاز في قانون الجرائم والعقوبات بأن عقوبة جريمة الابتزاز هي الحبس لا تتجاوز مدة خمس سنوات أو غرامة بحسب تقدير القاضي، وعقوبة التهديد أيضًا سنة أو غرامة مالية"، مضيفة: "الوقاية من الابتزاز الالكتروني والإبلاغ السريع للجهات المختصة في حال حدوثه، هذا من شأنه أن ينجي الاشخاص من الوقوع في مضاعفات الابتزاز اللاحقة".

 

دعم نفسي ومجتمعي

ولمعرفة أبرز الآثار النفسية والاجتماعية على الضحية يقول المهندس فهمي: "الكثير من الضحايا، بحاجة إلى دعم نفسي ومجتمعي أثناء وبعد التعرض للابتزاز، وهناك الكثير من الحالات تضطر للانتحار أو تحاول، كذلك تُكون نظرة سلبية عن المجتمع المحيط وبالتالي العزلة وعدم الاندماج".

 

درع قوي

وللوصول إلى حلول ومعالجات للحد من جريمة الابتزاز الالكتروني توضح نادرة: "العلاقات الأسرية المبنية على الحب والاحترام والثقة بين أفرادها درع قوي يمنع أي تهديد قد يقع على الأبناء، وتمكن الأبوين من مراقبة الأبناء بهدوء، فكل ما كان هناك حوار صريح ومستفيض ينمي الاستقرار الأسري ويمنع الكثير من الجرائم التي تقع، كما أن إشراك ذوي الأمر في حالة حدوث خرق أخلاقي يساهم في منع حدوثه أو انتشاره".

 

العقاب الرادع

فيما يرى الشيخ الخليفي: أن أهم الحلول تكمن بالتوعية في جميع مواقع التواصل الاجتماعي، وكافة وسائل الإعلام والمساجد والمجالس والمناسبات العامة، مضيفا:"لو هناك قضية أُظهرت وتم عقاب المبتز(الجاني) بأشد العقوبات القانونية، وأيضا تم الحكم عليه وفق العرف القبلي بأحكام قوية والنفي من قبيلته والتبريء منه سيكون رادع لكل جاني".

 

التوعية وقانون

بينما يضيف المهندس فهمي: "بطبيعة الحال لا يمكن القضاء على الابتزاز الإلكتروني بشكل كامل، ولكن يمكن الحد منه بشكل كبير عبر التوعية لكل فئات المجتمع بالاستخدام الأمثل للتكنولوجيا، ومن ضمن ذلك الخصوصية والطرق الآمنة لتبادل كل ما هو شخصي، ومن المؤكد أن وجود قانون وجهات خاصة بالجريمة الإلكترونية سيسهم إلى حد كبير في الحد من هذه الجريمة".

متعلقات
عام على رحيل اللواء طرموم
مدير عام صندوق النظافة يوجه فُرق العمل للاستعداد لمواجهات أي طارئ في عدن
ابن مبارك يوقف مخصصات وزارة الدفاع والداعري يرد :إيقاف مخصصات الدفاع عمل غير وطني وغير مقبول
خزان مياه جديد لـ"عدن" بتمويل أوروبي بقيمة 2.75 مليون يورو.
نيمار يستعد لكأس العالم للرياضات الإلكترونية