بعد توقف استمر لأشهر، باشر المفاوضون المكلفون بالملف النووي الإيراني لقاءات غير رسمية في فيينا في محاولة لإحياء الاتفاق النووي ووقف الإجراءات الإيرانية التصعيدية التي تلوح بالمزيد من التخصيب، في حين يتحدث المسؤولون الإيرانيون بصراحة أكبر عن موضوع طالما أنكرته طهران لفترة طويلة والمتمثل بتخصيب اليورانيوم بمستويات قريبة من صنع سلاح نووي.
ووفق صحف عربية صادرة اليوم الجمعة، حذر الخبراء أن طهران لديها ما يكفي من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% لإعادة معالجته وتحويله إلى وقود لصنع قنبلة نووية واحدة على الأقل، في وقت أعرب مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة عن أمله بمراعاة الهواجس الكويتية والخليجية حول الاتفاق الإيراني النووي، مؤكداً موقف الكويت الثابت والراسخ إزاء ما يتعلق بالحفاظ على الأمن والسلم الدولي وقضايا نزع السلاح النووي وعدم انتشاره.
استئناف المفاوضات
في السياق، أفادت صحيفة "الشرق الأوسط"، أن "وسيط الاتحاد الأوروبي باشر تبادل الرسائل بين الوفدين الإيراني والأمريكي في أحدث جولة من المفاوضات غير المباشرة الهادفة إلى إعادة البلدين إلى الاتفاق النووي لعام 2015، دون أن تلوح في الأفق مؤشرات إلى انفراجة سريعة مع تمسك طهران بشروطها لإنجاز الجهود الدبلوماسية المتواصلة منذ أكثر من عام".
وقللت كل من طهران وواشنطن من احتمال حدوث انفراجة في المحادثات التي تم تعليقها في مارس (آذار) بسبب العديد من القضايا الشائكة. وقال باقري كني على "تويتر" قبل أن يتوجه إلى فيينا إن "الكرة في ملعب الولايات المتحدة لإنقاذ الاتفاق"، ودعا واشنطن إلى "إظهار قدر من النضج والتصرف بمسؤولية"، في إشارة تدل على عدم وجود مرونة تذكر لحل القضايا الشائكة المتبقية.
وفي المقابل، شدد المبعوث الأمريكي روبرت مالي على "حسن النية" للإدارة الأمريكية للمضي قدماً في المحادثات على أساس مقترح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، لكنه قال إن "توقعاتنا محدودة".
وقبل أن تبدأ الاجتماعات نقلت وسائل إعلام إيرانية عن أحد المفاوضين النوويين أن طهران تتمسك بإزالة تصنيف "الحرس الثوري" من القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية، فيما قال مسؤول إيراني إن طهران "أبدت مرونة كافية، والأمر متروك الآن (للرئيس الأمريكي جو بايدن). لدينا اقتراحاتنا الخاصة مثل رفع العقوبات عن الحرس بشكل تدريجي". وقال مسؤول إيراني آخر "إذا كانوا يريدون إحياء الاتفاق، يتعين على واشنطن ضمان فوائد اقتصادية لإيران" تستمر إلى ما بعد نهاية ولاية بايدن.
وإلى جانب شرط إبعاد "الحرس الثوري" من قائمة الإرهاب، تطالب طهران بالحصول على ضمانات أمريكية تتعلق بعدم انسحاب أي رئيس أمريكي من الاتفاق النووي، وكذلك ضمانات اقتصادية بعدم إعادة فرض العقوبات والتحقق من رفع العقوبات الحالية. وإضافة إلى ذلك برزت عقبة جديدة أمام التوصل لاتفاق، يتعلق بتحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 3 مواقع سرية والعثور على آثار اليورانيوم هناك.
لا أسرار
ومن جانبها، قالت صحيفة "العرب" اللندنية، إن "المسؤولين الإيرانيين باتوا يتحدثون الآن بصراحة عما كانت بلادهم قد أنكرته لسنوات وهو أنها قد خصبت اليورانيوم إلى مستويات تمكنها من صنع القنبلة النووية متى أرادت ذلك".
وأضافت: "فيما يرى البعض أن تصريحات هؤلاء المسؤولين قد يكون الهدف منها الحصول على المزيد من التنازلات الأمريكية، فإن محللين يحذّرون من أن إيران يمكن أن تصل فعلاً إلى نقطة اللاعودة مثلما فعلت كوريا الشمالية قبل حوالي 20 عاما حين قررت أن السلاح النهائي يفوق أيّ عقوبات دولية أخرى"، بحسب الصحيفة.
وترى المحللة في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية إيللي جيرانمايه أنه من "غير المرجح" التوصل إلى حل سريع للنزاعات، لكنها تعتقد أن "اختراقاً" قد يكون ممكنا. وبغض النظر عن المبالغة، فإن اللغة تمثل تصعيداً لفظياً واضحاً من طهران.
وتابعت الصحيفة، أنه "اعتباراً من آخر إحصاء عام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تمتلك إيران مخزونا من اليورانيوم المخصب يبلغ حوالي 3800 كيلوغرام"، مضيفة أن "الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة إلى الخبراء هو أن إيران تعمل الآن على تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهو مستوى لم تصل إليه من قبل ويقرّبها إلى الـ90 %"، وحذر الخبراء أن "لإيران ما يكفي من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 % لإعادة معالجته وتحويله إلى وقود لصنع قنبلة نووية واحدة على الأقل".
قنبلة نووية
وبدوره، تطرق موقع "الحرة" إلى تصريحات المسؤولين الإيرانيين عن احتمالات صنع قنبلة نووية، ونقل عن وكالة أسوشيتد برس" قولها: إن "هذه التصريحات المثيرة قد تكون محاولة منهم للحصول على مزيد من التنازلات خلال المفاوضات مع الولايات المتحدة دون التخطيط فعلا للسعي وراء القنبلة".
وبحسب الموقع، كان مستشار المرشد الأعلى الإيراني كمال خرازي قال في وقت سابق من الشهر الماضي إن إيران تمكنت في غضون أيام قليلة من تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 % ويمكنها بسهولة إنتاج يورانيوم مخصب بنسبة 90 في المئة، وهي العتبة اللازمة لصنع القنبلة النووية.
ووفقاً لآخر الأرقام الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تمتلك إيران مخزونا من اليورانيوم المخصب يصل لنحو 3800 كيلوغرام.
وأشار دبلوماسيون إيرانيون لسنوات إلى أن الفتوى التي أصدرها المرشد الأعلى علي خامنئي عام 2003، ملزمة وحرم بموجبها إنتاج الأسلحة النووية. لكن مع ذلك تقول الوكالة إن مثل هذه الفتاوى ربما تتغير في وقت لاحق، مستشهدة بفتاوى أصدرها المرشد الإيراني السابق روح الله خميني بعد توليه السلطة وكانت تختلف تماما عن تلك التي أصدرها قبل ذلك. وأيضا يمكن لأي شخص يخلف خامنئي، البالغ من العمر 83 عاما، أن يصدر فتاوى خاصة به لمراجعة تلك الفتاوى التي صدرت سابقاً، وفق "الحرة".
نزع السلاح النووي
وحول الاتفاق النووي الايراني، أعرب مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير طارق البناي، عن أمله أن تتم مراعاة الهواجس الكويتية والخليجية حول هذا الاتفاق، مؤكداً ضرورة متابعة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2231 الخاص بالتحقق والرصد في إيران، بحسب ما نقلته صحيفة "الجريدة" الكويتية.
ودعا الأطراف المعنية في الاتفاق النووي الإيراني إلى العودة لطاولة المفاوضات بهدف الوصول لاتفاق التحقق من سلمية البرنامج النووي الإيراني في طريق تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
ودان بشدة القيام بأي تجارب نووية تساهم في تقويض السلامة البشرية وأي استفزاز أو تصرف من شأنه أن يضر بالأمن والسلم الدوليين، مؤكداً أهمية تحقيق عالمية معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية وتسهيل دخولها حيز النفاذ بأقرب وقت من خلال تصديق الدول اللازمة، والتي لم تقم بذلك وخصوصاً الدول الحائزة الأسلحة النووية.