بعد الموافقة على تطبيق الهدنة في اليمن وموافقة الحوثيين عليها، ربما تكون فرصة لترتيب البيت الشرعي في اليمن، وقد تكون فرصة لإظهار مدى جدية الأطراف المناوئة للحوثي في تحديد خيارات الحرب والسلام وكذلك جدية الحوثيين في ترك العنف بعد سنوات من الحرب.
ووفق صحف عربية صادرة اليوم الأحد، هناك تحذيرات شديدة من استثمار الحوثيين للهدنة التي أعلن عنها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ لحشد المزيد من المقاتلين وتجنيدهم لشن هجمات جديدة في مأرب وجبهات أخرى.
لا مؤشرات جديدة
وقالت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة "العرب" اللندنية إن مبادرة الأمم المتحدة التي وافقت عليها الأطراف اليمنية وتضمنت وقفا لإطلاق النار لمدة شهرين وفتحا جزئيا لمطار صنعاء وتخفيفا للقيود المفروضة على موانئ الحديدة، لا تحمل مؤشرات جديدة وإنها ذاتها التي تقدمت بها الحكومة السعودية ورفضتها الميليشيات الحوثية في وقت سابق.
وأشارت المصادر إلى أن قبول الحوثيين بالمبادرة يأتي في ظل تصاعد الضغوط الشعبية في مناطق سيطرتهم نتيجة الانهيار الخدمي والمعيشي المتفاقم، إضافة إلى محاولة الجماعة المدعومة من إيران تخفيف حدة الضغوط الدولية التي تصاعدت بعد الهجمات الحوثية على منشآت نفطية ومدنية في السعودية.
ووفقاً لخبراء في الشأن اليمني يتوقف نجاح الجهود الدولية الأخيرة على نتائج المشاورات اليمنية في الرياض التي ستعمل على "ترتيب البيت داخل الشرعية" وتوسيع مكوّناته.
وفي تصريح لـ”العرب” قال مستشار وزارة الإعلام اليمنية وعضو مشاورات الرياض فهد طالب الشرفي إن قبول الحوثيين بهدنة لوقف إطلاق النار ليس أمراً جديداً، لكن الاختبار الحقيقي يكمن في التزامهم بهذه الهدنة وعدم توظيفها للحشد لجولات قادمة من الحرب.
ولفت الشرفي إلى أن الحوثيين قبلوا بالهدنة التي تقدم بها المبعوث الأممي إلى اليمن بهدف امتصاص حالة الغضب والاحتقان الداخلي والخارجي، لكن مدى التزامهم ببنود الهدنة يظل موضع شك بالنظر إلى تاريخ انقلابهم على الاتفاقات والتي كان آخرها
اتفاق ستوكهولم الذي رعته الأمم المتحدة في العام 2018.
ويبدي مراقبون يمنيون قلقهم من جدية الحوثيين في الالتزام بالهدنة، وفي هذا السياق يؤكد الباحث العسكري اليمني وضاح العوبلي في تصريح لـ”العرب” إن العودة إلى أرشيف المناورات الحوثية ومحطات عدم التزامها بالاتفاقات السابقة على مدى ما يقارب العقدين من الزمن، يجعل من التفاؤل بهذا الاتفاق أمرا بالغ الصعوبة.
وعن رؤيته لموافقة الحوثيين على الهدنة، اعتبر العوبلي أن “هذا الموقف ينسجم مع الضرورات الملحة واللحظة الراهنة التي خلقتها المتغيرات الأخيرة على المستويات كافة المحلية والإقليمية والدولية”.
مصير غامض
وقالت صحيفة "الخليج" في افتتاحيتها إن الوصول إلى الهدنة في اليمن تمثل "بشارة خير" بعد أن توصل الأطراف اليمنية إلى هدنة إنسانية في مستهل شهر رمضان الكريم، فهذه الخطوة المنتظرة من سنوات ستستمر شهرين ويمكن البناء عليها للتوصل إلى حل سياسي شامل ينهي الحرب ويجلب السلام إلى الشعب اليمني الذي طحنته الأزمات والصراعات ويأمل أن يطوي هذه الحقبة السوداء ويمضي إلى المستقبل متحرراً من الأحقاد والضغائن والثارات حتى يضمن الحياة الكريمة لجميع أبنائه.
وأوضحت الصحيفة أن ميزة الهدنة المعلنة، التي باركتها الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمات إقليمية، أنها تتزامن مع المشاورات اليمنية - اليمنية الجارية في الرياض تحت رعاية مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتلقى دعماً دولياً واسعاً. كما أنها تسمح للشعب اليمني بالتقاط أنفاسه بعد سنوات طويلة من المعاناة والخوف والقلق، وتمنح أطراف الصراع فسحة من الوقت تمكنها من مراجعة حساباتها وبناء خياراتها عسى أن تهتدي إلى الأجدى والأنفع للشعب والبلد والمنطقة.
وأشارت إلى أن كل الأطراف اليمنية بما فيها الحوثيون رحبت بإعلان الهدنة، وسط دعوات لصمودها في هذه المرحلة، لأن ذلك سيشيع التهدئة في أرجاء البلاد، ويجعل للمفاوضات السياسية المرتقبة معنى، لكن ما يزعج في الأمر أن الهوة ما تزال واسعة بين الحكومة اليمنية الشرعية وميليشيات الحوثي التي لم تردّ بالإيجاب على دعوتها إلى المشاركة في مشاورات الرياض، في حين حضر العديد من القوى والأحزاب والشخصيات، وهناك تفاؤل يتنامى بأن هذا الاجتماع اليمني في العاصمة السعودية يمكن أن يؤدي إلى خير بشرط أن تتنزه كل الأطراف عن الأحقاد وتنظر إلى المصلحة الوطنية بعين يمنية خالصة وتؤمن بأن مصيرها واحد ومستقبلها مشترك ولن يستطيع أحد أن يلغي الآخر.
واعتبرت الصحيفة أن عدم مشاركة الحوثيين في المشاورات الجارية يترك المخاوف قائمة بما يهدد استمرار هذه الهدنة ويجعل مصيرها لا يختلف عن تفاهمات وقف إطلاق النار السابقة، أما إذا غلّبت الجماعة الحوثية التعقل واستجابت إلى الدعوات وصدقت في تعهداتها، فإن ذلك سيغير كثيراً من المعطيات ويمكن الجهود الدبلوماسية الحالية من بناء منصة سياسية لبدء مفاوضات حل شامل للصراع في اليمن. وهذا الأمر، إن بدا صعباً، فليس مستحيلاً إذا كانت هناك إرادة للسلام وإيمان بقيم التعايش المشترك بين أبناء الشعب الواحد.
وقالت صحيفة الخليج إن الفاعلون الدوليون والإقليميون لهم دور حاسم في تهيئة الأجواء للاستقرار وتجاوز مرحلة الصراع والتقاتل، ومثلما أدى مجلس التعاون الخليجي دوراً في مساعي التهدئة، كان تحالف دعم الشرعية مسؤولاً في هذه المرحلة عندما استجاب إلى نداء التهدئة تمهيداً لمشاورات الرياض، ثم رحب بوقف إطلاق النار الذي ترعاه الأمم المتحدة.
عملية سياسية لإنهاء النزاع
ومن جانبها تحدثت صحيفة "الشرق الأوسط" عن استئناف المشاورات اليمنية - اليمنية أعمالها اليوم في العاصمة السعودية الرياض برعاية خليجية، حيث رحب المبعوث الأممي إلى اليمن بردود الفعل الإيجابية من جميع الأطراف على الهدنة التي تستمر لمدة شهرين والتي تم التوصل إليها في اليمن، مشدداً على أهمية البناء على هذا الاتفاق لاستعادة بعض الثقة بين الأطراف المتحاربة ولاستئناف عملية سياسية تهدف إلى إنهاء النزاع.
ونقلت الصحيفة عن غروندبرغ قوله "بدأت الهدنة التي تستمر لمدة شهرين في الساعة السابعة من مساء اليوم (السبت). وبدءا من الليلة، تتوقف كل العمليات العسكرية الهجومية براً وجواً وبحراً".
وأضاف أن نجاح هذه المبادرة يعتمد على التزام الأطراف المتحاربة المستمر بتنفيذ اتفاق الهدنة بما يتضمن الإجراءات الإنسانية المصاحبة، وأتمنى أن يتم ترجمة حسن النوايا الذي عبرت عنه جميع الأطراف علناً في صورة خفض للتصعيد الإعلامي والحد من خطاب الكراهية".
وتتضمن بنود اتفاق الهدنة تيسير دخول 18 سفينة تحمل الوقود إلى موانئ الحديدة، والسماح برحلتين جويتين من وإلى مطار صنعاء كل أسبوع. كما تتضمن البنود أيضاً عقد اجتماع بين الأطراف للاتفاق على فتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات لتحسين حرية حركة الأفراد داخل اليمن.
وبحسب نص الاتفاق «سوف ينفِّذ الأطراف هدنة مدتها شهران تبدأ في 2 أبريل (نيسان) 2022 وتنتهي في 2 يونيو(حزيران) 2022 قابلة للتمديد، والهدف من الهدنة توفير بيئة مواتية للتوصل إلى تسوية سلمية للنزاع. فليس القصد منها التوقف لإتاحة الفرصة لأي طرف بإعادة تشكيل مجموعاته أو استئناف العمليات العسكرية».
وتضمن الهدنة وقف جميع العمليات العسكرية الهجومية البرية والجوية والبحرية داخل اليمن وخارجه وتجميد المواقع العسكرية الحالية على الأرض. إلى جانب دخول 18 سفينة من سفن المشتقات النفطية خلال شهري الهدنة إلى موانئ الحديدة.
كما تضمن تشغيل رحلتين جويتين تجاريتين أسبوعياً إلى صنعاء ومنها خلال شهري الهدنة إلى المملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية مصر العربية.
وتنص الهدنة فور دخولها حيز التنفيذ، على أن يدعو المبعوث الخاص الأطراف إلى اجتماع للاتفاق على فتح طرق في تعز وغيرها من المحافظات لتيسير حركة المدنيين من رجال ونساء وأطفال وتنقلاتهم بالاستفادة من الجو الذي تهيئه الهدنة.