تبادل حزب الله والتيار الوطني الحر الاتهامات بشأن التمسك والحفاظ على اتفاق التحالف بينهما المبرم عام 2006، والمعروف باسم اتفاق "مار مخايل"، ليفتح التلويح بإنهاء الشراكة بينهما الباب واسعاً أمام تساؤلات بشأن الخريطة السياسية في لبنان خلال الفترة المقبلة.
وسلطت صحف عربية صادرة اليوم السبت، الضوء على مستقبل العلاقة بين الجانبين، وتأثيرها على المشهد السياسي اللبناني، ومدى إمكانية استغناء كل طرف عن الآخر في ظل اعتمادهما على بعضهما البعض سياسياً خلال السنوات الـ16 الماضية.
فض الشراكة
وقالت صحيفة "العرب" إن التيار الوطني الحر، أكبر حزب مسيحي في لبنان، يدرس إنهاء تحالفه السياسي مع جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران، مما يهدد اتحاداً هشاً يشكل السياسات اللبنانية منذ نحو 16 عاماً.
ونقلت عن جبران باسيل زعيم التيار الوطني الحر، قوله هذا الأسبوع تعليقاً على إجراءات اتخذها ضد حزبه أكبر حزبين شيعيين في لبنان، وهما حزب الله وحركة أمل "ستكون له مترتبات سياسية".
وقالت شخصيات رفيعة المستوى مقربة من التيار كذلك إن اتفاق مار مخايل لعام 2006 بين التيار الوطني الحر وحزب الله بلغ نهايته.
وأشارت الصحيفة إلى أن حزب الله أكبر حلفاء باسيل وأقواهم، ومع اقتراب الانتخابات النيابية والرئاسية المقررة العام المقبل ربما يعدل عن موقفه.
وقال كريم إميل بيطار رئيس معهد العلوم السياسية في جامعة سان جوزيف في بيروت، بحسب وكالة رويترز للأنباء إن "التيار الوطني الحر في مأزق اليوم، فهو يدرك بالتأكيد أن الشارع المسيحي لم يعد يتغاضى عن أي شكل من أشكال الإذعان لمطالب حزب الله، لكنه لا يمكنه ببساطة التخلي بالكامل عن هذا التحالف لأن من شأن ذلك أن يحطم طموحات باسيل الرئاسية وسيمنعه بالتأكيد من تأمين كتلة برلمانية كبيرة".
الفراغ يتمدد
ورأى الكاتب في صحيفة "النهار" اللبنانية إبراهيم حيدر، أن الخلافات السياسية بين الأفرقاء اللبنانيين بلغت ذروتها، مضيفاً أنه "فيما التعطيل مستمر ويستعاض عن اجتماعات مجلس الوزراء بلجان وزارية، بدا المشهد السياسي والطائفي في البلد مفتوحاً على فصول جديدة من الصراعات تزيد من حدة الانهيار".
وقال: "تتعرض التحالفات السياسية والطائفية لاهتزازات كبرى، بدأت تنذر منذ الآن باحتمال عدم إجراء الانتخابات النيابية في مايو (أيار) المقبل، لا بل تعطيلها بالرغم من الضغوط الدولية لإجرائها، وكذلك عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون".
وتابع "المؤشرات كثيرة على التعطيل الشامل في لبنان، لعل أولها العجز عن إيجاد تسويات داخلية للملفات الخلافية الشائكة، إن كان باشتراط حزب الله عودة الحكومة بتنحية المحقق العدلي طارق البيطار، وكذلك تعطيل المؤسسات ورفض عون التوقيع على الكثير من الموافقات الاستثنائية، بما يعني تمدد الفراغ واستمرار الأزمة".
وقال إن "ما لا يخرج إلى العلن هو المهم في العلاقة بين الطرفين اللذين لا يزالان بحاجة لبعضهما بعضاً في التغطية المتبادلة والمصالح المترابطة، يصوّب التيار العوني على الحزب وهو بحاجة إليه، فيما يعمل الثاني على فصل الملفات تبعاً لحساباته السياسية محلياً وإقليمياً، لذا لن تصل المواجهة الى القطيعة".
وأشار إلى أن تمدد الفراغ هو السمة الغالبة على مجريات الأمور في لبنان، في ظل التعطيل المستمر، وعدم القدرة على إنتاج تسويات حقيقية، مشدداً على أن المشكلة أن لبنان غير مفتوح اليوم على وجهة تطويرية للنظام، لا بل إلى مزيد من الصراعات والتعطيل وتأبيد الانهيار.
توزيع المكاسب
وتساءل الكاتب في صحيفة "الجمهورية" طوني عيسى عما إذا كان جبران باسيل ما زال مرشحاً لحزب الله في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مضيفاً "هناك اقتناع في الأوساط السياسية بأنّ عمق المشكلة الواقعة اليوم بين حليفي حزب الله، المسيحي والشيعي، التيار الوطني الحر والرئيس نبيه بري، عنوانها واحد هو، كيف ستتوزَّع المكاسب في السنوات الـ6 المقبلة، بعد إنهاء الرئيس ميشال عون ولايته؟".
وأضاف "حملات باسيل التي تحمل عنوان الدفاع عن دور المسيحيين يمكن أن تخدمه شعبياً في البيئات المسيحية، مع اقتراب الانتخابات، وهذا الأمر لا يزعج حزب الله طبعاً، لأن خسائر التيار مسيحياً تقطفها القوات اللبنانية وقوى الاعتراض".
وتابع "مصلحة الحزب هي تمكين باسيل من لملمة المسيحيين تحت جناح التيار، لأن ذلك يكفل حصول حزب الله على أوسع تعاطف شعبي مسيحي، ولذلك، يعتقد باسيل أن الحزب لن يتخلّى عنه لا اليوم ولا في الانتخابات النيابية ولا في معركة الرئاسة".
تحضيرات واستعدادات للمواجهة
وقال الكاتب في صحيفة "الشرق الأوسط" يوسف دياب، إن "استعدادات القوى والأحزاب في لبنان، وكذلك مجموعات المجتمع المدني، لخوض الانتخابات البرلمانية تتفاوت بين منطقة وأخرى".
وأضاف "تبدو دائرتا لبنان الشمالي الأولى والثانية، أي طرابلس وعكار أقل حماسة للانتخابات، لأسباب عدة أبرزها عدم وضوح الرؤية بالنسبة للقوى السياسية بعد انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وغياب التحالفات التقليدية التي طالما شهدتها الدائرتان ذات الثقل السني".
وتابع أنه "لا يختلف المراقبون على عقم الأداء السياسي لأحزاب السلطة، إلا أن السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف يلفت إلى أنه من المبكر وقبل دعوة الهيئات الناخبة، معرفة من هي القوى التقليدية التي ستخوض الانتخابات ومن هي القوى التجديدية التي ستواجهها".
وأضاف "إذا كانت المعركة في طرابلس غير واضحة المعالم، فإن واقع منطقة عكار أكثر ضياعاً، وإن بدأت الأحزاب التقليدية في شحن ماكيناتها".
وقال أحد الناشطين في الحراك الشعبي في عكار، إن "قوى الثورة ستخوض الانتخابات في عكار وكل لبنان، تحت عناوين ثورة 17 تشرين (أكتوبر 2017) وشعار كلن يعني كلن"، مشيراً إلى أن المواجهة ليست سهلة مع منظومة السلطة.