صحف عربية: سعيّد يمضي قدماً في سياسته الإصلاحية والنهضة تناور دون جدوى
الامناء/وكالات:

عمدت الولايات المتحدة منذ اللحظة الأولى لتبني الرئيس التونسي قيس سعيد للقرارات المصيرية حول تعليق عمل البرلمان، وإقالة الحكومة إلى ضرورة التعجيل بالعودة إلى الديمقراطية في أسرع وقت، في حين تشبث الرئيس التونسي بتلك القرارات وحذر من بث الإشاعات والترويج للمغالطات.
ووفق صحف عربية صادرة اليوم الأحد، فإن قضية الإسراع بتعيين رئيس حكومة الشغل الشاغل للرئيس التونسي غير أن قيس سعيّد رافض بشدة لأيّ تدخل أجنبي في الموضوع.
خلاف عميق
كشفت إميلي هورن، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، أمس السبت، عما تمخضت عنه الزيارة التي قام بها وفد أمريكي رفيع المستوى إلى تونس، والتي عكست حسب مراقبين بوادر خلاف عميق بين الطرفين في تقييم الوضع السياسي السائد حالياً في تونس، وفق ما ذكرته صحيفة "الشرق الأوسط".
ويرى مراقبون أن الزيارة الأمريكية ستسلط مزيداً من الضغوط على الرئاسة التونسية من أجل توضيح الرؤية السياسية، وحسم وضعية البرلمان المنتخب والمجمد بقرار رئاسي، خاصة أن الإدارة الأمريكية أعربت أيضاً عن الحاجة الملحة لتعيين رئيس حكومة مكلف، خلفاً لهشام المشيشي الذي أقيل من منصبه، وطالبت بتشكيل حكومة جديدة بإمكانها معالجة الأزمات الاقتصادية والصحية العاجلة، التي تواجهها تونس.
في المقابل، قدمت الرئاسة التونسية وجهة نظر مختلفة، وقالت إن الرئيس سعيد حذر الطرف الأمريكي من محاولات بث الإشاعات، وترويج المغالطات حول الأوضاع في تونس، مشيراً إلى أن التدابير الاستثنائية التي تم اتخاذها قبل نحو ثلاثة أسابيع "تندرج في إطار تطبيق الدستور التونسي، وهي تستجيب لإرادة شعبية واسعة، لا سيما في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واستشراء الفساد والرشوة في البلاد". وبهذا الخصوص قال سعيد مطمئناً الجانب الأمريكي: "لا يوجد ما يدعو للقلق على قيم الحرية والعدالة والديمقراطية التي تتقاسمها تونس مع المجتمع الأمريكي".
نظرة غربية قاصرة
يقول الكاتب يوسف رمضاني في مقال له بصحيفة "العرب" اللندنية، يحاول الغرب أن يفهم ما تشهده تونس من تطورات بعد قرار الرئيس قيس سعيد تعليق نشاط البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة من مهامه. ولكنه يبدو أن الغرب لا يطرح الأسئلة الحقيقية ولا يرى الصورة كاملة دون نقصان.
ويضيف رمضاني، "لم ينجح الغرب في رصد المتغيرات الجوهرية التي شهدتها البلاد منذ الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بنظام حكم الرئيس زين العابدين بن علي سنة 2011 بعد فترة حكم طويلة". ولم يستطع الغرب أن يفهم أن القراءة الشكلانية للديمقراطية، وهي قراءة تركز أساساً على التصويت في الانتخابات، لا تأخذ بعين الاعتبار ضرورة بناء المؤسسات في الديمقراطيات الناشئة وكذلك أهمية أن تواكب المسارَ السياسي حوكمة رشيدة وتطور اجتماعي واقتصادي ملموس.
وقال الكاتب الصحافي، إن مصلحة التونسيين تستدعي أن يتأنى الغرب في قراءته للوضع في البلاد ويتمعن في خلفياته وتعقيداته. ولكن الطريق إلى ذلك لن تكون معبدة. وأضاف، على سبيل المثال، لخصت مبعوثة "نيويورك تايمز" انطباعاتها خلال زيارة لتونس مؤخراً بالقول "لم يكن هناك إحساس بالخوف على مصير الديمقراطية التونسية. كنت أشعر وأنا أتجول بغيابها (الديمقراطية) مثل الشعور بأن عضواً من الجسد مازال موجوداً حتى بعد فقدانه".
أوهام النهضة
من جهته يقول الكاتب الهاشمي نويرة في مقال له بصحيفة "البيان" الإماراتية، "ثلاثة أسابيع مرّت على تاريخ 25 يوليو (تموز) ولكنّها لم تكن كافية لحركة النهضة الإخوانية كي تُقنع من تتوهم أنهم من داعميها إقليمياً ودولياً بسلامة مواقفها وسياساتها وفشلت بالتالي كل مساعيها في جرهم إلى صفها. وجاءت جل المواقف الدولية والإقليمية داعمة للشعب التونسي ولإصلاح منظومة الفساد التي ركزتها النهضة الإخوانية وشركاؤها وأكدت هذه المواقف وآخرها الخارجية الأمريكية أن الشعب التونسي جدير بِحكمٍ "صادق وفاعل وشفّاف وديمقراطي" وهي مواصفات يُجمع الملاحظون والأطراف السياسية في تونس على أنّها كانت الغائب الأكبر في منظومة النهضة الإخوانية".
ويؤكد نويرة، أن ما قد تراه هذه الأخيرة - وهي واهمة في ذلك - ضغطاً دولياً مسلّطاً على الرئيس التونسي قيس سعيد هو واقع الأمر مطلبية تونسية بحتة وجه بشأنها الرئيس سعيد رسائل طمأنة عديدة للتونسيين ولغيرهم ومن ذلك "الحثّ على العودة السريعة للحياة البرلمانية" و"الحاجة الملحة إلى تعيين رئيس حكومة" يكون قادراً مع فريق عمله على تجاوز الأزمة الاقتصادية وخلق الظروف الملائمة لتوفير "مساحة لحوار شامل حول الإصلاحات الدستورية والانتخابية المقترحة استجابة للمطالب التي أعرب عنها العديد من التونسيين على نطاق واسع" بحسب ما جاء في بيان الخارجية الأمريكية أمس الأول.
وأضاف، من الواضح إذن أن واشنطن كما غيرها ينظرون إلى منظومة "الإخوان" كمنظومة منتهية الصلاحيات، وهُم لذلك يدفعون باتجاه فتح الحوار وتوسيع المشاركة إلى المجتمع المدني من أجل وضع حجر الأساس لمنظومة سياسية يقبل بها التونسيون. 
ترحيب واسع
قالت صحيفة "الاتحاد" الإماراتية، إن الإطاحة بحركة "النهضة الإخوانية" في تونس لاقت ترحيباً واسعاً ليس فقط من التونسيين، بل من معظم الدول العربية والإسلامية، الذين يتهمون "الإخوان" بنشر الفوضى وعدم الاستقرار في العالم العربي.
وعبّرت الصحفية البحرينية سوسن الشاعر، عن ارتياحها لطرد "إخوان تونس"، وقالت: إن ذلك يجب أن يكون بمثابة تذكير لجميع العرب بأن أحزاب "الإسلام السياسي" لا تهتم بأي شيء سوى الوصول إلى السلطة.
وتابعت: "لقد اكتشف العرب أن هذه الأحزاب ليس لديها برنامج تنموي أو رؤية مستقبلية، والمشروع الوحيد لديهم هو الوصول إلى موقع صنع القرار والاستيلاء على السلطة، والأحزاب الدينية لا تعترف بحدود سيادية، دستور الدولة وقوانينها وأنظمتها، وفي جميع الدول العربية التي وصلت فيها هذه الأحزاب إلى مواقع صنع القرار، تجاوزت كل الأطر الدستورية والسياسية، ولا يرون في ذلك عيباً". بدوره، صرح الصحفي والكاتب السعودي، عبد الرحمن الراشد، أنه لم يفاجأ بسقوط "الإخوان" في تونس. وكتب الراشد قائلاً: "لقد ارتبط الإخوان بالفوضى والاغتيالات بمجرد أن يكونوا في الحكومة"، وأضاف: "الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي جاءت لإنقاذ البلاد قبل الانهيار، في الواقع ما يفعله هو إنقاذ النظام التونسي وتونس البلد من الفوضى التي بدأت".
ونقل معهد "جتيستون" عن الصحفي السعودي، عبد العزيز خميس خميس، أن سبباً آخر لفشل الإخوان في تونس هو أنهم "فشلوا في الإيمان بالديمقراطية بمعناها الحقيقي، بما في ذلك حرية الإعلام، واستقلال القضاء، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية".

متعلقات
محكمة شرق المكلا الابتدائية تصدر حكمين في قضايا جنائية
تعز .. قيادات عسكرية إخوانية تقتحم المؤسسات وتنهب أملاك المواطنين وتفرض عليهم الجبايات
تقرير : لماذا استعصت حضرموت بترويضها للدخول في عملية التسوية السلمية للصراع اليمني الجاري ؟
حملة لضبط اسعار الأسماك في المعلا
مقتل إسرائيلي وجرح آخر في إطلاق نار بالضفة الغربية