صحف عربية : لبنان قد ينزلق إلى المواجهات الطائفية
الامناء/وكالات:

تتفاقم الأزمات في لبنان يوم بعد يوم، ما ينذر بتجدد الاقتتال الأهلي في أراضيه، خاصة في ظل اشتداد وتيرة الضائقة الاقتصادية والمالية خلال الفترة الماضية، وبعد أن باتت الاحتجاجات وقطع الطرق مشهداً مألوفاً في الشارع اللبناني.
ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم السبت، فإن حظوظ رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي لن تكون أفضل من حظوظ سعد الحريري، وقد تدخل البلاد في مرحلة جديدة من الخلاف السياسي.

موقف سعودي حاسم
ورأى الكاتب علي الصراف أن الموقف الذي اتخذته السعودية حيال الأزمة في لبنان حاسم للغاية، لأن الأوضاع المأساوية في هذا البلد يجب أن تتوقف عند حد.
وقال الصراف في مقاله بصحيفة "العرب" إن "السعودية غسلت يديها من كل طواقم السياسة في لبنان، بمن فيهم ابنها البار سعد الحريري. وقررت الامتناع عن تقديم أي مساعدات للبنان، ما بقي حزب الله هو الحاكم الفعلي في البلاد، وما بقيت طواقم السياسة فيه تأخذ دوره الحاسم في صنع القرار بعين الاعتبار".

وأشار إلى أن "لبنان، من وجهة نظر السعودية، بلد خاضع لاحتلال كتيبة من كتائب الحرس الثوري الإيراني. معظم اللبنانيين يتبنون وجهة النظر نفسها، إلا أنهم لا يريدون، لأسباب حياتية، التعامل مع بلدهم كقطعة أرض محتلة من جانب إيران، وأن الحرب التالية ستكون حرب تحرير يخوضها كل ضحايا الجنرالين عون ونصرالله، من مسلمين ومسيحيين ودروز وأقليات أخرى، ضد الاحتلال الإيراني لبلدٍ ما كان لطبيعته أن تتحمله من الأساس".

وشدد الصراف على أن "طبقة البيض الفاسدة هذه تريد أن تحكم، بمال الغير أيضاً لا تسأل أين ذهب الحياء. إنها تريد أموال دعم خارجية لإقالة لبنان من محنته الاقتصادية، من دون أن تتخلى عن سلطة صنع القرار. تريد أن تأتي برئيس وزراء “مقبول” ويمكنه تسويق طلب المال، ولكن بحكومة يتم تسمية وزرائها من قبل عون ونصرالله وجبران باسيل، وهذا وضع بائس ومخز إلى درجة لم تبق مزيداً من الخذلان. ولقد حان الوقت بالنسبة إلى السعودية أن تقول كفى، وأن تغسل يديها من لبنان، حتى يتحرر من سلطة الكتيبة التابعة للحرس الثوري الإيراني".

بروتس السني
فيما اعتبر الكاتب راجح الخوري، أن نجيب ميقاتي لن يجد فرصاً أفضل إلا إذا قرر أن يلعب دور "بروتس السني" الذي يطعن في ظهر زملائه، وخصوصاً أن رئيس الوزراء اللبناني الأسبق تمام سلام خرج من الاستشارات ليقول أيضاً "نسمي ميقاتي بناءً على الاتفاق الحاصل بيننا يوم أمس"، أي سلوك مسار الحريري.

وقال الخوري في مقاله بصحيفة "الشرق الأوسط" إنه على هامش هذا الوضع المفعم بالتعقيد، "كان عون قد قال إن ميقاتي يتحلى بالليونة ويجيد تدوير الزوايا، موحياً بتغيّر في مسألة توزيع الحقائب الوزارية، ولكن أي زوايا تلك المتعلقة بشروط عون، التي سبق أن أفشلت مهمة السفير مصطفى أديب رغم الأجواء الضاغطة، التي كانت سائدة بعد انفجار المرفأ وتدمير بيروت ومبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون، والتي جاءت بعد فراغ حكومي طويل ولبنان ينهار بكل مقوماته الحياتية، ثم عادت وأفشلت مهمة الحريري بعد تسعة أشهر على تمسك عون بشروطه".

وأشار خوري إلى أنه "كان واضحاً من خلال الخلفيات السياسية لمواقف رئيس الجمهورية، أن المطلوب رئيس حكومة يوافق على كل شروطه في التأليف لجهة الحصص والحقائب والأسماء، وهكذا بدأ ميقاتي يتعثر على طريق بعبدا ويخرج متجهماً من اجتماعه مع عون، وفي موازاة ذلك وبعد أيام على تكليفه أطل وزير عوني سابق لشؤون رئاسة الجمهورية على محطة «أو تي في» ليقول إذا استمر ميقاتي على نهج الحريري وإذا أراد البقاء على شروطه بيطير مثل ما طار الحريري"
وتساءل الكاتب "متى يطير ميقاتي، فقد بات واضحاً أن أي حكومة لا تلبي الشروط الآتية، لن تحظى بتوقيع عون، وهذه الشروط هي: أن يحصل على الثلث المعطل مباشرة أو مداورة. أن يسمي الوزراء كلهم بالتشاور مع ميقاتي، وأن تكون له الكلمة الفصل في تسمية كل الوزراء المسيحيين؟".

حرب عون
فيما ذكرت صحيفة "النهار" أن رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون يخوض حربه وكأنها الأخيرة على وقع الانهيار الشامل في البلد، أولاً لضمان مستقبل صهره رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، وثانياً، للإمساك بعملية تشكيل الحكومة وقرارها من خلال الثلث المعطل أو الضامن وحتى تسمية 9 وزراء من أصل 24 وزيراً في الحكومة المقترحة، وثالثاً عدم التنازل عن الصلاحيات التي تكرّست بالأمر الواقع وصولاً إلى إدارة الفراغ والبقاء في قصر بعبدا اذا استدعى الأمر ولم تتشكل الحكومة في البلاد.

وأوضحت الصحيفة أن ميشال عون، وجه الرئيس المكلف الجديد نجيب ميقاتي، بالشروط ذاتها التي واجه بها سلفه السابق سعد الحريري الذي اعتذر بعد 9 أشهر من تكليفه ولم يستطع التوصل إلى تسوية مع رئيس الجمهورية الرافض أصلاً لترؤسه الحكومة، حيث عمل عون من خلال تشدده واستعصاءاته على دفع الحريري نحو الاعتذار.

وأكدت صحيفة "النهار" أن "الطرف الأقوى بين القوى التي تخوض معارك لتثبيت السيطرة في المعادلة اليوم، هو "حزب الله". بتحالفه مع عون، وتمايزه عنه في العلاقة مع الطرف الآخر من "الثنائي الشيعي" حركة "أمل"، يريد الحفاظ على معادلة النظام القائمة وإعادة انتاجها، بهدف الحفاظ على هيمنته في السلطة الممسك بها سياسياً وبفائض القوة ميدانياً وعسكرياً. التوقف عند سياسة "حزب الله" في الملف الحكومي وفي النظام والسلطة، مسألة أساسية تحدد المسار الذي سيسلكه البلد في المرحلة المقبلة، انطلاقاً من أنه يخوض معارك لحسابات إقليمية، بصرف النظر عن المواجهة مع إسرائيل، والتي هي أيضاً تدخل في الاعتبارات المتعلقة بتحسين الشروط الإيرانية في المفاوضات، ثم رفض المجتمعين العربي والدولي لمشاركته في الحكومة".

كما أكدت الصحيفة أنه "لا حل سحرياً لأزمات لبنان، فالطبقة السياسية المسؤولة عن الانهيار وسياساتها التي وضعت البلد في أتون صراع المحاور ورهنته للخارج، لن ينقذها تدخل دولي عاجل كما كان يحصل في السابق. ليس ممكناً اليوم العودة إلى ما كان عليه الوضع السائد قبل سنوات، وأحد أسباب الانهيار السريع هو التسوية التي أوصلت ميشال عون إلى الرئاسة في عام 2016، والتي دخلت فيها كل الأطراف بما فيها سعد الحريري الذي اعتبر أنه أخطأ فيها، وهي التسوية التي كرّست هيمنة طرف قوي على لبنان".

مواجهات طائفية
ومن جانبها قالت صحيفة "الاتحاد" إن نهاية الأفق للفراغ الحكومي في لبنان لا تبدو ظاهرة حتى الآن، حيث تصطبغ الأزمة في هذا البلد بطابع طائفي على نحو متزايد، ما يثير مخاوف من إمكانية تجدد الاقتتال الأهلي في أراضيه، خاصة في ظل اشتداد وتيرة الضائقة الاقتصادية والمالية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في الأسابيع القليلة الماضية، تواترت تقارير عن تولي ميليشيات بعينها حراسة بعض المنشآت التجارية ومحطات الوقود في المناطق الخاضعة لسيطرة مسلحيها، ما يعيد إلى الأذهان، ولو جزئياً، الوضع الذي ساد في فترة الحرب الأهلية، التي عصفت بلبنان بين عاميْ 1975 و1990.

ونقلت الصحيفة عن محللين غربيين أن إمكانية انزلاق لبنان من جديد، إلى ساحة المواجهات الطائفية المسلحة، يمثل أمراً يرتبط بتاريخه المأساوي، فضلاً عن التطورات المحتملة للأزمة الحالية، التي تتسم بخطورة تكفي لقرع أجراس الإنذار بالنسبة للغرب، الذي تنشغل حكوماته بتدبير الموارد اللازمة، لمواجهة التبعات الاقتصادية المدمرة، لاستمرار تفشي وباء كورونا للعام الثاني على التوالي.

وأبدى المحللون استغرابهم لغياب أي صورة من صور المحاسبة للمتسببين للأزمة الحالية في لبنان، سواء كانوا من الشخصيات السياسية أو المسؤولين عن المؤسسات المالية والاقتصادية، فبعد 18 شهراً من الانهيار، لم يُحاسب أحد، ولم يتنحَّ أحد عن منصبه، لا الساسة ولا حاكم مصرف لبنان، ولا من يتولون إدارة المصارف الخاصة.

وبفعل التردي المتواصل في الأوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية على الساحة اللبنانية، صار الكثيرون يطرحون الآن تساؤلا مفاده: إلى متى يمكن لمؤسسات الدولة اللبنانية، وربما الدولة نفسها، البقاء؟.

متعلقات
عاجل: إصابة ترامب في إطلاق النار في تجمع انتخابي في بنسلفانيا
كهرباء عدن توضح حول انقطاع التيار الكهربائي في مديريتي الشيخ عثمان ودار سعد
صحيفة بريطانية : الشروط المسبقة تعيد مفاوضات الحوثيين والشرعية في اليمن إلى نقطة الصفر
مسؤول بنكي يكشف عن صرف مبالغ مالية هائلة لمسؤولين في الخارج دون أي أعمال حكومية
القيادية فيتنام العلوي تدعو الحكومة الشرعية إلى الكف عن ممارسات الإذلال للشعب الجنوبي