إلى ماذا ترمي القرارات؟ ولماذا الآن؟
هكذا أعاد لملس الاعتبار لأقدم إعلام بالجزيرة العربية
باحشوان لـ"الأمناء": قرار المحافظ لملس رد اعتبار لكوادر الجنوب التي أقصيت عقب حرب 94م
وصف كثير من المتابعين، لا سيما أبناء الجنوب، القرارات الأخيرة لمحافظ العاصمة عدن - رئيس المجلس المحلي، الأمين العام لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، الأستاذ أحمد حامد لملس - بالتاريخية، معتبرين أنها خطوة هامة لإعادة إعلام الدولة للواجهة بعد التهميش والإقصاء المتعمدين التي تعرضت لها مؤسسات الدولة في الجنوب.
والخميس المنصرم، أصدر محافظ العاصمة عدن الأستاذ أحمد لملس، قرارًا بتشكيل فريق عمل مؤقت لتقييم وإعادة تشغيل قناة عدن الفضائية بالعاصمة عدن استنادًا إلى صلاحيات السلطة المحلية في هذا الشأن، وحرصًا منها على انتشال أوضاع العاصمة عدن في مختلف المجالات، وإلى ما تقتضيه المصلحة العامة، حيث قضت المادة (1) بتشكيل فريق عمل مؤقت لتقييم وإعادة تشغيل قناة عدن الفضائية، واستئناف نشاط عملها، والمكون من (صلاح عبدالله العاقل، مستشار محافظ عدن للشؤون الإعلامية، و م.محمد أحمد غانم، مستشار المحافظ لشؤون الإذاعة والتلفزيون، و م.فضل علي الدقم، نائب رئيس القطاع للشؤون الفنية والهندسية)، فيما قضت المادة (2) بالعمل بهذا القرار اعتبارا من تاريخ صدوره.
كما أصدر المحافظ لملس عدداً من القرارات بتكليفات لإدارة عدد من الوحدات الإدارية ومؤسسات الدولة بالعاصمة عدن، حيث كلف عيدروس عبدالله باحشوان بتسيير أعمال مؤسسة 14 أكتوبر وممارسة مهام وصلاحيات رئيس مجلس الإدارة، رئيساً للتحرير، كما كلف الدكتورة صفاء عبدالله عوض معطي مديراً عاما للجهاز المركزي للإحصاء فرع عدن، وكلف عرفات محمد علي قاسم مديراً عاما لمكتب الشباب والرياضة، إلى جانب تكليف محمود نجيب ثابت بن جرادي مديراً عاماً لمديرية صيرة.
وألزمت قرارات التكليف كافة الجهات المعنية وذات العلاقة بالعاصمة عدن اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذها والعمل بها من تاريخ صدورها.
إلى ماذا ترمي هذه القرارات؟
سياسيون ومراقبون اعتبروا قرارات المحافظ لملس أنها ترمي إلى إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة في الجنوب التي تعرضت خلال السنوات الماضية - خصوصًا منذ إعلان ما تسمى بـ"الوحدة اليمنية" في 21 مايو / ايار 1990م - للتهميش والإقصاء المتعمدين من قبل نظام صنعاء.
وقالوا، في تصريحات خاصة لـ"الأمناء": "قرارات لملس لها دلالاتها التاريخية"، مثمنين تلك الخطوات الشجاعة.
كما وصفوا قرارات لملس بأنها تنتصر للجنوبيين وتطلعاتهم، مشيرين إلى أنها قرارات تُمهد لفك ارتباط الجنوب بمنظومة صنعاء، وتعيد ترتيب الوضع الداخلي.
وأكدوا أن قرارات لملس التاريخية تُمثل انتصارا حقيقيا لتطلعات وآمال شعب جنوبي.
واختتم السياسيون والمراقبون تصريحاتهم لـ"الأمناء" بالقول: "قرارات لملس ترمي إلى إعادة ترتيب الوضع في العاصمة عدن وتثبيتها كعاصمة سياسية للجنوب". معتبرين تلك الخطوات بأنها "جريئة وشجاعة على طريق بناء وتفعيل مؤسسات الدولة لإنهاء الارتباط بمنظومة صنعاء تمامًا".
إعادة الاعتبار لأقدم إعلام بالجزيرة العربية
وفيما يخص قرار المحافظ لملس بتشكيل فريق عمل مؤقت لتقييم وإعادة تشغيل قناة عدن الفضائية عدن واستئناف عملها، وكذا قراراه بإعادة نشاط مؤسسة 14 أكتوبر، أكد السياسيون والمراقبون أنها قرارات تهدف إلى إعادة الاعتبار لأقدم إعلام بالجزيرة العربية.
وأكدوا أن المحافظ لملس يسير في الاتجاه الصحيح بقراراته التي أعادت الاعتبار والقيمة للمؤسسات الإعلامية التي تُعد الأقدم على مستوى الجزيرة العربية، والمُتمثلة بقناة عدن الفضائية، ومؤسسة 14 أكتوبر.
وأشار السياسيون والمراقبون، في تصريحات خاصة لـ"الأمناء"، إلى أن قرارات المحافظ لملس تعتبر البداية نحو إصلاح مسار المؤسسة الإعلامية الجنوبية التي عانت من غياب الخبرات الإعلامية والصحفية والتي ستقودها نحو آفاق رحبة في ظل المتغيرات الحياتية التي تشهدها العاصمة الجنوبية عدن، وباقي محافظات الجنوب المحررة.
واعتبروا، في ختام تصريحاتهم، أن المؤسسات الإعلامية الجنوبية كانت بحاجة ماسة للاهتمام وإعادة تشغيلها بعد الممارسات الممنهجة من قبل الشرعية اليمنية، التي يسيطر على مفاصلها حزب الإصلاح، وتوقيفها المُتعمد، وإهمالها.
رد اعتبار لكوادر الجنوب
في سياق متصل، قال رئيس مجلس الإدارة، ورئيس تحرير مؤسسة 14 أكتوبر، المُعين حديثُا، الأستاذ عيدروس عبدالله باحشوان، عن استقباله لقرار التكليف، ونيل ثقة القيادة السياسية: "قرار المحافظ أحمد حامد لملس يحمل في طياته الكثير من المعاني والرسائل منها وفي مقدمتها رد الاعتبار للكوادر الجنوبية التي أقصيت وهمشت عقب حرب 1994م، ومنحها الثقة مجددا لتولي إدارة شئون الجنوب وتصحيح الأضرار والاختلالات التي شابت كل مفاصل منظومة العمل في العديد من المرافق".
وأضاف باحشوان، في تصريح خاص لـ"الأمناء": "قرار المحافظ لملس زادني عزمًا على المضي قدماً في مسيرة حياتي الصحفية وتقديم كل بوسعي للجنوب ونصرة قضيته".
وعن أول الخطوات التي يعتزم القيام بها، أشار باحشوان، وهو رئيس تحرير صحيفة وموقع (عدن تايم)، وأحد الصحافيين الجنوبيين المخضرمين، قال: "منذ أيام مضت عندما بلغني الترشيح لتسيير أعمال المؤسسة وحتى الساعات الماضية وأنا في حالة تشاور مع خيرة الزملاء والعاملين في المؤسسة ووضعها والمتطلبات والاحتياجات الضرورية، وفور وصولي إلى العاصمة عدن، كوني كنت في رحلة علاج، بالتأكيد هناك من الأولويات لتصحيح الأوضاع التي تتطلب وقتا وتستدعي تكاتف الجميع والعمل لإعادة بريق أكتوبر، المؤسسة والصرح الإعلامي والمدرسة الصحفية".
وفيما يخص أهم الصعوبات التي ستعيق عمل إعادة صحيفة 41 أكتوبر وكيفية تجاوزها، أكد باحشوان أن "الصعوبات نعرفها منذ أوقات سابقة، وتجاوزها مرهون بالدعم اللازم لتذليلها وبالنوايا الصادقة للعاملين".
وتابع: "يحتاج إعادة صحيفة 14 أكتوبر إلى سابق عهدها إلى الوقت الطويل، لكن إذا ما صدقنا وصدقت النوايا الحسنة من الجميع ورمي مخلفات المضي سنختزل الوقت الطويل".
واختتم باحشوان تصريحه لـ"الأمناء" بالقول: "شكرًا لمحافظ عدن الأستاذ أحمد حامد لملس على هذه الثقة الكبيرة ولن نكون إلا كما عهدتمونا مخلصين للرسالة مهنيًا وأخلاقيًا، وأدعو منتسبي المؤسسة إلى التفاؤل بمستقبل أفضل، وإعادة بريق أكتوبر ليس ببعيد".
ويُعد باحشوان من أسرة عدنية جنوبية عريقة، ويحظى بحب واحترام وتقدير الجميع، لما يتسم به من دماثة أخلاق وحسن سيرة وكفاءة عالية وخبرة واسعة في المجال الصحفي والإعلامي منذ بدء دخوله بلاط صاحبة الجلالة في الجيش الجنوبي، ويمتلك رصيدا عمليا طويلا أهمها (بكلاريوس صحافة 1977م بأوكرانيا، وماجستير صحافة 1982م بأوكرانيا، ولديه عدة دورات تدريبية في كل من (براغ 1985م، وموسكو 1989م، وبيروت 2018م)، ويمتلك خبرات عملية عديدة أهمها (سكرتير تحرير صحيفة الراية العسكرية 1982م، ومدير تحرير صحيفة الراية 1990م بعدن، ومدير تحرير مجلة الجيش اليمني صنعاء 1993حتى 1994م، ومحرر أول لصحيفة الأيام 1996 ثم سكرتير تحريرها حتى 2009م، ومشرف عام لصحيفة الأمناء 2010 حتى عام 2014م، ورئيس تحرير صحيفة عدن تايم الأهلية 2015م).
لمحة تاريخية عن قناة عدن وصحيفة 14 أكتوبر
تأسست قناة عدن في عام 1964م، وتُعد الأقدم على مستوى الجزيرة العربية، حيث بدأ بثها في 11 سبتمبر 1964م (أبيض وأسود) والذي جاء عقب قيام ثورة 14 أكتوبر 1963م أي بعد قيام الثورة بعام، واقتصر الإرسال التلفزيوني عند التأسيس على تغطية الأحياء الآهلة بالسكان في مدينة عدن، وبالذات حيث يتواجد جنود وعائلات القوات البريطانية (وذلك باستخدام جهازي إرسال قوة كل منهما 100 وات الأول في منطقه التواهي والآخر في جبل كريتر إضافة إلى جهازين تقوية فئة 10 وات في منطقة صلاح الدين وحي كريتر).
وبعد تحقيق الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 67م أولت الحكومة الجنوبية اهتماما خاصا بجهاز التلفزيون باعتباره واحدا من أهم وسائل الإعلام الجماهيري نشرا للعلم والمعرفة وغرس القيم الجمالية الراقية.
ومرت قناة عدن بمرحلة تطوير عديدة، وحتى مارس 2008م، والذي بدأت فيه البث الفضائي على مدار القمر عرب سات، حتى تعرضت للتوقف بعد حرب 2015م التي شنتها ميليشيا الحوثي، وأتباع صالح على الجنوب، وعاصمته عدن، والتي استمر توقفها حتى اللحظة.
أما مؤسسة 14 أكتوبر للصحافة والطباعة والنشر والإعلام، فقد تأسست في 1 يناير 1968م، وتُعد أول مؤسسة وصحيفة جنوبية حكومية تصدر من العاصمة الجنوبية عدن.