فضيحة من العيار الثقيل..
تحقيق بملف النيابات العسكرية لتعيين مدنيين ومدرسين واصحاب مهن بالقضاء العسكري
من وراء تعيين (44) مدنيًا بالقضاء العسكري واعطاءهم رتب عسكرية؟
وما علاقة وزارة الدفاع بذلك؟ وعلى ضوء ماذا مُنحوا رُتب عسكرية؟
"الأمناء" تقرير خاص:
كشفت مصادر خاصة عن وجود تحقيق بملف النيابات العسكرية نظراً لتعيينات تمت لمدنيين ومدرسين واصحاب مهن خاصة في القضاء العسكري.
واشارت المصادر إلى أن الفساد واستغلال النفود والتدخلات الحزبية كانت قد طالت القضاء العسكري مؤخراً، وكُشف عنها على خلفية البلاغات التي كانت قد تقدمت بها قيادات بالقضاء العسكري الى النائب العام، فضلاً عن ما اثارته الكثير من المواقع الاخبارية ومنها مركز فري ميديا للصحافة الاستقصائية عن فضيحة لم يسبق لها مثيل كان محورها الناطق الاعلامي ومدير مكتب قائد الفرقة الاولى مدرع العميد عبدالله الحاضري - محامي عام النيابات العسكرية، والذي اقدم بتاريخ 10/ 2 / 2018م على تقديم معلومات وبيانات كاذبة ومغلوطة الى مجلس القضاء الاعلى بشأن ترشيح (44) شخصاً على انهم ضباط في الامن والدفاع ولديهم رتب عسكرية مختلفة لتولي النيابات العسكرية في السبع المناطق العسكرية مع تأكيده بتوفر الشروط القانونية فيهم وفق قانون الاجراءات العسكرية رقم (7) لعام 1996م والقانون رقم (24) لعام 2008م والقانون رقم (1) لعام 1991م للسلطة القضائية، في حين افتقر من تقدم (الحاضري) بترشيحهم لمجلس القضاء الاعلى للشروط الواردة في القانون، الامر الذي تسبب معه في صدور قرار من مجلس القضاء رقم (22) لعام 2018 بشأن تعيين من تقدم بترشيحهم (الحاضري) وعددهم (44) شخصاً مدنياً للقضاء العسكري، وبناء على هذا القرار تم اعطاءهم رتب عسكرية وضمهم للسلك العسكري الذي لا ينتمون اليه بالاصل، وهذا ما اكده (الحاضري) بصدور قرار رئاسي فيهم بمشاركة وزير الدفاع مع منحهم الرتب العسكرية.
من جانبها، اكدت مذكرة صادرة عن رئيس هيئة القوى البشرية بدائرة شئون الضباط بوزارة الدفاع في تاريخ 2 / 2 /2019م ومذكرة اخرى رقم (389) والصادرة بتاريخ 18 / 10 /2020م اثناء اجراء التحقيقات بالبلاغات المقدمة، بأن (12) اسماً ممن تم تقديمهم من قبل (الحاضري) الى مجلس القضاء فعلاً لا ينتمون للمؤسسات العسكرية وانهم مدنيين يعملون بسلك التدريس ومهن اخرى خاصة.
وفيما تبدأ القائمة التي تعد المجموعة الثالثة باسم محمد حسان علي عبدالله وتنتهي باسم مشدل محمد عمر المشدلي، ومرفق بها طلب رئيس هيئة القوى البشرية بدائرة شؤن الضباط بشأن ملفاتهم وشهادات تخرجهم وتاريخ انضمامهم للمؤسسات العسكريه والدورات التي تحصلوا عليها، فان قائمة السبعه والتي تبدأ باسم فراس عبدالله الشدادي وتنتهي باسم عبدالله صالح البعداني تعد المجموعه الثانية التي تم تعيينها بعد صدور القرارات فيهم من مجلس القضاء والرئاسة.
من جانبه كان تقرير استقصائي صادر عن مؤسسة فري ميديا (MEDIA FREE) للصحافة الاستقصائية، قد اشار بان عبدالله الحاضري كان يهدف من تلك التعيينات لاجتثات قضاة القضاء العسكري المؤسسين له والذين يمتلكون الخبرات والمؤهلات العلمية والعملية المطلوبة، فكان له ما اراد مستغلاً نفوده بالتدليس والتزوير والادلاء بمعلومات كاذبه امام اعلى سلطة قضائية، وتعد تلك الافعال وقائع يجرمها القانون بل وانتهاكاً صارخاً لاستقلال القضاء واستغلال لنفوذ الوظيفة عن طريق تقديم تلك البيانات المغلوطة.
فيما لفتت مصادر اخرى مطلعه بانه كان من الاحرى بمجلس القضاء الاعلى ان يعتمد الالية القانونية الصحيحة في التعيين بالقضاء العسكري بدلاً من الاعتماد على الثقة العمياء فيما رفعه عبدالله الحاضري للمجلس بدون التأكد مما قدمها من ملفات وبيانات تم الاكتشاف لاحقاً بانها مغلوطه شكلت ضرراً فادحاً بمنظومة العدالة وبمبدأ سيادة القانون، بل واوضحت مدى انحراف المجلس عن مساره الصحيح في فرض مبدأ استقلالية وحيادية ومهنية وهيبة القضاء، حيث اصبحت قوة النفود والمحاصصة الحزبية والمحسوبية هي المعيار الذي ساهمت تلك التعيينات في اثباته وعاملاً مساعداً في اجتثات القضاء العسكري من جذوره، خصوصاً عقب تدخل وزير الدفاع في تلك التعيينات بالقضاء العسكري الذي كان مؤمل فيه، لاسيما في ظل المرحلة الحرجة والظروف التي تمر بها البلاد، وبان يكون القضاء العسكري قضاءاً راسخاً وحامياً للعدالة وراعياً للمصلحة العسكرية والأمنية وان تكون رسالته مكرسة في سبيل السعي لضمان تحقيق العدالة ورعاية وحماية الاستقرار والحفاظ على هيبة المؤسسات العسكرية والأمنية ورعاية مصالحها في إطار بيئة مؤسسية مستقلة ونزيهة تديرها كوادر مؤهله وتعمل بمهنية وكفاءة عالية لضمان سيادة القانون في مجال القضاء العسكري، وهو الامر الذي انحاز عنه (الحاضري) بحسب المصادر من خلال قيامه برفد القضاء العسكري بكوادر بعيدة كل البعد عن المؤسسات الأمنية بل وتفتقر لاغلب واهم شروط التعيين وفي مقدمتها الانتماء للمؤسسات العسكرية الى جانب المؤهلات العلمية والعملية، فضلاً عن ذلك فقد خضعت تلك التعيينات للولاءات والمحسوبية والمصالح الشخصية والحزبية الضيقة بغية ايجاد قضاء عسكري هش وضعيف يتم معه تدمير المؤسسات العسكرية وتدمير القضاء العسكري المؤمل عليه النظر في الجرائم الذي ارتكبت خلال فترة الحرب، والادهى والامر من ذلك قيام مجلس القضاء الاعلى بمساعدة (الحاضري) في تنفيذ مخططه، وهو الامر الذي يتطلب معه اليوم - حسب المصادر - ضرورة الوقوف مجدداً على تلك التعيينات من قبل مجلس القضاء الاعلى ومؤسسة الرئاسة واعادة النظر فيها ومحاسبة كل من كان له ضالعاً فيها، بهدف انقاد المؤسسات العسكرية من المتسلقين في القضاء العسكري وحمايته لأجل مصلحة الوطن والمصلحة الوطنية.
يشار الى ان من اهم الشروط القانونية للتعيين في سلك القضاء العسكري والواردة في قانون الاجراءات العسكرية رقم (7) لعام 1996م والقانون رقم (24) لعام 2008م والقانون رقم (1) لعام 1991م للسلطة القضائية: بان يكون من يجري تعيينه حاصلاً على شهادة في الحقوق او الشريعة والقانون وشهادة المعهد العالي للقضاء وشهادة من الكلية العسكرية، وان يكون ضمن قوات الأمن والدفاع وان لا تقل رتبته عن ملازم اول، وان يكون حاصلاً على دورات تأهيليه عسكرية في هذا المجال.