كيف وصف سياسيون قيادة الجنوب السياسية وجيشه الصلب؟
السقلدي: يجب تعزيز جبهتنا الداخلية بعيدًا عن رواسب الماضي
نجمي: قيام دولة الجنوب شرط يسعى خلاله المجتمع الدولي لمحاربة الإرهاب
حنش: مستقبل الجنوب سيكون زاهرًا رغم المؤامرات
الجنوبيون قاب قوسين من استعادة دولتهم
تحل الذكرى السابعة والخمسون لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة غدًا الأربعاء 14 أكتوبر / تشرين الأول 2020م، والجنوب يشهد تطورات متسارعة سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا.
وأصبح الجنوب اليوم أقوى من أي وقت مضى، وبات لديه قيادة سياسية تستطيع مُقارعة الكبار، وجيش جنوبي صلب، ومؤهل، يخوض معارك شرسة مع عدة أطراف سواءً في جبهة أبين أو الضالع أو في حدود لحج أو في الساحل الغربي وغيرها من الجبهات، وهو ما يجعلنا نُدرك بأن الجيش الجنوبي في طريقه إلى استعادة عنفوانه، وقوته المعهودة التي عُرف بها جيش الجنوب أبان جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.
الجنوب لا يمتلك قيادة سياسية مُحنكة وجيش صلب وحسب، بل انهُ أهتم بالجوانب الاقتصادية والإعلامية والثقافية والاجتماعية والفنية والرياضية، الأمر الذي يخوّل لنا القول بأن: (الجنوبيون باتوا اليوم قاب قوسين أو أدنى من استعادة دولتهم الجنوبية كاملة السيادة على حدودها المتعارف عليه دوليًا (ما قبل 21 مايو / أيار 1990م).
محطات من ثورة (14 أكتوبر)
وتُعد ثورة الـ(14أكتوبر) المجيدة الثورة الأعظم على الإطلاق، كونها هزمت جبروت محتل ظل جاثمًا، بكل ثقله، على صدر أبناء الجنوب لما يربو على (129) عامًا، وجسدت تلك الثورة التضحيات العظيمة التي قدمها أبناء الجنوب آنذاك، حيث جسدت ثورة (14 أكتوبر) الروح الوطنية لدى أبناء الوطن الجنوبي، وكفاحهم المسلح الذي واجه دولة متقدمة بكامل عتادها المتطور، لكن إرادة الشعوب وحدها من تنتصر، وهو ما حققه الجنوبيون بعد اندلاع شرارة أكتوبر من جبال ردفان الشماء بقيادة راجح بن غالب لبوزة عام 1963م، ليتمخض عنها الانتصار الأعظم بطرد آخر جندي بريطاني من العاصمة الجنوبية عدن في 30 نوفمبر / تشرين الثاني 1967م، بعد أن استمرت ثورة أكتوبر زهاء أربعة أعوام، لتكون هاتان المناسبتان هما الأعظم لشعب الجنوب على مر تاريخه.
جنوبيون يتحدثون لـ"الأمناء" عن ذكرى أكتوبر
"الأمناء" اجرت لقاءات مقتضبة مع صحافيون وأكاديميون وعسكريون جنوبيين بمناسبة ذكرى أكتوبر العظيمة لتتعرف على أهمية هذه الثورة في نفوس أبناء الجنوب.
بداية لقاءاتنا كانت مع الصحافي، والسياسي صلاح السقلدي الذي أكد أن ثورة الرابع عشر من أكتوبر: "ليست مناسبة فقط تذكرنا بمآثر وبطولات وتضحيات شعبنا الجنوبي ضد الاحتلال البريطاني، وانتزاعه استقلاله عام 1967م، بل نرِ فيها منارة مضيئة تنير لنا دربنا الشائك الذي نتلمس من خلاله استقلالنا الثاني الذي ننشده منذُ غداة غزو الجنوب عام 1994م، بعد أن أتت قوى ذلك الغزو على فكرة الوحدة، ووأدتها في مهدها".
وقال السقلدي، في حديثه لـ "الأمناء": "بهذه المناسبة التي نسجل فيها من خلال صحيفتكم الغراء أصدق عبارات التهاني والتبريكات فأننا نشد على اياد كل الشرفاء الذي يقدمون كل أنواع التضحيات والفداء لنصرة القضية الجنوبية، ونكبر فيهم روحهم الوطنية برغم كل الصعاب والخذلان الذي نراه من بعض المتهالكين على فتات الموائد".
مستقبل خال من رواسب الماضي
وعن وضع القضية الجنوبية حاليًا، والنجاحات التي حققتها على الصعيدين السياسي والعسكري منذُ تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في 4 مايو / أيار 2017م، أشار السقلدي إلى انهُ: "لا شك أن سفينة التحرير الجنوبية لم تصل بعد إلى مرساها الأخير، ولكنها قطعت شوطًا لا بأس به، وخرجت القضية الجنوبية من شرنقة المحلية إلى فضاء الإقليم، ورحاب العالمية، وصار من الغباء ومن الصعوبة تجاوز هذه القضية الوطنية في أية تسوية مستقبلية، ولكن هذا لا يعني أن الطريق بات سالكًا أمامها، فثمة مطبات وشراك تتربصها من كل الجهات، مما يتحتم علينا المضي بيقظة عالية وبعقول منفتحة للتعاطي مع هذه التحديات وهزيمتها، ولن يأتي هذا إلا بسلاحنا الفتاك وهو (تعزيز وترميم جبهتنا الداخلية، وتضافر كل الجهات والنظر صوب المستقبل بقلوب خالية من رواسب الماضي، وبعقول متحررة من أصفاد المراحل المنصرمة)".
وعن مستقبل الجنوب في ظل الأوضاع الراهنة، قال الصحافي صلاح السقلدي: "لا أخفي عليك قلقي مما أشاهده من كم هائل من المؤامرات الداخلية والخارجية، ومن حالة الاستقطاب التي تستهدف العنصر الجنوبي الثائر والمقاوم والسياسي، ومع ذلك فثقتنا بالله اولًا، وبعدالة قضيتنا وبوعي وصلابة شعبنا ثانيًا، فالوعي الجنوبي يُمثل صمام أمان قضيتنا والصخرة التي تتكسر عليها كل أمواج المؤامرات".
وأضاف: "القادم برغم كل هذه القتامة سيكون أفضل.. فلو عملنا جردة حساب عابرة وفاضلنا وضعنا اليوم بما كان عليه قبل عام 2007م لوجدناه أفضل بكثير برغم ما يحيط بنا من تحديات وما يحيط بنا من شبكات التآمر".
الجنوب والفرصة الذهبية
ووجه السقلدي رسالة خص بها شعب الجنوب والقوات المسلحة الجنوبية قال فيها: "هي دعوة للجميع بالتمسك بالحق الجنوبي وحشد كل الطاقات والاستفادة من حالة التجاذبات المحلية اليمنية، ومن وضع الاستقطاب والمحاور التي تشهدها المنطقة العربية، فنحن إزاء فرصة ذهبية من الصعوبة تعويضها ومن الخطأ الجسيم تفويتها".
وأختتم السقلدي حديثه لـ "الأمناء" بالقول: "شكرًا لصحيفة وموقع (الأمناء)، ولكل القائمين عليهما، متمنيًا لهما مزيدًا من النجاح والتميز.. وكل عام والجميع بألف خير ومسرة.. وإلى مستقبل مشرق وبهي بإذن الله تعالى".
قيام دولة الجنوب شرط موضوعي
بدوره، تحدث المؤرخ نجمي عبد الحميد عن المرحلة الراهنة للجنوب بالقول: "هي مرحلة من تطور العمل السياسي والفدائي في الجنوب العربي، ولم تكن اسسها وليدة هذا التاريخ، فقد تشبعت أرض الجنوب بأفكار حركة القوميين العرب التي توسعت عند قادة العمل السياسي بالجنوب في مختلف الاتجاهات، ولكن علينا في الوقت الراهن إعادة قراءة هذا التاريخ من زوايا مختلفة كي نعرف إلى أي المسارات ذهبت إليها هذه الثورة".
وأضاف لـ "الأمناء": "القضية الجنوبية لا يمكن تصوّرها خارج مشروع الشرق الأوسط الجديد، فنحن في المنطقة أمام خرائط جديدة تتجاوز السابقة، ودون شك المجلس الانتقالي الجنوبي متفهم لهذا الوضع، وما الانتصارات العسكرية والسياسية التي حققها المجلس الانتقالي الجنوبي على أرض الجنوب العربي إلا تأكيدًا على أن قيام دولة جنوبية في هذه المنطقة هو من الشروط الموضوعية التي يسعى من خلالها المجتمع الإقليمي والدولي في محاربة الإرهاب التي تحاول بعض الدول مثل (إيران، وتركيا) نشره في المنطقة.. وعلينا في المجلس الانتقالي قراءة وفهم كل هذه الحسابات التي ترسم الخطوط الجديدة هنا، وكذلك علينا تفهّم موقف قيادتنا في المجلس الانتقالي في إدارة أبعاد هذه الأزمات".
وتابع: "هذه المرحلة التي يمر فيها الجنوب قد مرت فيها الكثير من الشعوب في فترة صراعها في قضية تقرير المصير، وكل هذه الأزمات والحروب تدل على أن الطرف المُعتدي قد أدرك أن عودة الدولة الجنوبية قد أصبح أمرًا واقعيًا.. لذلك سوف يُمارس كل أساليب الضغط وطرق المواجهات، ورغم كل ما فعله الطرف المُعتدي إلا انهُ فشل حتى الان في تفجير الشارع ضد المجلس الانتقالي الجنوبي".
وأشار نجمي إلى أن: "هذه المرحلة تُعتبر فرض الأمر الواقع على الأرض وكل نجاح للقوات المسلحة الجنوبية يعزز اليقين عند المجتمع الإقليمي والدولي بأن الجنوب قادر على بناء دولته، والتي تعد القوات المسلحة الجنوبية إحدى ركائزها الضاربة في المنطقة".
واختتم نجمي حديثه بالقول: "علينا أن نقرأ تاريخنا في الجنوب العربي برؤية جديدة حتى لا نقع في أخطاء الماضي".
مستقبل زاهر للجنوب رغم المؤامرات
من جانبه، أكد العقيد في القوات الجوية عادل صالح حنش أن الجنوب أصبح اليوم قويًا بقيادته السياسية وجيشه الجنوبي الذي لا يُقهر.
وقال حنش، في حديثه لـ "الأمناء"،: "تحل علينا الذكرى الـ(57) لثورة 14 أكتوبر وقد تغيرت كثير من المعطيات منذُ ذلك التاريخ وحتى اليوم، فمر الجنوب بعدة منعطفات أبرزها قيام الوحدة اليمنية المشؤومة بين (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، و(الجمهورية العربية اليمنية) في 22 مايو 1990م، والتي قامت على أساس القومية العربية، غير أن نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح حرّف مسارها، فحوّلها من وحدة بين دولتين اتفقتا على أسس ومبادئ إلى هبة ومرتع يرتع فيها متى وكيفما شاء، فعاث في أرض الجنوب فسادًا، وما يؤكد ذلك أن الوحدة لم تستمر إلا أربع سنوات قبل أن تندلع حرب صيف 1994م، والتي شن فيها نظام صالح حربًا شرسة ضد الجنوبيين، ورمى بكامل ثقله إلى الجنوب، وحصل ما حصل".
وأضاف: "ثورة 14 أكتوبر الخالدة تمثل رمزية هامة لأبناء الجنوب، وتعتبر أحد المحطات التاريخية في مسيرة أبناء الجنوب".
وأشار إلى أن: "القضية الجنوبية أصبحت اليوم من أهم القضايا في العالم، خصوصًا خلال السنوات الماضية، وتحديدًا منذُ تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في الرابع من مايو 2017م، من خلال الإنجازات التي حققها الجنوب على كافة الأصعدة لا سيما الصعيدين (العسكري والسياسي)".
وأكد حنش أن: "مستقبل الجنوب سيكون زاهرًا بإذن الله رغم كل المكايدات والمؤامرات التي تُحاك ضده، إلا أن أبناء الجنوب سيقفون لها بالمرصاد".
ووجه رسالة، في ختام حديثه لـ "الأمناء"، إلى كافة أبناء الجنوب، وللقوات المسلحة الجنوبية بضرورة رص الصفوف، وتعزيز اللحمة الجنوبية، ونبذ العنصرية والمناطقية، حد تعبيره.