شهدت المنطقة العربية منذ ثورة الربيع العربي 2011م الكثير من الأحداث والأزمات السياسية والعسكرية، وخلال هذا الفترة تزايدت الأطماع الخارجية وتم إعداد الكثير من الأجندة والمخططات لتنفيذها والقيام بها في منطقة الشرق الأوسط والتي سيتم تنفيذها عبر أطراف وأيادي داخلية.
وفي متابعة للأحداث والمشهد يتضح للجميع بأن "إيران وتركيا" هما أبرز الطامعين والطامحين لفرض سيطرتهما على أهم الدول العربية بالمنطقة، والمعروف بأن أهم هذه الدول "مصر واليمن وليبيا والخليج".
وفي وسط كل هذه الفوضى والإرباك، التي تعيش فيه المنطقة حينذاك، إلا أنه لم تغفُ أو تنشغل عقول وحنكة قائدين هما من أهم الأمراء في المنطقة عما يحاك من مؤامرات وخطط تستهدف المنطقة والجزيرة من قبل أنظمة مجاورة لهم.
حيث كان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، والقائد الأعلى للقوات المسلحة من جهة، والأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي عهد السعودية ورئيس الوزراء ووزير الدفاع من جهة أخرى دور كبير في إرساء دعائم الأمن بالمنطقة.
وفي حنكه سياسية وعسكرية متميزة، كان الأميران المحمدان يتابعان ما يقوم به النظام التركي والإيراني من إعداد للمخططات والمكائد لفرض سيطرتهم على المنطقة.
وعندما تم إشعال أول شراره لما يسمى بثورة الربيع العربي في تونس بدأ خميني إيران وأردغان إسطنبول بتنفيذ مخططاتهما بالمنطقة من خلال جماعة الإخوان والجماعات الإرهابية والجماعات الطائفية، عبر حلفائهم في المنطقة، مستهدفين مصر واليمن وليبيا التي تعتبر من أهم دول المنطقة.
وفي متابعة ما حصل في مصر، أحد أهم دول المنطقة، وجهت تركيا وطهران الأوامر لدولة قطر لتحرك عبر أتباعهم من جماعة الإخوان في ركوب موجة الربيع العربي والتسلق على ظهور شعب مصر الكنانة للوصول إلى الحكم، ولكن أهداف ومخططات هؤلاء لم تكن كما يطمح لها الشعب المصري أو حكام الدول المجاورة والشقيقة لمصر، وإنما كان مخططا تدميريا للقضاء على مصر، إلا أن الشعب كشف ذلك فأدرك الحقيقية وخرجت المظاهرات والاعتصامات مطالبين بإسقاط النظام الإخونجي وعملوا على الالتفاف حول مؤسستهم العسكرية التي كانت ولا تزال وستبقى حامية للشعب المصري ولأشقائهم من شعوب المنطقة، فسقط النظام الإخونجي وترأس البلاد رجل مخلص لمصر وشعبها وللجيش، إلا أن طهران وأنقرة وما تحتهم من حلفاء لم يتوقفوا من محاولات إفشال القيادة الجديدة والقضاء عليها، وكان من الممكن نجاحهم في ظل ما كانت تمر به مصر، وهنا لم يتأخر ابن زايد وابن سلمان من المناصرة والإسناد والوقوف بجانب القيادة والشعب المصرية، فكان ذلك الموقف للمحمدين هو موقف الضربة القاضية للمشروع الإيراني التركي.
إلا أن تحالف الخميني و أردوغان لم يكتفي بما حل بهما في مصر، فكانت محطتهما الثانية اليمن، وعملت طهران وأنقرة بتوجيه الأوامر للدوحة لإعطاء الضوء الاخضر لحزب الإصلاح، فرع تنظيم الإخوان المسلمين باليمن، وجماعة أنصار الله "الحوثيين" للتحالف فيما بينهما للخروج للساحات مطالبين بإسقاط النظام الذي كان يقوده الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
ومعروف ما قد حصل بعد ذلك من أحداث وصولا للانقلاب الذي تزعمه الحوثيون على السلطة الشرعية ممثلة بالرئيس الحالي عبدربه منصور هادي، وبدأ الحوثيون فرض سيطرتهم على معظم المحافظات اليمنية وصولا للعاصمة الجنوبية عدن.
هنا تحرك المحمدان - ابن سلمان وابن زايد - في الإعداد للتحالف العربي لاستعادة الشرعية، الذي لم يكن متوقعا لإيران وتركيا وحلفائهما.
فبدأت طائرات وأسلحة التحالف بقيادة السعودية والإمارات بشن غارتها على شمال اليمن مستهدفة مواقع مليشيات الحوثيين الانقلابيين، المعروفين بوقتها بتحالفهم مع المؤتمر، ومساندة أبطال المقاومة الجنوبية بالسلاح والطيران في المناطق الجنوبية .
وكان لهذا الدعم دور فعال على الأرض، حيث استطاع أبطال المقاومة الجنوبية من تحرير أراضيهم من مليشيات الحوثي، هنا استشعرت طهران وتركيا ومن معهم خطورة الأمر.
وبعد تحرير جنوب اليمن وبعد وقت وجيز اكتشف المحمدان دور الدوحة الخبيث بحكم أنها إحدى الدول المشاركة بالتحالف العربي، وتم طردها، وبدورها فاجرت بعداوتها للخليج ودول المنطقة منضوية تحت عباءة إيران وتركيا.
وبعد أن اكتشف صالح حقيقة الوضع والتحالف الخفي بين الحوثيين وإخونجية اليمن أعلن الانقلاب عليهم ولكن شاءت الأقدار أن يقتل، رغم أنه كان قريبا من القضاء على الحوثيين إلا أنه كان للإصلاح، فرع تنظيم الإخوان المسلمين باليمن، دور بمقتل صالح وذلك بتعاون مسؤولين سعوديين موالين لإيران وتركيا.
واستمر المحمدان في مشروعهم باليمن لنصرة الشعب اليمني وشعب المنطقة، رغم الخيانات التي تقوم بها قوات الإصلاح في المناطق الشمالية لليمن والعمليات الإرهابية بالجنوب.
بدأ المحمدان بتولي ملف الإرهاب، وكان ملف الإرهاب بالمنطقة عامة وجنوب اليمن خاصة من نصيب الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، بينما ملف تطهير المملكة من جماعة الإخوان ومن يواليهم من القيادة اليمنيين التابعين للإخوان من نصيب ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان.
فكان للإمارات دور رائد في محاربة الإرهاب وتدمير أوكارهم من خلال التعاون والتنسيق مع قيادات جنوبية شجاعة مخلصة لأرضها ومساندة لمشروع المحمدين.
لذلك نجح المجلس الانتقالي الجنوبي وأبطال قوات الأمن والجيش والنخبة الجنوبية وبتعاون ودعم عسكري ولوجستي واستخباراتي من الإمارات بتحقيق نجاحات كبيرة في مكافحة ومحاربة الإرهاب شهد له العالم.
ومن الجهة الأخرى بقي ولي عهد السعودية في رصد ومتابعة كل موالٍ لإيران وتركيا ومن معهم واستطاع أن يوقعهم واحدًا تلو الآخر بشر أعمالهم.
وكانت آخر تلك العمليات لابن سلمان القرارات الصادرة قبل يومين التي أطاحت بقيادات عسكرية وسياسية ومدنية عليا وحسب حديث خبراء وباحثين بالشأن السعودي فإن تلك القرارات والإجراءات ستشمل قيادة عسكرية ومدنية وسياسية يمنية متورطة بقضايا فساد وخيانة.
وليبيا كان لها نصيب من أطماع ومخططات إيران وتركيا ولكن لم تتهيأ لهم الظروف وذلك لموقف محمد بن زايد ورفيقه بن سلمان الذين يعملون لمناصرة قوات الجيش ومساندتهم لإفشال المخططات والأجندة الفارسية الإخوانية.
ورغم كل الدعم والتمويل وشراء الذمم من قبل تركيا وإيران لأجل تنفيد ما يهدفون له بالمنطقة إلا أنهم لم يستطيعوا تحقيق الحلم لوجود قيادة حكيمة حلمها أن تحافظ على الجسد العربي ولا تسمح أن يتمزق بسبب أطماع وأهداف تدميريه فارسية تركية.
وهكذا فإن أحلامهم وطموحاتهم انصدمت وتحطمت أمام المحمدين الرجلان اللذان يمتلكان الصلابة والقوة الكافية لإفشال أي مخطط يستهدف المنطقة العربية عامة والجزيرة خاصة.