كشفت القرارات السعودية الأخيرة بشأن تغيير قائد القوات المشتركة بالتحالف العربي الفريق فهد بن تركي واحالته للتحقيق مع مجموعة آخرين، ان التحالف العربي يتعرض للاستنزاف منذ انطلاق عاصفة الحزم في عام 2015م.
التغييرات التي جاءت بناء على رصد دقيق وملفات يتورط بها المذكورين كانت قرارات جوهرية لإصلاح الاختلالات داخل منظومة التحالف العربي الذي لا يزال يخوض معركته مع المشروع الايراني المعادي باليمن ومليشياته ممثله بمليشيا الحوثي، إلا ان العدو الحوثي الموالي لإيران ليس وحده من يواجه التحالف باليمن، بل ان هناك المليشيا الاخوانية التابعة لحزب التجمع اليمني للاصلاح والتي اتخذت الشرعية غطاء لها لخيانة التحالف واستنزافه ونهب الاموال والاسلحة والمعدات دون قيامهم بأي مواجهة حقيقية مع مليشيات الحوثي.
قرارات صائبة وان تأخرت كثيراً
محللون عسكريون قالوا أنه: "كان من الضروري ان يقيم التحالف العربي في العام او العامين الاولين من الحرب في اليمن، كل ما يجري على مختلف المستويات، بعد التساؤلات عن حجم الاموال الضخمة التي تضح الى جبهات القتال باليمن دون تحقيق أي تقدم خاصة في محافظات الشمال، لكن شيء من ذلك لم يحدث ولهذا استمرت الانتكاسات والفشل في جبهات الشمال، إلا ان قرارات اقالة الفاسدين واحالتهم للتحقيق وعلى راسهم قائد القوات المشتركة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، ان الفاسدين اولئك يرتبطون بقيادات عسكرية يمنية داخل الشرعية وجماعة الاخوان هم سبب الانتكاسات داخل التحالف، بل واستمرارهم بالخيانات وتسليم المعسكرات بكامل عتادها واسلحتها لمليشيات الحوثي".
واضافوا، في أحاديث متفرقة مع "الأمناء": "لن تتحرك جبهات القتال ولن ينتصر التحالف مالم يتم القبض على هوامير الفساد اليمني المرتبطين بالفساد من اموال التحالف العربي والمشتركين في عمليات استنزاف التحالف مالياً وعسكرياً وتسليحاً".
الملف اليمني.. مصدر مالي للفاسدين
منذ عقود والملف اليمني الذي توليه المملكة العربية السعودية اهتمام بالغ، قد تحول الى مصدر مالي للفاسدين داخل السعودية ذاتها، ومن يرتبط بأولئك الفاسدين من اليمنيين (مسؤولين ووزراء وقيادات عسكرية ومشائخ قبائل ومشائخ دين).
وتحت هذا الملف يتم جلب الاموال السعودية وتقاسمها، حيث استمر الوضع وكان لتدخل التحالف العربي باليمن مصدر آخر لتكثيف اولئك الفاسدين من عملهم في استنزاف الاموال، لكن الايام والسنوات كشف حجم المؤامرة الكبيرة والهدف من افشال التحالف، وتعرضه للنهب المالي ونهب المعدات والسلاح غير تلك التي تمنح استلاماً وتسليم من حزب الاخوان وقياداته العسكرية لمليشيا الحوثي.
فساد جبهات الشرعية.. استنزاف للتحالف
ينفق التحالف العربي اموالاً طائلة على الجبهات باليمن، ومنذ انطلاق عاصفة الحزم تعرض التحالف الى استنزاف مالي يتورط به قيادات عسكرية داخل التحالف، ومرتبطين بقيادات يمنية في الشرعية وحزب الاصلاح الاخواني.
وبقرار إحالة قائد القوات المشتركة فهد بن تركي للتحقيق، فان الفاسدين الاخرين المرتبطين معه بالفساد هم رؤوس كبيرة يأتي في مقدمتهم (علي محسن الاحمر وعلي محمد المقدشي) واخرين كثر من القيادات التي تحولت الى "تجار حروب" على حساب استنزاف التحالف ومعاناة الشعب.
ففي تعز وحدها برزت للعلن فضائح لفساد حزب الاصلاح بتعز أكدتها مصادر رقابية حيث في السنوات الثلاث الاولى من عاصفة الحزب اختفت ما يقارب ( 3 مليار ريال سعودي) دفعت كدعم لعملية تحرير المدينة واموال اخرى انفقتها السعودية بتعز لفصيل المقاومة الذي كان يتبع (حمود المخلافي) تم اختفائها ايضاً، كما تم إختفاء السلاح المقدم من التحالف بتعز ووجدت اصناف منه في سوق السلاح معروضا للبيع.
مخصصات الجرحى هي الاخرى تم إختفاءها والمقدرة بــ(400 مليون ريال سعودي) تسلمتها قيادة محور تعز، بالاضافة لإختفاء (مليون دولار) تسلمتها اللجنة الطبية الخاصة بالجرحى بتعز.
هذه كلها حالات فساد قليلة من ذلك الفساد الذي تعرض له التحالف العربي بمأرب وكر الاخوان المسلمين باليمن، حيث اصبح قيادات الجيش هناك من أكبر تجار اليمن ومشترين العقاد في دول خارجية منها تركيا، والتي ارتفع فيها شراء العقار والمنازل وفتح الشركات ليمنيين ومسؤولين بالشرعية والجيش اضعافا مضاعفة حتى صار اليمنيين بالمرتبة الخامسة لشراء العقار والاستثمار بتركيا.
فساد الشرعية تحت غطاء التحالف
وتحول مسؤولي الشرعية الى (تجار حروب) يتلقون الاموال والايرادات وينهبونها تحت اسم المعارك والتحرير في مناطق الشمال والتي لم يتحرر منها شبراً خلال خمس سنوات، وتحت ذريعة الخدمات والتنمية بالمحافظات المحررة والتي لم تجد أي استقرار للخدمات منذ ست سنوات متواصلة.
ففي كل مفاضل ومكاتب وإدارات الحكومة اليمنية الفساد ينهك البلد ويزيد من معاناة الناس لصالح مجموعة من (تجار الحروب) الذين يرتبطوا بفاسدين داخل التحالف العربي وحولوا الحرب باليمن الى مغانم ومكاسب لتنمية ثرواتهم وحساباتهم البنيكة دون مراعاة لمعاناة الناس والشعب باليمن.
جيش الإخوان بأموال التحالف
اوهم حزب الاصلاح الاخواني التحالف بانه يقاتل مليشيات الحوثي، واستغل الامر لجلب الاموال والاسلحة والعتاد لبناء جيشه الخاص الموالي لـ"تركيا وقطر" المتواطئ مع ايران ومليشياتها باليمن، فتحولت مأرب وتحت اشراف قيادة القوات المشتركة المحالة للتحقيق مؤخراً الى وكراً للاخوان وثقب اسود لاستنزاف التحالف وامواله، والتي عادة يتم تقاسمها بين قيادات عسكرية يمنية وقيادات عسكرية سعودية.
وسبق ان حذرت مبكراً قيادات عسكرية بمأرب من قيام حزب الإصلاح، ببناء جيش حزبي في مأرب، وتعبئة الجنود بالأفكار المعادية للمقاومة الجنوبية، استعدادا لمواجهة محتملة بالجنوب.
وقال قيادي رفيع في الجيش الوطني، طلب عدم ذكر اسمه، ان: "الإصلاح يؤسس لجيش حزبي في محافظة مأرب التي تخضع لسيطرة الشرعية"، مضيفاُ ان: "القوة التي تمكن الإصلاح من بنائها خلال الفترة الماضية تتجاوز 120 الف جندي يدينوا بالولاء للحزب وقياداته، وهو الامر الذي يثير مخاوف من سيطرة الحزب على الجيش الوطني مستغلاً دعم دول التحالف للشرعية في حربها ضد الحوثيين".
إقالات في وزارة الدفاع السعودية بسبب الفساد
في السياق، عزت مصادر سعودية الإقالات التي طالت قيادات بارزة في وزارة الدفاع السعودية إلى حملة سعودية قوية على الفساد في مؤسسات الدولة، فضلا عن السعي إلى تطويق سوء إدارة ملف اليمن وما أفضى إليه من تأخير للحسم العسكري.
يأتي هذا في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة اليمنية لإحداث إقالات نوعية داخل أجهزتها تطيح بقيادة الملف العسكري وعلى رأسها نائب الرئيس علي محسن الأحمر.
وأصدر العاهل السعودي الملك سمان بن عبدالعزيز، الاثنين، جملة من القرارات تضمنت إنهاء خدمة الفريق فهد بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود قائد القوات المشتركة (المسؤول العسكري الأول عن ملف الحرب باليمن) وإحالته إلى التقاعد والتحقيق، وتكليف الفريق مطلق بن سالم بن مطلق الأزيمع نائب رئيس هيئة الأركان العامة بالقيام بعمله.
وبموجب القرارات تم إعفاء الأمير عبدالعزيز بن فهد بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود نائب أمير منطقة الجوف (نجل قائد القوات المشتركة السعودية) من منصبه، وإحالته للتحقيق، إلى جانب عدد من المسؤولين العسكريين والمدنيين بوزارة الدفاع السعودية بتهمة الفساد.
ونص القرار الملكي على تولي هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية استكمال إجراءات التحقيق مع كل من له علاقة بالتهم الموجهة للمحالين للتحقيق، واتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة بحقهم، ورفع ما يتم التوصل إليه.
وتشير المعطيات الأولية حول طبيعة القرارات التي صدرت عن العاهل السعودي بموجب رفع من نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان (كما جاء في ديباجة القرار) إلى ارتباطها المباشر بحملة الإصلاحات الداخلية التي يقوم بها ولي العهد السعودي والتي اشتملت على إجراءات جريئة لتفكيك مراكز القوى وشبكات الفساد داخل الحكومة السعودية، إضافة للارتباط المباشر لهذه الإجراءات بنتائج الحرب باليمن خلال السنوات الماضية، وتعثر مسار الحسم العسكري، وسقوط محافظات ومناطق عسكرية يمنية محررة، واستمرار ميليشيا الحوثي بتعزيز قدراتها الهجومية من خلال الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.
وكشفت ثلاثة مصادر سياسية يمنية لصحيفة "العرب" عن قرارات وشيكة سيصدرها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي تشمل إقالة عدد من المسؤولين عن إدارة الملف العسكري بالحكومة اليمنية.
وأشارت المصادر إلى أن هذه القرارات ستطال نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر المسؤول الأول عن الملف العسكري منذ اندلاع الحرب في مارس 2015، حيث سيتم تعيين نائب أو نائبين توافقيين بدلا عن الأحمر الذي يتهم عادة بأنه المسؤول المباشر عن الفشل في إدارة الملف وسقوط محافظات ومناطق عسكرية في أيدي ميليشيا الحوثي، كما تشير المصادر إلى أنه سيتم إقالة وزير الدفاع الحالي محمد علي المقدشي، وتعيين رئيس هيئة الأركان العامة صغير بن عزيز بدلا عنه.
وقالت المصادر إن القرارات المرتقبة في الشرعية اليمنية، تأتي في سياق مراجعات شاملة أجراها التحالف حول أسباب تعثر المسار العسكري خلال السنوات الأخيرة، والتوصل لنتيجة بضرورة إحداث تغييرات شاملة للقيادات المسؤولة عن هذا الفشل في جانبي التحالف والشرعية.