لا تزال تداعيات جلسة النطق بالحكم في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري تشغل الرأي العام، وشددت تقارير على أهمية القرار الذي أعلن مسؤولية حزب الله الإرهابي عن الجريمة.
ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الخميس، طالب متابعون للقضية بتسليم "الشبح" سليم عياش، المذنب الأول في عملية الاغتيال، والذي يرفض الحزب تسليمه.
قيادي 
في صحيفة عكاظ السعودية، قال طارق الحميد، تعقيباً على قرار المحكمة: "القصة هي أن قيادياً بحزب الله هو من اغتال رفيق الحريري، وحسب تفاصيل الحكم فإن عملية الاغتيال سياسية إرهابية، وأظهرت التفاصيل مدى تعقيدها ما يظهر أن الحزب جماعة متمرسة بالاغتيالات، والعنف".
وأضاف "الآن يعرف اللبنانيون، والجميع، أن حزب الله جماعة إرهابية فعلاً، ومتطرفة، وطائفية، أقدمت على أخطر ضربة أمنية بحق لبنان حين قام أحد قيادييها باغتيال رئيس وزراء لبنان السني، الذي كان لا يعرف الطائفية، ولا يمارسها، كما فعل، ويفعل حزب الله. وورطة الحزب الآن أنه بحال كان ينفي فإن عليه تسليم الإرهابي قاتل الحريري إلى العدالة، وإلا فإن الحزب الآن، وفي أعين الجميع، وبحكم أممي، حزب طائفي قاتل تحميه إيران، وسلاحه ورجاله أصحاب طعنة غدر بحق لبنان، واللبنانيين".
الاغتيال سياسي والإدانة فردية
من جهته، قال صلاح تقي الدين، في صحيفة العرب اللندنية: "لا شك أن مؤامرة بحجم اغتيال الحريري تتطلب تخطيطاً لا يؤمن اللبنانيون أن "شبحاً" باسم سليم عياش قادر على وضعه بمفرده، أو تنفيذه مع ثلاثة أو أربعة أشباح آخرين، بل عملية أمنية معقدة تقف خلفها دول لا أفراد، ولذلك فإن القناعة الراسخة لدى جزء كبير منهم لم تتغيّر، والمسؤولية يحمّلونها لمن حكموا بلادهم بالحديد والنار منذ ثلاثة عقود ونصف، النظام السوري حتى خروجه على دم الحريري، ومن ثم حزب الله الذي ينفّذ قراراً إيرانياً، كان اغتيال الحريري بداية لمرحلة سيطرته المستمرة على لبنان".
وتابع "يبقى أنه بعد 15 عاماً وستة أشهر وأربعة أيام على اغتيال رفيق الحريري، سطعت الحقيقة على لسان العدالة الدولية، فبين من كان مؤيداً لخطوة إنشاء المحكمة الدولية التي كان لا ينتظر منها أكثر مما قامت به، وبين الذين كانوا يرفضون قيامها خشية انكشاف المفضوح، وصل اللبنانيون أخيراً إلى قناعة بأن الرئيس الراحل رفيق الحريري الذي قال يوماً: لا تصدق نصف ما تسمعه أذناك، وصدق نصف ما تراه عيناك واترك النصف الثاني للعقل، فاستعمالكم للعقل سيكون هو المصفاة التي تودي بالنتيجة إلى معرفة الحقيقة التي يحاول الكثيرون من الناس في هذه الأيام طمسها عنكم، كان محقاً في حياته وأنصف بعد مماته".
إيران وسويسرا الشرق
وبدوره، قال إبراهيم الشمري في صحيفة الرياض: "يفخر النظام الإيراني الذي أعلن في مناسبات عديدة أنه يسيطر على أربع عواصم عربية عبر ميليشياته ووكلائه، ما يجعلنا أمام حقيقة واقعة، مفادها أن أي وجود للنظام الإيراني أو ممثليه على أي أرض عربية لا يعني سوى الدمار والأذى لهذه البلدان وأهلها".
وتابع "لذلك لا يستطيع أن ينكر أي لبناني على مختلف توجهاتهم أن حزب الله هو أداة إيرانية في لبنان، وأصبح المتحكم بشؤونه ومفاصله من تنصيب الرئيس المسيحي، إلى رئيس الوزراء السني، إلى رئاسة البرلمان المخصصة تقليدياً للشيعة الذين يهيمن عليهم الحزب، حتى وصلت الأوضاع في لبنان إلى أزمة حقيقية خانقة لم يشهد لها مثيلاً"، لافتاً إلى أنه "لا يمكن للبناني أن يتوهم أن إيران بعيدة عن المآسي التي لحقت ببلده، فهي من دمرته ومزقته، وأبعدته عن محيطه وأهله، وأضافت إلى مآسيه حملاً لا يطاق، ونشرت الفوضى في كل مكان فيه، فعم الفقر والجوع والمرض في هذا البلد العربي الذي كان يسمى يوماً بسويسرا الشرق".
عبث وهراء
وفي سياق متصل، قال حسين شبكشي، في الشرق الأوسط: "المأزق الذي يواجه لبنان مأزق أممي بامتياز، الكتلة السياسية والعسكرية المسيطرة على البلد تحمي إرهابياً مطلوباً من محكمة أممية، وترفض الاعتراف بها وبالتالي تسليمه. أي حديث عن إصلاحات سياسية واقتصادية قبل إتمام خطوة الانصياع للمحكمة الدولية، هو عبث وهراء".
وتابع "لبنان ليس ليبيا ولن يكون لديه القدرة المالية على التفاوض، وخصوصاً أن عملية الاغتيال هي مسألة سياسية داخلية تماماً. حكم المحكمة الذي رقص له أنصار تنظيم حزب الله فرحاً، وأطلقوا الرصاص في الهواء، ووزعوا الحلوى على المارة، وعلقوا اليافطات احتفاءً "بابنهم وبطلهم المقاوم" هو إدانة قانونية للحزب لن يستطيع الإفلات من التعامل معها إلا لوانتحر سليم عياش كما هو متبع في دائرة حزب الله وأعوانه".