لم يدر على خلد هذا البلد بأن تبيت حقوقية التعليم أبطولة داحية أو أكذوبة عظمى نقلتها جينات الزمن لنتوارثها دون طغيان ، عام بآيامه الخالية مضى ولازالت مدارسنا موصدة عليها ألف مانع من مزخرفي الجهل وصانعيه ، لم يلتفت لنا و لكارثتنا أحد ، فلا رئيس ، ولا مرؤوس ،
ولا وزير تعليمي ، ولا شعب يجيد النطق ، كل في سباته ِ يسبح ، ولا عجب بإن تسبح الدولة ويسبح التعليم معهم ..
تراجم الجّهال بملف التعليم على طاولة المفاوضات ، فلا أحد يهمه الشأن ، ذروة مرادهم كيف يزرعون الفساد ، لا كيف يقضون عنه ؛ لتسير أمورهم بطراوة مخلفين شعب عالة بجله وأجيال جاهلة تتلذذ الحرب وتسير على عنصر القتل الظروري والتوحش البشري ، تب ً لطاولة تحضن مظامينكم الفارغة وعقولكم المجخية ِ...
في تلك الفنادق الراقية المطلية بالشؤم والتتطاير تدور أظلم إتفاقية في حق أجيالنا وأطفالنا ؛ سيسلبونهم براعم الطفولة منذ البداية وينتشلون منهم معنى القيام صباح للذهاب إلى مدرسة ما ، ستتطوى كل مبرهنات العلم من جذورها وتتحلل في ذمة التيه و الضياع ، وسيعلن الجهل حظوره بقوة ، هادما مستقبلات أجيال لا تأتي بالعمر إلا مرة واحدة ....
ها هي الحياة تمتزج فينا بألون الجهل الكثر ، بدت تتغير معالمها بتمدد مع اضمحال العلم المتواني في بلدي وإن لم يكن كله ، غربت ألف زهرة لمستقبل كنا ننتظره ، وأنبت على عروشنا ألف أقحوانة ، غارت طموحات أن تكون والتي تتسلل إلى فراش نومنا فلم تضاجعنا لحظة حتى ، عشعشت فينا آساسيات الراهب المجهول " أن الجهل افترى به بالإفك عصبة من الإغريق والبربر فلم يمنحوه مكانة ً تليق بجلالته ، بل نسبوه إلى ما غير الحياة لا ..لا بل هو فرض للبقاء فكافح ـ أيها ـ اليمني من أجله تفلح "
علّها كلمات اقتفى عليها وزراءنا أو قل جهالنا قبح الله خطاهم ، ساروا على منهاجها دون ميول ؛ لأن الفص الأكبر من دماغهم المتثلج لا يدرك إلا بالمقلوب ، يحتفظون بحياة زائفة لنا ، ووجود موهوم لخلاينا ، وخيال كخيال المتسكرين لبقايا الأمل المستظلة تحت خلية ما كانت لم تمت ..
صدقوني أيها الشعب أن ّ من بين ركام التملص ؛ هناك حياة خافتة تنتظر الجميع وتعني لهم أكثر ، تترامز لنا بوضوح ، حياة سوداء معتمة بغياب التعليم ، تصيب الشعوب بعلة الركوب في محور ما وراء الصفر ، وتصيب الأجيال بسقم الحروب والتحسر ، لا تشاهد في عالمها سوى الظلام المستمر ، فلا ترى النهار اطلاقا إلا إذا أذن الله لغزوة ما تنبعث ريحها الملقحة من غرب الله لتزلل جدران الإتفاقيات الواهية وتدكك حصون الجهل العالقة في قشرة مخ لذات رئيس أو وزير أو أمير ...
بالآخير اطلبوا التعليم لأجيالكم قبل أن تحل عليهم اللعنات وتنزل بهم النوازل ! قولوها بأفواه ٌمليئة بالقهر وازدواجية الظلم :
لا تنزعوا حياتنا وحياة الأجيال من بعدنا أيها المعمعين ، كفانا جورا ، كفانا قهرا ، كفانا حربآ ، كفانا بؤس ً، كفانا حلوك وجهلا ً"