يعيش جنوب اليمن حربا جديدة، وهي الثالثة منذ حرب العام 1994 بعد تحرك الجنوبيين ضد الوحدة مع الشمال، هذه الأيام دقت طبول الحرب بين رفقاء السلاح ضد "الحوثيين" (الشرعية والانتقالي)، في الوقت الذي لم تتوقف فيه الحرب مع الشمال.
حول الوحدة مع الشمال والموقف من السعودية والإمارات وإعلان الإدارة الذاتية والحلول التي يمكنها إنهاء الأزمة والتدخلات الخارجية ودور التحالف، أجرت "سبوتنيك" المقابلة التالية مع السفير قاسم عسكر، رئيس لجنة الشؤون الخارجية للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي.
وإلى نص الحوار...
بعد الاشتباكات والحشود من جانب الشرعية والمجلس الانتقالي... هل ما زالت هناك فرص للتفاوض؟
التفاوض هو منهج المجلس الانتقالي وخياره الأساسي منذ أن تم إعلانه، ومنصوص على ذلك في كل وثائقه، غير أن ما يسمى نظام الشرعية هو من يقوم بالحشودات وخرق أي هدنة أو وقف لإطلاق النار أو أي اتفاق، واتفاق الرياض خير دليل على ذلك، لاحظ الآن، تابعو الشرعية يأتون من مأرب المحاصرة من قبل قوات الحوثيين على بعد 5كم إلى جبهة شقرة بكل حشودهم العسكرية والحربية للقتال ضد الجنوبين، من مسافة تزيد على 800 كيلومتر، الانتقالي لم يحشد ولم يفجر الوضع الحالي، ولم يذهب إلى مأرب أو أي مكان، قيادة ما يسمى الشرعية التي يقودها الإصلاح، هي التي تقوم بالحشودات وهي التي لا تحترم اتفاق الرياض ولا تلتزم بوقف إطلاق النار ولا تقيم أي احترام للوساطات التي قامت بها العديد من القيادات الجنوبية وقيادة التحالف في عدن، ولا توجد أبسط المعايير الأخلاقية والإنسانية عند ما يسمى الشرعية الإصلاحية الإخوانية للحالة التي يعيشها المواطن في عدن، من كارثة الأمطار وجائحة وباء كورونا، والأوضاع المعيشية والمعاناة اليومية الصعبة التي يعيشها الناس.
هل تدار الأوضاع في الجنوب لحساب أطراف التحالف والشعب الجنوبي هو من يدفع الثمن؟
التحالف جاء قبل 5 سنوات لدعم ما يسمى الشرعية وإنهاء انقلاب الحوثيين عليها، ولم يأت من أجل شعب الجنوب، الذي يناضل سلميا وعسكريا منذ عام 1994م ضد نظام الاحتلال اليمني المسمى بالشرعية، ولم تقم في أي لحظة حتى الآن بأي نشاط أو عمل من أجل ما جاء من أجله التحالف، وهو الشراكة في مواجهة الحوثيين وقوى القاعدة وداعش "المحظور في روسيا"، وكل قوى التطرف والإرهاب وتأمين منطقة الجزيرة والخليج، وضمان الأمن والاستقرار لمصالح شعوب ودول العالم في البحر والمضايق المائية، وهو ما يخدم الأمن والاستقرار الدوليين.
ما هو الحل الذي ترونه لوقف نزيف الدماء؟
تصويب الحل للأزمة اليمنية جوهرها قضية شعب الجنوب، خاصة وأن المبادرات والمؤتمرات واللقاءات والاجتماعات والقرارات والاتفاقات، والجهود التي بذلت ذهبت بعيدا عن جوهر الأزمة اليمنية، واتضح أنها كانت تحايل والتفاف ومؤامرة عليها، ونرى أن اتفاق الرياض وإعلان الإدارة الذاتية للجنوب هما بداية للتصويب الحقيقي لحل الأزمة اليمنية، والحل النهائي لهذه الأزمة هو جلوس الطرفين ممثلي الجنوب واليمن العربية، وفق قراري مجلس الأمن الدولي (924 و 931)، وبياني اجتماع وزراء دول مجلس التعاون بالخليج العربي، ودول إعلان دمشق "دول مجلس التعاون الخليج العربي + مصر وسوريا عام 1994م"، لحل مشكلة الوحدة التي فشلت بين دولتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية، التي وصلت تطوراتها وتبعاتها وتشعباتها إلى الأزمة اليمنية الحالية، التي أدخلت المنطقة بأسرها إلى حرب مدمرة دون حلها.
أعلنتم الإدارة الذاتية ثم قلتم إنها ليست حكم محلي ذاتي ووضعتم صورة الرئيس هادي خلفكم... هل هذا يخدم قضية الجنوب؟
نعم أردنا أن نوضح بصدق للرأي العام الداخلي والخارجي، وفي الأساس قيادة ما يسمى الشرعية ودول التحالف العربي، وأن إعلان الإدارة الذاتية لا يعني بأي حال من الأحوال عدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه، بل هو السير في طريق تنفيذ اتفاق الرياض وانقاذ شعب الجنوب من الوضع الكارثي والخطير الذي وصل إليه نتيجة فشل حكومة ما يسمى الشرعية طوال ست سنوات في إدارة المناطق المحررة، وقبلها (25) عاما من المعاناة عاشها شعب الجنوب، نتيجة ممارسات القوات الشمالية الوحشية والقمعية والإجرامية التي ترقى إلى الجرائم ضد الإنسانية بجانب حرمانهم من أبسط حقوقهم المادية والمعنوية.
ما يتم تداوله بأن السعودية تدعم الرئيس هادي، والإمارات تدعمكم، هل هناك خلافات بين قطبي التحالف؟
هناك مسؤوليات وأهداف محددة لدول التحالف العربي "عملية عاصفة الحزم" والسعودية هي قائدة العملية لدول التحالف العربي، بصورة عامة كانت الإمارات العربية المتحدة قد قادت العملية من الجنوب، وطبيعي أن تكون للإمارات علاقة مع الشعب في الجنوب الذي ساعدها وساعدته في تحرير مناطق الجنوب والساحل الغربي منذ سنوات، وليس معقولا أن لا يكون مثل هذه العلاقة التي اختلطت فيها دماء الإماراتيين بدماء الجنوبيين جنبا إلى جنب، لأن إنكار ذلك من أي طرف كان هو ضرب من الخيال واستهتار بل استفزاز للتضحيات ومشاعر الشعوب والأمم التي تقدم مثل هذه التضحيات الغالية والجسيمة، وعندما كانت السعودية تقود العمليات في الشمال بالتأكيد خلقت لنا علاقه مع اليمن ، لأن ذلك في تقديرنا هو الطريق الصحيح لتحقيق أهداف عملية عاصفة الحزم التي جاءت من أجل إعادة ما يسمى الشرعية إلى صنعاء، والقضاء على الانقلاب الحوثي، وليس عودة ما يسمى تلك الشرعية إلى عدن والقضاء على الانتقالي، ونعتقد أن وجود السعوديين في الجنوب الآن سوف يعزز علاقتهم بالشعب في الجنوب، من أجل تحقيق أهداف عاصفة الحزم، التي لم تتحقق خلال السنوات الخمس الماضية، بسبب خذلان وتآمر قيادات ما يسمى الشرعية على دول التحالف العربي، وعجز هادي عن إدارة الوضع من أجل تحقيق أهداف عاصفة الحزم.
الصراع في سقطرى لحساب من يتم في إدارته؟
أنتم على علم أن الشعب في الجنوب يقاوم الاحتلال اليمني منذ عدوان صيف 1994م وما يزال، فقد أصبح هادي مظلة لها على طول تلك السنوات حتى الآن، كون القوى والوجوه هي نفسها قوى وشخصيات عدوان واحتلال الجنوب باستثناء موت علي عبدالله صالح فقط، الصراع هو بين أبناء الجنوب في سقطرى الذين يناضلون من أجل حريتهم واستعادة دولتهم مع إخوانهم في الجنوب، وبين قوى الاحتلال اليمني لما يسمى بالشرعية مدعومة من قطر وتركيا.
بعد التظاهرات الأخيرة في عدن، هل ترى أن شعبية الانتقالي كما هي؟
أنا موجود على الأرض في عدن منذ 1994م، وحتى هذا اليوم غبت عامين فقط في سجن صنعاء، ومعايش لكل صغيرة وكبيرة على هذه الأرض العزيزة عليا وعلى كل الجنوبيين، تجمع عدد من الأشخاص وليس مظاهرة، هؤلاء الأشخاص من أصول يمنية موالين للشرعية، ولا مانع كما يقول المثل عندنا "كل عرجون يرجع إلى عرجونه"، وأشخاص آخرين تابعين للميسري وظفهم مؤخرا وأعطاهم رتب ومناصب بطريقة غير صحيحة، ومع ذلك لن نحسدهم على ماهم عليه، وآخرين تعرفوهم يتخذون من قضية شعب الجنوب واستعادة دولته، مثل القول المشهور حق يراد به باطل، وما تم الترويج له في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي هي صور من مهرجانات وتظاهرات الحراك الجنوبي من السنوات الماضية، ولكم أن ترجعوا إلى الأرشيف لتلاحظوا المناظر والوجوه والأماكن وغيرها مما يؤكد ذلك، وشعبية الانتقالي تتأثر بالمعطيات والتطورات لكنها ثابته لا تتغير لأن هدفه ومشروعه وإجراءاته وتدابيره وقراراته تسير لتنفيذ هذا المشروع، والهدف وما حققه الانتقالي في الآونه الآخيره من انجازات، إلا تأكيدا على ما أشرت إليه في ذلك.
ألا ترى أن الصراع مع الشرعية كان يمكن تأجيله حتى تنتهي المعركة مع الحوثيين؟
الانتقالي صبر وأجل وانتظر واتفق معها على ذلك، لكن ما يسمى الشرعية هي التي تستعجل على الجنوب، تركت القتال مع الحوثيين وانسحبت من كل الجبهات، وسلمت المناطق التي كانت محررة للحوثيين، وحولوا المعركة إلى الجنوب، كما غيروا هدف عاصفة الحزم الذي نص على عودة الشرعية إلى صنعاء وإنهاء انقلاب الحوثي، إلى العودة إلى عدن والقضاء على الانتقالي في الجنوب، رغم أن الانتقالي أنقذ ما يسمى الشرعية من نهاية حياتها السياسية، وأخرج التحالف من المأزق الذي وصل إليه بعد 5 سنوات من الانكسارات والخذلان من قبل ما يسمى بالشرعية، بقبوله اتفاق الرياض الذي لا يلبي طموحات وتطلعات شعب الجنوب في المرحلة الراهنة، لكن شرعية الإصلاح هى التي لا تريد تأجيل الصراع إلى ما بعد انتهاء المعركة مع الحوثيين، هي التي استعجلت العدوان والحرب على الجنوب وليس الانتقالي.
عدد من قوى الحراك يتهمكم بأنكم تريدون الانفراد بالجنوب ولا تريدون مشاركتها معكم؟ كل مكونات الحراك السلمي الثوري في الجنوب موجوده في المجلس الانتقالي، مثال على ذلك، أنا الأمين العام للمجلس الأعلى للحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب، مكون مؤتمر شعب الجنوب الذي يرأسه محمد علي أحمد، معظم قياداته في الانتقالي، كذلك الحال، الجبهة الوطنية لتحرير واستقلال الجنوب، حزب الرابطة، حزب جبهة التحرير، الحزب الاشتراكي الجنوبي، حزب الخضر الجنوبي، منظمات المجتمع المدني، المرأة، الشباب، النقابات، وبعض العناصر أو الجماعات من نفس المكونات السابقة تريد مناصب عليا، والبعض له أجندات أخرى، وقد أجرى المجلس الانتقالي ثلاث جولات من الحوارات مع كل هذه الجماعات والشخصيات الوطنية وممثلي الشرائح الاجتماعية في الداخل والخارج، وكان مفترضا أن تعقد الجولة الأخيرة للخروج بميثاق شرف يؤسس لشراكة في القرار السياسي والثروة بين أبناء الجنوب، باستثناء جماعة باعوم، لم يتم الحوار معها لشروط تتناقض مع توجهات وعلاقات شعب الجنوب في محيطه الخارجي "هم ضد دول التحالف العربي ومع الحوثيين"، وكانت تطورات الأحداث المتعددة والمتواصلة والمتلاحقة عامل معرقل لإعلان ميثاق الشرف، وهيئات المجلس الانتقالي هي مؤقتة لمرحلة انتقال إلى وضع الدولة القادم، وهى المرحلة التي يجب أن يكون فيها شراكه لكل أبناء الجنوب، أما الآن فالهدف هو التحرير واستعادة دولة الجنوب المستقلة، فهو انتقالي يكون داخل المجلس أوخارجه، فالذين أتوا إلى ساحة العروض بعدن بالملايين والذين لم يأتوا من شعب الجنوب وغيرهم، هم جميعا انتقاليون.
ماذا قدمتم للجنوب بعد إعلان الإدارة الذاتية؟
لم يمض على إعلان الإدارة الذاتية للجنوب أكثر من أسبوعين فقط، ومع ذلك تم إنجاز ما نسبته 60 بالمئة من إغاثة عدن من السيول والأمطار وفي مواجهة جائحة كورونا، تم إعداد مستشفيات كاملة، ومستشفيات ميدانية، وتم استئجار 8 فنادق في كل مديرية من مديريات عدن، كما تم إعداد المستشفيات العامة والخاصة لاستقبال كل الأمراض الوبائية الأخرى، وتم صرف نص مليار ريال لعلاج المواطنين، وزعت هذه المبالغ على المحافظات على أساس عدد السكان، وتم اصلاح أولي للطاقة الكهربائية، وسوف يتم إدخال أكثر من 150كيلوات خلال 10 أيام قادمة، وتم إعادة المياه إلى الأحياء في عدن، ويجري إصلاح منظومة الصرف الصحي، وتنظيف شوارع عدن من الأتربة التي خلفتها الأمطار والقمامة وأماكن المياه الراكدة، وتم توريد حوالي 25 مليار من الإيرادات المالية خلال هذه الفترة، وسوف يتم توجيهها لحل الخدمات العامة للمواطنين، كما تم الوقوف أمام بعض الفاسدين والمخالفين للقوانين واللوائح المنظمة للعمل، أو لا يعملون ولا يقومون بأداء أعمالهم، وتم إحالتهم للقضاء، كما تم ضبط الحالة الأمنية في عدن بما يؤدي إلى السكينة العامة للمواطنين، وكذلك الحال تنظيم وترتيب وتسليم الرواتب للموظفين، ويجري العمل على تقنين وتنظيم وضبط اختصاصات وصلاحيات اللجنة الإدارية الذاتية العليا ولجان المحافظات للفترة القادمة.