عبد الكريم سالم السعدي
ثورة الجنوب سلمية .. وستستمر سلمية!

مازال نظام صنعاء يمارس عاداته السيئة في التعاطي مع قضية الجنوب كقضية محورية هامة يتوقف على إيجاد الحلول لها استتباب الأمن والاستقرار ليس على المستوى المحلي فحسب بل والإقليمي والدولي , فبدلا من الاعتراف بهذه القضية كقضية وطن وشعب وهوية وجغرافيا والجلوس على مائدة الحوار الندي وعلى هذه الأسس نرى هذا النظام كل يوم يبتدع تقليعة جديدة من أفعاله الحمقى التي يخطط لها قطاع الطرق وشيوخ منصر صنعاء والتي يهدفون من خلالها الإبقاء على الجنوب وخيراته تحت أيديهم!! بعد أن وصل حوار صنعاء إلى منتهاه (فاشلا) في تقديم حلا للقضية الجنوبية جادت قريحة المحتلين هذه المرة بفكرة الغرض منها خلق المبررات لقمع الشعب الجنوبي وإخضاعه ,  تلك الفكرة تجلت في إعلان (الكفاح المسلح الجنوبي السلطوي) .. نعم فمثلما خلق نظام صنعاء محاورون باسم الجنوب في حواره المزعوم , اليوم يخلق مناضلون يقودون كفاحا مسلحا لثورة اعتنقت السلمية وسيلة لنضالها وشارفت على نيل حريتها بتلك الوسيلة ,في خطوة ليست غريبة على ثقافة عصابات صنعاء التي اعتادت العيش في مستنقعات الفوضى الآسنة !!

 

لقد أدركت صنعاء فشل مساعيها  للإبقاء على الجنوب ملك يمينها من خلال مسرحية الحوار الفاشل وتحولت فجأة إلى نظام مستهدف من قبل مسلحي الثورة الجنوبية وفق خطابها وخطاب إعلامها هادفة من وراء ذلك التمهيد لفرض مخرجات هذا الحوار الظالم على أبناء الجنوب مستخدمة وسائل الترغيب والترهيب , فمن جهة خلق إعلامها كذبة الكفاح المسلح الجنوبي السلطوي كمقدمة ومبرر لإظهار الجنوب وثورته أمام العالم والإقليم كثورة تدعي إلى العنف والفوضى وما يأتي تحت طائلتهما. ومن ناحية أخرى التلويح للجنوب وأبنائه بأن عدم القبول بمخرجات الحوار بديله الفوضى والصراع الذي لا نهاية له وبأيديكم (الكفاح المسلح الجنوبي) ولكي يتقن المحتل فصول مسرحيته قام بجريمته الشنعاء ضد (عزاء سناح) في الضالع مستهدفا الأطفال والشيوخ والآمنين في فعلة ترتقي إلى مصاف جرائم الإبادة الجماعية وذلك ليصنع الحجة التي تبرر قيام كفاحه المسلح !!

 

لقد أكد النظام الحاكم في صنعاء عدوانيته ودمويته تجاه أبناء الجنوب من خلال ارتكابه للمجازر في الضالع ليخلق مبررات لخطواته الماكرة وهي إعلان الكفاح المسلح الجنوبي السلطوي على غرار المحاورون الجنوبيون السلطويون , وليخلق المبرر الذي يجعله في موقف السيد في تعاطيه مع أبناء الجنوب ومطالبهم وليجد المبرر لاستخدام كافة أنواع الأسلحة في مواجهة أبناء الجنوب العزل وليبرر جرائمه التي حتما لن تبقى حصرا في المرحلة القادمة على الضالع ولكنه سينقلها إلى كل أرجاء الجنوب وفي الوقت الذي تحدده خطط هذا النظام !! المؤكد أن نظام الاحتلال قد غاب عنه وهو يحضر لمسرحيته الهزيلة (الكفاح المسلح الجنوبي السلطوي)  حقيقة هامة هي أن الثورة الجنوبية قد كان لها شرف السبق ليس على مستوى الجنوب فحسب بل والوطن العربي في إرساء دعائم النضال السلمي التحرري الحديث المواكب لتطورات العصر الراهن , تلك السلمية التي اقتدت بها ثورات الربيع العربي وسارت على هداها , كما أن هذا النظام المحتل تناسى أن أبناء الجنوب وثواره قد عاهدوا أنفسهم وشهداء ثورتهم على السلمية لإدراكهم بان الانتصار لن يأتي إلا من بوابة تلك السلمية التي زلزلت عرش الطاغية علي صالح  وفرضت كل الخطوات التي تلت انهيار هذا النظام والتي حتما ستدك معاقل نظام المبادرة الخليجية وعما قريب!!

 

لقد اخطأ  نظام صنعاء عندما راهن على محاولة استعداء المجتمع الدولي ضد أبناء الجنوب من خلال سعيه لإقناع هذا العالم بأن هناك ثورة مسلحة في الجنوب بمجرد ارتكابه لجريمة (العزاء في سناح وما تلاها)  واثبت هذا النظام التوسعي  ضعف ذاكرته حين تناسى بأن الجنوب قد واجه ما هو أبشع من مجزرة عزاء سناح على يد عصاباته المسلحة وقواته القبلية  وبقايا وحداته النظامية وذلك يوم أن دكت أسوار العاصمة عدن بالصواريخ والطائرات والمدفعية والدبابات وبكافة أنواع الأسلحة في يوليو 1994م , ويوم أن أبيدت (قرى المعجلة) في م/أبين بالأسلحة المحرمة دوليا ويوم أن دمرت عن بكرة أبيها مدينة زنجبار عاصمة م/أبين وشرد أبناؤها, ويوم أن أبيد المئات في مصنع 7 أكتوبر في مدينة جعار محافظة أبين ودمرت المدينة وطرد أهلها منها وقبل ذلك كله يوم أن دمرت مديرية لودر وتم قتل المئات من شبابها ورجالها تلك المجازر التي أخذت من أبناء الجنوب جل ما يملكون وسفحت دماء المئات منهم وخلفت الآلاف من الجرحى والمعاقين والمشردين , ورغم كل مرارة وفظاعة تلك الجرائم فإن أبناء الجنوب استماتوا في الحفاظ على سلمية ثورتهم وأجهضوا محاولات هذا المحتل في استفزازهم وجرهم إلى مربع العنف (ملعبه المفضل) واليوم انتقل المحتل يائسا ليجرب محاولاته في الضالع وغيرها والتي نأمل أن يتنبه أبناء الجنوب هناك لمخططات المندسين باسم الولاء للجنوب في أوساطهم وإفشال خططهم  والتمسك بسلمية الثورة الجنوبية التي تعد السلاح الأمضى لانتصارها !!

 

إن من يدًعي أن هناك (كفاحا مسلحا جنوبيا) إنما يضع مخارج مجانية لنظام الاحتلال للخروج من ما يعانيه من أزمات بالذات في هذه المرحلة المفصلية الهامة , ويمهد الطريق أمام هذا المحتل لإحكام قبضته على الجنوب بعد أن خلخلت سنوات  الثورة  الجنوبية كيان هذا المحتل وأضعفت قبضته وأفشلت مساعيه التي يحاول استعادتها متكئا على مخرجات الحوار الوطني المدعوم ولو شكلا من قبل الإقليم والعالم , وحتما أن أي خطوة في هذا الاتجاه وفي هذا التوقيت لن يكون منبعها إلا مطابخ المحتل بغض النظر عن الأيادي والوسائل المنفذة لمثل هذه الأعمال والمخططات التي شاء المحتل هذه المرة أن تظهر متزامنة مع فشل حوار صنعاء وغياب الموقف الدولي والإقليمي العاقل والعادل تجاه قضية الجنوب !! لا شك أن الجميع يدرك جيدا أن خيار الكفاح المسلح هو احد خيارات الشعوب والأمم المقهورة الساعية لاستعادة حريتها وكرامتها واستقلال أوطانها, وفي حالة ثورتنا الجنوبية التحررية يظل هذا الخيار أحد الخيارات المطروحة في مسيرة نضالنا التي يجب أن تبقى سلمية في هذه المرحلة لأننا الطرف الأقوى بالحق وان ساعة الصفر لهذا الخيار لا يحددها المحتل بل يحددها أبناء الجنوب بعد أن يصنعوا الأرضية الايجابية للانتصار عبر هذا الخيار الذي لا يحبذه الجنوبيون ولكنهم سيذهبون إليه حينذاك مكرهين!!

 

أن أبناء الجنوب مطالبون باليقظة في هذه المرحلة الحساسة فالقادم من الأيام سيحمل الكثير للجنوب وأبناءه الأمر الذي يتطلب الحرص والتعقل لمواجهة دسائس المحتل وأطرافه التي يحركها في الداخل الجنوبي الذي بات مفتوحا ومخترقا من هذا النظام الفاسد , وعلى أبناء الجنوب أن يدركوا أن مخرجات حوار صنعاء قد جاءت بأشراف المجتمع الدولي ودول الإقليم وهذه حقيقة يجب عدم إغفالها بمقولتنا الشهيرة (هذا لا يهمنا) ويجب التعاطي معها ليس بالاستسلام لها بل في خلق خطط للاستمرار في محاورة المجتمع الدولي والإقليم لإظهار مكامن الشطط في هذه المخرجات وإيضاح مدى الظلم والضرر الذي سترسخه تلك المخرجات إذا ما حاولت تلك الأطراف الراعية فرضها على أبناء الجنوب , ومحاولة إقناعهم بضرورة تبني حوار ندي بين الشمال والجنوب تحت رعاية دولية وفي دولة محايدة !!

 

ختاما.. الرحمة والخلود لشهداء الثورة الجنوبية والعار لمن جلب الدمار لأهله وأمته واللعنة على كل من ضغط على الزناد ليقتل بريئا مسالما اعزلا والنصر للجنوب وأهله وقضيته العادلة ..!!                                                                          

            

مقالات أخرى

الاعداء التاريخيين لن يتخلوا عن سياسة اخضاع الجنوب

علي الزامكي

قيادة في قلب المعركة.. الانتقالي أمام اختبار التنفيذ

غازي العلوي

لكم فبركة الإشاعات ولنا النصر والثبات والسيطرة على الارض

اياد غانـم

الحذر من الاختراقات وحرف الاحتجاجات عن أهدافها ومشروعيتها

صالح شائف