مرارا كان الاستاذ محمد سالم باسندوة ينوي الاستقالة من منصبه للاسباب التي ذكرها في مقابلة مع قناة الجزيرة التي اذهلت المشاهدين بأن رئيس الحكومة يقول في أشياء كثيرة ومن ابرزها عن القضايا الامنية أنه لا يعرف شيئا ، البعض أعتبر تلك الصراحة أنها نقطة ضعف من قبل السيد باسندوة ، في الوقت الذي أعتبرها من يدركون خفايا الامور في السلطة .
أن الرجل كان صادقا في كل رد قاله في تلك المقابلة ، ما قاله باسندوة الذي خرج لاعلان الهبة في في صنعاء للاطاحة بالرئيس المخلوع علي عبدالله صالح ومنها انطلقت ثورة الشباب التي أخذت من على لسان الرجل أن الامور في قلب النظام قد وصلت الى مرحلة الانسداد الكامل ولم يعد ينفع أمامها الا الكي .. حينها كان الكثير ممن كانوا حول باسندوة ينصحونه بعدم الاستعجال في الاستقالة حفاظا على اللحمة والائتلاف القائم وخلال هذه السنتين التي لا تحتمل اية هزة سياسية أن اقدم على الاستقال .. وعوضا أن يقف الجميع حول الرجل الذي يتصف بالنزاهة ومشبع بالوطنية ، صوب الجميع بمن فيهم السلطة سهامهم عليه قبل أن يوجهوا السهام على وزرائهم الذين لم يختارهم باسندوة مثله مثل الرئيس عبدربه منصور هادي الذي جاء توافقيا من قبل تلك الاحزاب التي تنتقد اليوم سياساته .
نمى الى علمي اليوم أن الاستاذ محمد سالم باسندوة الذي أحجم على المجاهرة باستقالته مرار كلما ضاقت الامور على السلطة وأحيلت اسباب الضيق الى ضعف الحكومة ، أقدم اليوم على طرح استقالته شفهيا ولاول مرة على قيادات أحزاب اللقاء المشترك التي توافقت بأن يكون مرشحها لرئاسة الحكومة خلال الفترة الانتقالية ، وهذا الموقف الذي أتخذه باسندوة اليوم دليل أن الرجل طفح به الكيل لا سلطة الرئاسة متعاونة معه والتنسيق في أمور كثيرة مع رئيس الحكومة كما نصت عليها المبادرة الخليجية قبل أتخاذ اية قرارات من قبل السلطة او ترددها في إتخاذها عندما يكون الموقف حاسما لاعلانها .. باسندوة قرر اليوم فعل ذلك وامام الاحزاب التي تتشكل منها الحكومة باستثناء حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يخضع اعضاءه بالتناصف بين الرئيس هادي وبين الرئيس المخلوع صالح .. هذه المشاكل بين الاحزاب انعكست على اداء الحكومة.
وزادت من فساد كثيرين منهم وعدم جديته بالمسؤولية التي يتولونها خلال هذه الفترة الحرجة .. ظل باسندوة يتحمل كثير من تجاهل الرئاسة لدور رئيس الحكومة في حسم كثير من الامور من جانب ، ومن جانب أخر تحمل فشل وزراء وفسادهم من أحزاب هي شريكة في المبادرة الخليجية من المؤتمر والمشترك .. أذن الرجل وصل الى طريق مسدود حسب اعتقادي ولهذا جاهر باستقالته اليوم امام الاحزاب ليسمع الجميع أن الوفاق لا يعني.
تجاهل الاتفاق والذي ينص على التنسيق المشترك في كثير من القضايا بين الرئيس ورئيس الحكومة ، وبين احزاب المشترك وبين حزب المؤتمر ، وبدلا من أن يتحقق هذا الاتفاق والتوافق سارت الامور الى المماحكة السياسية بين الاحزاب لتنزلق البلاد الى هاوية سحيقة لا سمح الله اذا أستمرت هذه الامور خلال الاشهر القليلة القادمة ..
هل نعتبر الاستقالة الشفوية التي قدمها بقوة باسندوة اليوم ليسمعها قادة المشترك ناقوس خطر حقيقي وخطوة قوية للافصاح عن المعاناة التي تحملها طويلا دون أن يجد مساعدة من قبل كثير من الاطراف سلطة ومعارضة .. شخصيا أعرف أن الرجل هدد كثيرا بالاستقالة ونوى فعل ذلك مرارا ولكن عقلاء من حوله يثنوه باستمرار حتى لا ينكسر الوفاق وحتى لا تدخل البلاد في دوامة سياسية لا تتحملها .. خوفي أن يكون باسندوة قد قرر بالفعل حسم امر استقالته اليوم لان هذه الخطوة ستكون مصيبة على الرئيس هادي وعلى الاحزاب سلطة ومعارضة التي لم تفهم لماذا بكى باسندوة مرارا ليس من مكمن ضعف ولكن من عواقب يعرفها بأن الشعب سيدفع ثمنها وفي مقدمتهم كل من حول التوافق الى مماحكة سياسية.
مقالات أخرى