بالصدفة جلست الليلة امام التلفزيون واذا بقناتين تقدمان برامج حوارية عن ذكرى إستقلال الجنوب 30 نوفمبر 1967 عن بريطانيا بعد 129 عاما من الاحتلال .. الغريب أني استمعت في اللقاءات التي بثت اليوم كلها مركزة على الوحدة اليمنية وليس على استقلال الجنوب ..

كنت أتوقع أن يكون الاهتمام بوضع مقارنة بين فترة الاحتلال البريطاني لعدن والجنوب ووضع عدن او الجنوب بين مرحلتين ، مرحلة الاستعمار ومرحلة ما بعد الاستقلال الى مرحلة الوحدة وحتى اليوم ..

للاسف كانت البرامج تمجيد للوحدة وبشكل مسهب لتضليل الناس وابعادهم عن الواقع الذي يعيشونه .. كنت أتوقع أن يبقى التركيز على سرد واقع المواطن في الجنوب وعدن تحديدا ايام الاحتلال البريطاني وبين الواقع المعاش اليوم .. كيف عاشوا وكيف أصبحوا.. كنت اتوقع أن تقوم القنوات وهي تسأل المواطنين الذين عاشوا فترة الاستعمار البريطاني ليضعوا مقارنات بين تلك الحقبة واليوم الذي يعيشونه للاستفادة وتصحيح الاعوجاج ..

كنت اتمنى ان تقدم برامجا استطلاعية للمواطنين ليقولوا بهذه المناسبة رايهم وبوضوح عن حياتهم بين حقبتين للمقارنة والتعلم من الاخطاء .. بين استعمار يتحسر من عاش حقبته وبين وحدة مورست بأسمها أبشع وأقذر انواع الذل والظلم ضد المواطنين في الجنوب من قبل عصابة الحكم في الشمال والمغلفة بشعارات وطنية وبأسم الوحدة ..

كنت أتمنى أن تكون المناسبة هذه لتطرح القنوات مقارنة بين حقبتين وكيف عاش الناس في الجنوب خلالهما ..

للاسف وجدت أن هدف البرامج في القنوات اليمنية في الاحتفاء بهذه المناسبة هو هروب من الحقيقة وتضليل مقصود ومتعمد للناس الذين صاروا يتذكروا الاستعمار الاجنبي وبصماته ويتدمرون من إحتلال داخلي ومهاناته ومعاناتهم منه بأسم الوحدة ..

الاعلام اليمني العام والخاص كله وبدون استثناء يختلفون في سياساتهم وصراعاتهم الحزبية في ما بينهم ويتوحدون في تضليل الشعب وعن قول الحقيقة ونقل الحقائق في الجنوب للهروب من الواقع الذي صار مرا بل وغير مقبول ، كما أن الوحدة لم تعد مقدسة لتضللون الناس بأكاذيبكم .. الحقيقة مرة ومرارتها عكستها عقلية البرامج التي قدمتموها في هذه المناسبة 30 نوفمبر.