حسين السقاف
عودة الرئيس البيض

كثيرا ما كان الرئيس علي سالم البيض يردد كلمة اشتهر بها بعد خروجه من بياته الشتوي في عمان الذي دام قرابة خمسة عشرة عاماً بعد إن عادت إليه رغبة معاقرة السياسة من جديد ،كان يقول :(كل ما علينا أن نعمله هو استعادة دولة الجنوب وسنترك الأمر للشباب ليديروا دولتهم فيها) في اعتقادي بأن الرئيس البيض يقصد من هذه العبارة مرامي كثيرة :

:الأول هو ان هذه العبارة موجهة إلى رفاق الأمس لغرض تزهيدهم في مواصلة مشاريعهم السياسية ، والذي لم تأتي الوحدة إلا لتبديدها ، وما يفسر ذلك هو انزواء الرئيس البيض ونفوره الدائم من رفاق الأمس وعدم التزامه بأي من المواعيد والاتفاقات واللقاءات التي ضربت معهم ، وحتى الذين يرتبطون به بعلاقة "حراكية"سرعان ما ينتهون بشكل دراماتيكي بمجرد ما تلمع أسماؤهم بين الحراكيين ليخلفهم في ذلك جماعات أخرى تحمل عدائية مفطة تجاههم رغم عدم وجود خلاف بين الجماعات المتعاقبة .

 أما السبب الثاني: فهو أن الرئيس البيض يعرف تماماً بأنه وطوال مدة خدمته في الأجهزة المدنية والحزبية لم يكن له صديقا واحداً وعلى الأخص في محافظته ومنطقته حضرموت بل حتى بين أقاربه كما ان اسمه قد أرتبط بأبشع المراحل والمنعطفات التي مر بها الجنوب ، لذلك فهو يطمئن الجنوبيين بأنه لا يرغب مجدداً في السلم .

 أما السبب الثالث وهو أن شعور الرئيس البيض بأنه المسؤول - دون غيره- عن معاناة الجنوبيين يجعله حريصا بأن يكون المنقذ الوحيد لهم من ورطتهم التي صنعها دون غيره و دون أن يمنً عليه أحدٌ من الرفاق.

 أما سبب ابتعاد البيض عن رفاق الأمس هو لاعتقاده بأنه الوحيد الذي يحمل (باسورد العودة) من خلال الوعود القديمة والتلميعات الدولية التي لم يكن من مصلحة القضية –كما يرى البيض -كشف النقاب عنها.

ولعل أخرها كان ما جاء به بيان مجلس الأمن بشات تحميل الرئيسين السابقين البيض و صالح مسؤولية إعاقة المعاهدة الخليجية. خاصة إذا ما علمنا ان دخول الجنوب في وحدة 22 مايو جاء وفق رغبة دولية قبل أن تكون يمنية فضلاً عن أن تكون جنوبية . كما ان حلحلة النظام الجنوبي بالطريقة التي خرج بها الرئيس البيض كانت أيضا وفق رغبة دولية . ولعل دخول الرئيس البيض عام 1994 إلى سلطنة عمان وحيدا دون بقية رفقته الذين تركوا خارج الحدود خلافا لما كان لسلفه الرئيس علي ناصر محمد الذي دخل في حرب يناير 1986 إلى صنعاء بموجب إتفاقية تضمن لجميع رفاقه (الزمرة) دوام الإقامة بحقوقٍ متميزة ، من كل ذلك وغيره يأتي وعد العودة .

الذي يستمد الرئيس البيض منه قوته ، ولا شك بأن النار التي تنضج مشروع الانفصال هي بدرجة أساسية معاناة الجنوبيين من النخب التقليدية الفاسدة في الشمال المتمثلة في التحالف القبلي والعسكري والكهنوتي والمكون من الأحمرين وذو اللحية الحمراء. خلاصة القول في اعتقادي بأن الرئيس البيض هو أشبه بذلك اللاعب الذي عاد لحاشية ملعب السياسة ينتظر صفارة الحكم الدولي للإذن بالدخول في اللعبة السياسية.

مقالات أخرى

الاعداء التاريخيين لن يتخلوا عن سياسة اخضاع الجنوب

علي الزامكي

قيادة في قلب المعركة.. الانتقالي أمام اختبار التنفيذ

غازي العلوي

لكم فبركة الإشاعات ولنا النصر والثبات والسيطرة على الارض

اياد غانـم

الحذر من الاختراقات وحرف الاحتجاجات عن أهدافها ومشروعيتها

صالح شائف