أثمار هاشم
عن السجن كمعهد لتخريج المجرمين

يحدث أحيانا أن نستمع إلى حكايات بعض الناس فنشعر معها بالصدمة والذهول سواء اكان ذلك بقصد عندما يتحدثون اليك شخصيا أو بدون قصد كما حدث معي وانا في أحد الباصات حيث وجدت نفسي أصغي إلى حديث امرأة لا تختلف كثيرا عن باقي النساء اليمنيات التي تفني حياتها من أجل أبنائها واحفادها، كان يبدو ان تلك المرأة لا يهمها ان تتحدث أمام اشخاص غرباء وفي مواصلات عامة بقدر ما كانت تريد إزاحة هم يثقل كاهلها .

حكاية تلك المرأة او بمعنى ادق حكاية ابنها كما سردتها هي "أنه أحد نزلاء سجن المنصورة لانه دخل في تجارة وخسر فيها وطالبه شركاؤه بالمال ولعجزه عن التسديد ورفض بعضهم قبول الدفع بالتقسيط أدخل السجن لعدم قدرته على دفع المبالغ كاملة خاصة، وأن "ظروفنا المادية صعبة ونعيش انا وأبنائه من معاشي التقاعدي الذي لا يكفي خاصة واني كنت موظفة بسيطة في أحد المرافق الحكومية واستبشرت خيرا عندما بدأ ابني بالعمل بفي التجارة وربح وعندما فكر في توسيعها ودخل معه شركاء كثر أدارت لنا الحياة وجهها وهو قابع الان في السجن ينتظر الفرج".

وتابعت سرد حكاية ابنها قائلة :"لو كان الامر يقتصر على سجنه لتحملت على مضض فترة سجنه بانتظار أن يأتي يوم ويفرج عنه كباقي السجناء المعسرين الذين نسمع عن أخبارهم ولكن ما يعانيه هو وغيره من السجناء يجعلني أعيش في قلق عليه من المضايقات التي يتعرضون لها من قبل بعض السجناء الذين لهم سوابق في دخول السجن ومحاولتهم فرض سيطرتهم على أي سجين جديد إذا ما راوا فيه الطيبة والخنوع فيجبرونه على غسل ملابسهم وتنفيذ ما يطلب منه وان رفض ذلك فعليه ألا يتوقع ان يمضي ليلته تلك بسلام دون ان يكونوا قد أوسعوه ضربا كل ذلك يحدث بعلم بعض السجانين الذين يغضون بصرهم عما يحدث وان طلبت منهم الحماية فعليك ان تدفع لهم الثمن الذي يحددونه  أكان مبلغا معينا من المال او شراء أشياء معينة لهم وكأن لا تكفي معاناة المرء ان يكون داخل السجن ومعاناة اهله معه في هذه الظروف القاسية حتى يزيدوا هم من معاناته بمطالبهم".

واكملت المرأة سرد الحكاية :" قديما كنا نسمع ان السجن للمحكوم عليهم من اصحاب التهم الكبيرة تدريب وتاهيل ولكن ما يحدث الان هو شيء خارج العقل والمنطق وكاننا في فيلم سينمائي .وتساءلت أين النظام وأين القانون ؟ولماذا لا يفعل مسؤولو السجن شيئا ويقومون بفصل أصحاب السوابق والمشاغبين عن باقي السجناء؟هل تقتصر مهمتهم على وضع المساجين في الزنازين فقط ليتدبر بعدها كل سجين حماية نفسه،  فاذا أراد ان ينأى بنفسه عن المشاكل فالخيارات امامه تظل محدودة وهي اما ان يظهر لهم إنه قوي وقادر على مواجهتهم والبقاء متيقظا لهم طوال الوقت وهذا قد يكلفه أيضا كثيرا لأنه اذا دخل في مواجهة معهم ستتضاعف مدة عقوبته أو أن يدفع للسجان".

حقيقة لم أجد – لحظتها - ما أقوله لتلك المرأة لأنه في مواقف معينة يحدث ان تضيع منا الكلمات فمهما قلنا ستظل كلماتنا مجرد كلمات إن لم يحدث تغيير جذري في المنظومة الامنية في السجون لإيقاف ما يتعرض له السجناء من انتهاكات إلا يكفي تلك الأمراض والأوبئة التي تصيبهم بين حين واخر؟ الا يكفي ان السجناء المعسرين لم يلتفت احد إليهم وينقذهم مما هم فيه؟، اضف إلى ذلك إضراب المحاكم والنيابة الذي استمر لفترة طويلة واطال من امد بقاء بعض النزلاء في السجن لانهم لم يجدوا من يبت في قضاياهم ويريحهم من عذابات الحبس .

 ألا يدرك القائمون على السجن والجهات ذات العلاقة ان التهاون او التقاعس في إيجاد حل لمشاكل السجن والسجناء ستزيد من أعداد المجرمين فقد يدخل الفرد بتهمة بسيطة وتجبره ظروف السجن على تعلم أساليب من شانها تحويله الى زائر دائم للسجن.

مقالات أخرى

الاعداء التاريخيين لن يتخلوا عن سياسة اخضاع الجنوب

علي الزامكي

قيادة في قلب المعركة.. الانتقالي أمام اختبار التنفيذ

غازي العلوي

لكم فبركة الإشاعات ولنا النصر والثبات والسيطرة على الارض

اياد غانـم

الحذر من الاختراقات وحرف الاحتجاجات عن أهدافها ومشروعيتها

صالح شائف