بدر عبده شيباني
اسس الدستور الذي نريد

في تاريخ بلادنا السياسي الحديث والمعاصر جرت مناقشات ساخنة وطويلة امتدت ليس لاشهر بل لعدة سنوات تناقشنا وتحاورنا حول وضع احكام دستور، في كل تلك الدساتير العديدة التي اصدرتها الانظمة التي حكمتنا، وتلك المواد الدستورية التي جرى الغاءها او تعديل بعضها مرارا حتى فقدت مضامينها الوطنية، لخدمة بقاء مصالح هذا النظام او ذاك، وبذلك تراجعت عن تحقيق أي هدف من اهداف ثورة سبتمبر او اكتوبر، بما في ذلك دستور دولة الوحدة الذي جرى الغاء اهم مواده في اول اجتماع لمجلس الرئاسة الخماسي لدولة الوحدة، وكانت مؤشرا ساعد على تقويض مشروع دولة الوحدة، كما كان الامر في الغاء وتعديل دستور ثورة سبتمبر.

ان احكام الدستور تمثل نفس احكام القوانين التي تشرعها مثل كل الدول ليحتكم اليها الجميع، في تنظيم علاقاتهم الدنيوية دون تمييز بين طويل وقصير او مسلم وغير مسلم ولا بين الغني والفقير والتمسك بخلاف ذلك سيؤدي الى استهداف تدمير اسس بناء الدولة المدنية الديمقراطية.

وتعرقل تطلعات شعبنا التي كانت تطمح بان تبنى على انقاض نظامي الشطرين.

لذلك يطالب الناس اليوم بدستور جديد يمثل ارادتهم ويحقق مطالبهم التي سالت دماؤهم من اجلها في ثورتهم، بأن يكون لديهم ممثليهم المنتخبين عن منظمات المجتمع المدني في المجالس النيابية الشرط الضامن لحماية الحقوق المدنية ولتجسيد لحق الشراكة لكل فئات المجتمع، دستور يستطيعون ان يتنفسوا من خلاله بالتعبير عن ارائهم وابداعاتهم بحرية ونقابات تطالب بحقوق عمالها بأنهم ليسوا عبيد لدى مشغليهم والشباب عن فرصة عمل تلائم طموحاتهم ويرفع عن الطلاب مآساة تعليمهم.

وفرصة للاسرة للحصول على الخبز والحليب لاولادهم، وفرصة لبناء دولة لا توصلهم الى ما اصبحوا عليه اليوم من بؤس وحرمان وبلادهم تمتلك من الثروات الطبيعية والقوة البشرية ما يجعلها دولة صناعية وزراعية انتاجية متقدمة، وليست دولة فقيرة تشحت القروض، والناس تشحت قيمة الخبز والدواء ورسوم التعليم وملابس وكتب المدرسة السكن والكهرباء والمياه.. ويستمر استغلال الامية والفقر والولاءات القبلية والمناطقية للاستيلاء على الحكم والثروة، وهذا لا يجب ان يبقى ويتكرر في الدستور الجديد ونصطف لدعم حقوقنا ومستقبلنا فيه.

ضاعت خمسين عاما من حياتنا ونحن لم نحقق اية تحولات ديمقراطية في حياتنا، ولا يجب ان نضيع هذه الفرصة الراهنة، من دون ان نتماسك لتأسيس حقيقي لمرحلة مشرقة في حياتنا ونصنع شيئا لاجيالنا القادمة على الاقل في بناء دولة مدنية تعزز الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية لخلق تحولات جذرية حقيقية في حياة الناس من دون الغاء او تهميش او تمييز عنصري في الدستور الجديد وتلك بعضها مثلا:

1-         لا يمتلك أي نظام او تحالف سياسي كونه وصل الى الحكم بمنح نفسه الحق تحت اية اسباب او مبررات في الغاء او تعديل اية مادة من مواد الدستور لتفصيلها على مقاسه، ويمنع منعا باتا الا بعد عقدين من صدوره.

2-         يشكل مجلس الرئاسة الاساس الامن لاي نظام قائم بموجب هذا الدستور حتى لا تطغى صورة الرئيس على الوطن.

3-         القوات المسلحة والامن مؤسسات وطنية لكل الوطن، وتقتضي المصلحة تحييدها من حق المشاركة في الحياة السياسية العامة.

4-         يجسد الدستور الاساس الذي يمنح الحق الوطني المشروع لكل فئات المجتمع كشركاء بالتمثيل المتكافئ في الانتخاب بحرية مثملين عنهم الى المجالس النيابية وفي لجان الانتخابات لتمكينها من القيام بدورها الوطني في بناء الدولة.

5-         يجسد الدستور اسس النهج السياسي الوطني للدولة، المعتمد على حق الشراكة في صنع القرار وبناء اقتصاد وطني صناعي وزراعي تعاوني انتاجي مملوك للدولة لتحقيق فعلي لفرص العمل وحق العمل ولقمة العيش الكريم للناس.

6-         يؤسس الدستور لقضاء مستقل يمارس بحرية حقه في انتخاب اعضاء هيئاته.

7-         يعزز الدستور قيام الدولة بدورها الوطني في الالتزام بتنفيذ مهمات وظائفها الاساسية في توفير الاحتياجات الانسانية الاساسية واس العيش الكريم لمواطنيها وتوسيعها وتطويرها بشكل متساوي في كل البلاد.

تلك الضمانات الوحيدة التي لا تجعلنا نظل نتذكر عن الازمات بان لدينا وطن لابد من المحافظة عليه بعد ان انتظروا تدميره تماما.

مقالات أخرى

الاعداء التاريخيين لن يتخلوا عن سياسة اخضاع الجنوب

علي الزامكي

قيادة في قلب المعركة.. الانتقالي أمام اختبار التنفيذ

غازي العلوي

لكم فبركة الإشاعات ولنا النصر والثبات والسيطرة على الارض

اياد غانـم

الحذر من الاختراقات وحرف الاحتجاجات عن أهدافها ومشروعيتها

صالح شائف