فائز سالم بن عمرو
النكتة السياسية .. تمرّد على الواقع أو محاولة لتبريره

حين تحاصر المواطن البسيط والمطحون المشاكل وتتحكم بسير حياته يهرب البعض للتبرير والسخرية من واقعه اليومي المعاش ؛ مما يعرف " بالنكتة السياسية " التي يتخذها البسطاء وسيلة معارضة شعبية لنقد المجتمع وقادته وقضاياه ، هذه النكتة السياسية البسيطة تفسر الواقع الاجتماعي والسياسي المعاش وتكشفه ، وتسقط قدسية المسكوت عنه في المجتمع وتعرِّيه .

تمتاز النكتة السياسية بالبساطة والمعاناة معا ، فهي لسان المواطن الضعيف الذي افتقد كل الوسائل لإيصال رأيه واحتياجاته ، وتعتبر النكتة السياسية في الدول ذات الممارسة الديمقراطية الحقيقية مقياس حقيقي لمعرفة الرضاء والسخط الشعبي عن الحاكم والحكومة وسياستها ، بينما في الدول العربية تعد جريمة وقذف وسب في الذات الملكية ، ومساس بالنظام الجمهوري ؟! .

 من النكت المتداولة في الساحة اليمنية المتضاربة المشاريع واللاعبين الرافضة للمركزية التي قامت عليها دولة الوحدة والتي تزعم : بأن مواطنا مات ، وذهب يوم القيامة ليبحث عن اسمه في كشوف الجنة فلم يجده ، ولم يجده أيضا في كشوف النار ، فاحتجَّ رافضا ، فقيل له : راجع صنعاء ؟! .

وأكثر النكت في مجتمعنا تستهدف السياسيين وممارساتهم ، ومنها بان سياسيا قال في خطبته الانتخابية الحاشدة : مَن مات أبوه ، فانا أبوه ، ومن مات ابنه ، فانا ابنه ، فقال بعض الحضور في خبث : فمن ماتت امرأته ؟! .

النكتة السياسية هي في الأصل نابعة من واقع اجتماعي معقد ، ويتسم في الغالب بغياب الحرية والرأي ، فقد سال مدرس الجغرافيا أحدى طلابه بعد أن فرغ من درسه عن انتشار زراعة البن من اليمن إلى كل أقطار العالم : عن أهم ما تتميز به بلدك اليمن ، فأجاب الطالب بسرعة : المطبَّات ؟! .

ونختم تلك النماذج الشعبية من السخرية من الديمقراطية اليمنية إذا سال احد أعضاء مجلس النواب ـ وهو لا يجيد القراءة والكتابة إلا بالاستعانة بصديق : عن دوره في مجلس النواب ، وكيف يستطيع التصويت على القرارات المصيرية ، فأجاب : أنا لا اخرج من بيتي إلا رفعا يدي تأييدا للواجب الوطني ؟! .

النكتة السياسية هي روح الشعب والوعاء الأكبر والأوسع للوقوف على معاناة الشعوب وأحلامهم وآمالهم ، وهي طريقة واقعية تمكن الشعوب من القفز والسخرية من واقعهم اليومي الصعب ، وهي عند البعض وسيلة للهروب من ممارسة السياسية وزيارة السجون ؛ إذا القوانين واللوائح لا تعتبر النكتة السياسية الشعبية جريمة ما لم تنشر أو تكتب أو يصرح بها المواطن المطحون ، وإذا لزم الصمت السياسي واثر السلامة ، فانه ينجو ببدنه وماله من طائلة القوانين وسطوتها ؟! .

مقالات أخرى

الاعداء التاريخيين لن يتخلوا عن سياسة اخضاع الجنوب

علي الزامكي

قيادة في قلب المعركة.. الانتقالي أمام اختبار التنفيذ

غازي العلوي

لكم فبركة الإشاعات ولنا النصر والثبات والسيطرة على الارض

اياد غانـم

الحذر من الاختراقات وحرف الاحتجاجات عن أهدافها ومشروعيتها

صالح شائف