لم نعد اليوم بحاجة إلى تكرار الحديث عن كارثة حقبة ما تسمى بالوحدة اليمنية ، واستعراض آلامنا وأوجاعنا كشعب جنوبي وجد نفسه فجأة في قبضة حكم القبيلة والتخلف والهمجية ، فقد خبر العالم حقيقة هذه النكبة ونُشرت بشأنها مئات بل آلاف المقالات والمذكرات والتقارير وعقدت الندوات والمؤتمرات في الداخل والخارج جميعها تناولت بالتفصيل هذه القضية باعتبارها قضية شعب ووطن يقبع تحت احتلال همجي بكل ما تعنيه الكلمة منذو غزوة عام 1994 م ولا زال إلى يومنا هذا .
ولذلك ، فإن على شعبنا الجنوبي الذي يرجع إليه الفضل وحده بعد الله سبحانه وتعالى في إظهار قضيته على ارض الواقع من خلال التظاهرات والفعاليات المليونية ، عليه أن يعيد تقييم تجربته النضالية والنظر إلى محطاتها المختلفة منذو انطلاقة الحراك المبارك وحتى اللحظة . وبالنظر إلى مسيرة تجربة الثورة فإن الشعب قد اثبت تماسكا قويا ، وإصرارا ثابتا على مواصلة النضال حتى تحقيق النصر بالحرية والاستقلال ، ولكن كما هو واضحا فإن أسباب الإخفاق والتعثر التي حالت دون تحقيق انتصار الثورة تكمن في غالبيتها في القيادات التاريخية المعتقة التي استمرأت الخلافات والانقسامات بشكل طال أمده دون مبررٍ واضحٍ ولم تستطع إقناع الشارع بخلافاتها وأزماتها المتوالية ، ضاربةً عرض الحائط بكل تضحيات ودماء الشباب في طول الجنوب وعرضه ، من الشهداء والجرحى والمعتقلين والمنافحين في ميادين وساحات الثورة وهم صابرين متعشمين أن تنجلي دوامة الخلافات التي تتناسل يوم بعد آخر بفعل قيادات وعقليات عقيمة وضيقة غارقة في وحل ثقافات الماضي .
وعليه فإن الدور المُلح والعاجل يقع علة كل القوى الشريفة والمخلصة وفي مقدمتهم الشباب إلى إعادة النظر في صياغة المشهد النضالي الجنوبي باتجاه إحداث تغيير جذري وعميق في حركة التحرر الوطني الجنوبي حتى تنهض وتنتشل الوضع القاتم والمحبط للآمال الذي أصاب المواطن الجنوبي في كل أرجاء الجنوب ، هذا التغيير المطلوب أن ينصب بشكل أساسي في الترتيب والتحضير وتوجيه الرأي العام إلى الاستعداد لخوض تجربة التخلص من القيادات التي أثبتت فشلها وأنانيتها ودورها في تمزيق الصف الجنوبي بسبب حساباتها الشخصية الضيقة وإدمانها على الاستحواذ والهيمنة وسلطة الفرد الواحد ولا يجوز بأي حال من الأحوال الاستمرار في الارتهان لهذه القيادات وترك هذا الشعب العظيم الذي قدم التضحيات الجسام أن يبقى أسيرا تحت رحمة أهوائهم ورغباتهم الغبية .
ومن هنا فإن أصوات الشباب المعبرة عن إحباطها وتبرمها من هذا الوضع المزري ، وحالة القلق الشديد التي تنتاب الغالبية جراء السياسات الحمقى ، كل تلك الهواجس المخيفة مدعاة للتحرك الفوري والمدروس لخلق حالة من الثورة المضادة والواسعة والنزول الى الشوارع لإجبار كل القيادات المتناحرة والمتأزمة للخضوع لإرادة الشعب والتسليم بقبول ما يقرره الشعب من قيادات يختارها بنفسه من خلال مشاورات للتوافق على قيادة جماعية واسعة من الشرفاء من أبناء الوطن في الداخل والخارج المؤمنين بهدف الثورة بالحرية والاستقلال .
ليس من المقبول بعد هذا التيه اللا معقول الذي تتعرض له الثورة الجنوبية ، ان يقف الجميع بائسين ومحبطين دون التحرك لفعل ما يعيد للثورة اعتبارها وقدسيتها ووضعها الطبيعي ومكانتها على الطريق السليم المفضي الى النصر وانتزاع الحرية والاستقلال في الوقت القريب بإذن الله .
هناك من الشخصيات الجنوبية المغمورة من الشباب والاكادميين والمفكرين والسياسيين المخلصين لديهم القدرة والكفاءة للعب أدوار قيادية ناجحة على قاعدة مصلحة الجنوب والثورة ومستقبلها فوق كل المصالح ، وعلى قاعدة " لا صوت يعلو فوق صوت الشعب " .وإنها لثورة حتى النصر.
مقالات أخرى