حسام سلطان
للمعترضين على تنحية مرسي

مصر تبدو للاسف الشديد مرشحة للدخول في دوامة الفوضى ليس بسبب ان الجيش قام بعزل الرئيس الجهبذ محمد مرسي ولكن لاسباب اخرى اقدم من محمد مرسي بل واقدم من جماعة الاخوان المسلمين نفسها، وان كان عزل مرسي يشكل غطاءً مناسباً لمن يريدون لمصر الانزلاق في مستنقع الفوضى.  نحن مازلنا عاطفيون فالرئيس محمد مرسي كما تقول الدعاية الاخوانية عند استعراض اهم انجازاته التي ادت الى تنحيته انه اول حاكم عربي ملتحي يحفظ القرآن مع ان السلطان قابوس ملتحيٍ قبله بعقود، كما انه ليس اول حاكم عربي يحفظ القرآن و يعرف الاحكام الفقهية فالحجاج ابن يوسف الثقفي كان يسترجع القرآن كاملاً في دقائق بل ويستخدم القرآن للمحاججة ولافحام خصومه قبل قتلهم وبعده الخليفة العباسي الاول ابو العباس عبدالله الملقب بالسفاح، ومن الحكام العرب المعاصرين هناك الملك المغربي محمد السادس الذي تثقف منذ صغره بثقافة خاصة تشمل العلوم الاسلامية والفقه وذلك حتى لايُفحم عند مناقشة المسائل الفقهية مع الفقهاء والوكلاء الحصريين للاسلام.  
مصر ثارت على مبارك ليس لانه لايحفظ القرآن او لانه يحلق لحيته كل صباح، مصر ثارت على مبارك بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية وازدياد حدة الفقر والبطالة واستشراء الفساد وغياب الامن وضعف الرعاية الصحية وتدهور المؤسسات التعليمية والاهم من كل ذلك "الاستئثار السياسي" بحيث اصبح الانتماء للحزب الوطني الحاكم آنذاك هو البوابة التي يجب الولوج من خلالها لمن اراد النجاح في اعماله او الترقي في الوظيفة العامة.
نفس تلك الاسباب هي التي دفعت الملايين للخروج على محمد مرسى قبل تدخل الجيش، تلك الجماهير لم يعد لديها صبر الجيل السابق لتنتظر ثلاثين عاماً لترى النتائج فكما يقول المصريون الجواب باين من عنوانه. لازلت اتذكر الرئيس محمد مرسي واثناء الحملة الانتخابية عندما سُئل ماذا ستفعل اذا خرجت عليك الجماهير قال حتى لو خرجوا عشرة اشخاص لابد ان استمع اليهم، ولكن وعود الحملات الانتخابية لاتعرف اللحى ولاعلاقة لها بالستين حزب برواية حفص.
الشرعية التي يتحدث عنها انصار الرئيس مرسي وجماعة الاخوان، كانت مع مبارك ايضاً والا لماذا قبلوا المشاركة السياسية الفاعلة قبل ثورة ?? يناير، رغم اعتراض الاخوان حينها على تزوير الانتخابات وعلى اداء الحكومات وعلى نظام الحكم لم ينازعوا مبارك "شرعيته" الا بعد ان استيقنوا من سقوط النظام، بل ان هناك من اشار الى ان الاخوان في الايام الاولى من ثورة يناير دخلوا في مباحثات مع النظام "الشرعي" لتحقيق مكاسب من اجل ان تكون كلمة الله هي العليا بالطبع.
الجيش اذاق محمد مرسي من نفس الكاس التي اذاقها مبارك ولاينبغي لحركة الاخوان المسلمين الدخول في مهاترات طويلة مع الجيش لن تؤدي الا الى مزيد من الدماء وازهاق الارواح من اجل تحقيق رومانسية الرئيس الملتحي، مكان الاخوان المسلمين الذي برعوا فيه هو المعارضة المستقيمة الملتحمة بالشارع وليس كرسي الرئاسة في زمن مثل هذا.  كنت اتمنى ان يحافظ الاخوان على وعدهم الاول بعدم تقديم مرشح للرئاسة مباشرة بعد الثورة، لو التزموا بذلك الوعد لكانت الجماهير الان تناشدهم ان يتدخلوا لانقاذ الموقف.  ولكنها العاطفة التي دائماً ماتغلب العقل في بلداننا...
صناديق الاقتراع ليست ابقاراً مقدسة الا في الدول التي تحقق فيها قدر معين من الرفاهية والامن بكل انواعه، الامن الغذائي والامن الصحي والامن الاجتماعي والامن التعليمي.  مشكلتنا اننا مازلنا عاطفيون حيث تخرج الان جماهير الاخوان لتبلغ الرئيس مرسي رسالة تقول: اذهب انت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون، كما صرح بذلك ابنه اسامة امام حشد جماهيري كبير في ميدان رابعة العدوية.
لا انسى في هذا المقام ان اشير الى ان هناك بالفعل مؤامرات خارجية وصهيونية وماسونية وامبريالية واطباق طائرة، ما الجديد؟.

مقالات أخرى

الاعداء التاريخيين لن يتخلوا عن سياسة اخضاع الجنوب

علي الزامكي

قيادة في قلب المعركة.. الانتقالي أمام اختبار التنفيذ

غازي العلوي

لكم فبركة الإشاعات ولنا النصر والثبات والسيطرة على الارض

اياد غانـم

الحذر من الاختراقات وحرف الاحتجاجات عن أهدافها ومشروعيتها

صالح شائف