المثير للسخرية والالم ان ما تعانيه عدن من انقطاعات الكهرباء والمياه تبرر من قبل المعنيين بصورة مستفزة للمشاعر ما يعني ان هؤلاء لا يشعرون بالمسؤولية ازاء ما يحدث والا لما اعتبروا ان ما هو قائم من انقطاعات امر مألوف حيث قال احدهم هذه الانقطاعات ليست جديدة على عدن مشيرا من ان الحال هكذا كان قبل عام 1994م مثل هذا التبرير السمج قابله تبرير اخر للمعني من ادارة المياه بالقول اصلا في عدن الناس متعودة على وصول المياه الى منازلهم على مدار الساعة مذكرا بما يعانيه سكان مدينة تعز من انقطاعات وانعدام تام للمياه.
مثل هذه المقارنات مصدرها المعنيين في ادارة المياه والكهرباء عند طلوعهم على قناة عدن الفضائية.
مبشرين ايضا من ان المناقصات ستفتح في الاسبوع القادم وبما يمكن من تعزيز التيار الكهربائي في اواخر يوليو القادم.
بمثل هذا البرود والاستهتار يتحدث هؤلاء ولا يرون في الوضع القائم الا امتدادا للاحوال قبل عام 1994م.
وعلى المواطن تحمل عناء ومشقة البقاء تحت سطوة صيف لا يرحم لان الامر وببساطة من الامور الطبيعية عند المعنيين حتى مع حجم الضحايا المرتفعة لهذه الازمة الحادة من ارواح السكان في عدن من المرضى والشيوخ والاطفال.
غياب التيار الكهربائي وخدمة المياه لا تحتملان بالمطلق ولا يمكن تخيل حال بلد تتعاطى مثل هذه الضروريات بهذا البطء .
فما يحدث اليوم في عدن افضع من ان يوصف بازمة لان وراء الاكمة ما وراء الاكمة هناك عبث يطال كيبلات الكهرباء وانقطاع تام للكهرباء على ضواحي واطراف عدن والثابت ان ما يحدث ليس منقطعا عن ما يجري من عبث وتبديد للموارد المتعلقة بالكهرباء والمياه.. منذ زمن الوضع الذي ولد مثل هذه التداعيات المؤسفة فغياب الصيانة يرتبط بسوء اداء الادارة المتعاقبة على هذه المؤسسات الخدمية .. مدراء مكتفين بما تمنحهم مواقع المسؤولية من امتيازات، اما ان يكون لديهم احساس بالمسؤولية فأمر مستبعد.
حال يقابله اداء المتعاقبين على كرسي محافظ المحافظة ممن لا يتوانون في اطلاق التصريحات الهزيلة التي لا تعبر الا عن مستوى اخلاصهم وتفانيهم في خدمة اسيادهم.
فما هو قائم اليوم في عدن يأتي في نطاق تصفية الحسابات والعقاب الجماعي للسكان بدون ادنى شك وامعان في اذلال المواطن والاستهانة بحقوقه والا ماذا يعني ان نسمع تلك المبررات والمقارنات التي يستكثر من خلالها هؤلاء على عدن ما كانت تتمتع به من خدمات ..فهل تستدعي الضرورة لديهم ان يكون حال عدن كحال مدينة تعز ربما تعميقا من وجهة نظرهم لمعاني الوحدة المباركة حسب وصفهم المألوف.
بوجود مثل هؤلاء على هرم سلطة المحافظة والمرافق الخدمية لا يمكن التنبؤ بوضع حلول اسعافية وعاجلة للوضع ربما لان قواعد اللعبة تقتضي اللعب بورقتي الكهرباء والمياه لاهداف ستظهر لاحقا.
والامر اللافت ان السكان الواقعين تحت سطوة هذا العبث بدوا اكثر خنوعا واستسلاما الحال الذي يزيد من تعميق مشكلتهم الحادة والتي لا حلول فعلية تبدو ازائها.
فهل تقتضي حالة الوفاق بين اطراف العمل السياسي التضحية بسكان عدن باعتبارهم الطرف الاضعف؟.
ام ان لسان حال الطرف الغير قادر على مواجهة ما يجري يقول :
ومن نكد الدنيا على الحر ان يرى
عدوا له صديقا ما من صداقته بدو
ثم هل يكفي المحافظات الجنوبية ما تعانيه من حالة الخلط والفوضى والدمار وازهاق الارواح؟.. ام ان الكهرباء والمياه حجر الزاوية في حسابات احد الاطراف وبالتالي لا مفر من استخدام ورقة الضغط هذه حتى يتم جني ثمرة ذلك.. فالازمة مفتعلة حسب معطيات كثيرة كما ان الاوقات المختارة بعناية لحرمان السكان من نومهم تدل بما لا يدع مجالا للشك ان ما يجري مدروس بعناية وحالة عقابية جماعية غاية في الاتقان ..حرمان السكان من خدمات كهذه امر لا يطاق فهل بقي شيء من العقاب لم يتم ممارسته حتى الان؟
فماذا بعد العطش والبقاء تحت اعلى درجات الحرارة في مدينة لا ينام سكانها بعد ان عطلت كافة مصالح الحياة معها وحشر الجميع في زنزانة مرعبة على نحو غير مسبوق في تاريخها.
مقالات أخرى