يوسف عمر باسنبل
المكلا … قهاوي وحكاوي

تابعت التقرير الذي بثته قناة ( B.B.C  ) البريطانية ، وأعده الزميل طلال باحيدرة عن المقاهي الشعبية ، وانتشارها في مدينة المكلا حاضرة محافظة حضرموت ، حيث سلط التقرير الضوء على المقاهي الشعبية وماتقدمه من خدمات لمرتاديها ، تختلف باختلاف ساعات النهار صباحا ومساء ، تبدأ مع ساعات الصباح الأولى بتقديم وجبة الإفطار الشعبية ( شاي الحليب والباخمري ) ، إلى أن تصبح مع نهاية ساعات النهار ملتقى لمختلف الأطياف والنخب السياسية والثقافية والرياضية والعامة ،  في أجواء يصعب على الفرد تخيلها إلا بعد معايشتها .

   مقاهي المكلا تنتشر في الحارات والأزقة وفي الأماكن العامة ، تجدها ضاربة أشرعتها على ضفاف الخور وكورنيش المكلا والمحضار ، تجدها ملأى بمرتاديها من شباب وكبار السن ، يتجاوز عددهم المئات يخوضون في مختلف المواضيع بين تحليل ونقد وطرح رأي ، وأكثر مايكون للسياسة والرياضة حضورهما  الطاغي ، فالأحداث الساخنة وماتشهده حضرموت من أعمال اغتيالات وتصفية ، هي القضية الأكثر نقاشا وتتباين معها وجهات النظر وأساليب الطرح ، وتظل الشغل الشاغل على الساحة إلى أن تطفو على السطح قضية جديدة ، تأخذ لها حيزا في نقاشات المقاهي ،  وقد تتحول بعض القضايا إلى حكايات ألف ليلة وليلة ليسردها الآباء للأبناء .
حكاوي القهاوي أكثرها تعتمد على الجانب التنظيري ، وتظهر لنا كفاءات نغفل الكثير عنها ونتجاهلها ، وكان بإمكان القنوات الفضائية الاستفادة من هذه الكوادر التي ترتشف الشاي الأحمر والحليب ، مع أن بعضها يمارس الفهلوة الزائدة والإكثار من رغي الكلام ، التي لن تغني أو تفيد شيئا مادامت تلك الأصوات لن تصل إلى صناع القرار في المحافظة فحسب ، ومع هذا تجد مرتادي مقاهي الشاي الأحمر والحليب يزدادون يوما بعد آخر ، وتتغير الجلسات فيها من مكان لآخر وتظل فيها بعض الأماكن محجوزة ل ( شلات ) معروفة ، وبعضها لا يبالي بالأحاديث العامة ، وينصب إتمامه على مجالسة رفقاء دربه وتمضية الوقت في لعب الورقة والكيرم و( الضمنة ) ، تاركين مجال النقاش لذوي الاختصاص بعيدا عن حكاوي القهاوي .
   انتشار المقاهي الشعبية في مدينة المكلا ومدن حضرموت الأخرى ، لايعني دلالة على أن هؤلاء يعيشون حالة من الفراغ و ( الفضاوة ) ، مع وجود لهذه الصفة بين بعض المرتادين الذين يعللون ذلك بقلة الأعمال وكذا الظروف التي تمر البلاد ، فجدوا المقاهي متنفسا لهم ولهمومهم ، ولكن هل ستتكور المقاهي لتكون مواكبة للعصر وتوفير سبل أفضل من الموجودة حاليا أم ستظل على ماهي عليه ؟ لتبقى المقاهي الشعبية أحد رموز مدينة المكلا ،في إشارة إلى بساطة العيش فيها كطبيعة ألفها الحضارم لتستمر الحكاوي في القهاوي .

 

مقالات أخرى

صندوق علاج المرضى عون وسند البسطاء

عادل حمران

شعرة معاوية وسوريا واليمن

وجدي السعدي

حراك وسط اليمن وكل الشوافع بين إقليم الحكم الذاتي الواحد أو الدولة المستقلة

محمد عبدالله القادري

ما بعد تصنيف الحوثي

صالح علي الدويل باراس