بشير الغلابي
عـذراً عشاق التفرقة .. كل الجنوب ساحات نضال

لم يتبق على ذكرى إعلان الحرب على الجنوب، أرضاً وشعباً وهوية، من قبل نظام العربية اليمنية في 27 أبريل 94، سوى أيام معدودة لا تتجاوز أصابع اليد، وهذا اليوم الأسود المشؤوم لدى كافة أبناء شعبنا الجنوبي العظيم يعتبر يوم الغدر بالشراكة السلمية، وقتل ما يسمى بالوحدة بين دولتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والجمهورية العربية اليمنية، من قبل نظام صنعاء ومن ميدان السبعين تحديداً، حين أعلن طاغية اليمن المخلوع (عفاش) الحرب على الجنوب!.. وبذلك الإعلان؛ تم خرق صريح ونقض كامل لكافة المعاهدات المبرمة والاتفاقيات الموقعة بين الدولتين، اللتين دخلتا في شراكة سلمية على أساس تحقيق الوحدة العربية، وقد توج هذا الإعلان باحتلال مركب لدولة الجنوب يوم 7 يوليو الأسود في صيف 94.

الجميع يعلم ما يمثله هذا اليوم المشؤوم (27 أبريل) بالنسبة لكل جنوبي شريف غيور على وطنه المغدور الجريح، ومدافع عن قضيته العادلة وأرضه المحتلة منذ 7/7/1994، كنتاج لذلك الإعلان حتى اللحظة.

وأنا هنا لست بحاجة لسرد تفاصيل هذا الإعلان، وماذا تعتبر هذه الذكرى وما تمثله، فالكل يعلم ماهيتها تماما، سواء أبناء الجنوب أو أبناء الشقيقة العربية اليمنية.

وكالعادة ـ في كل عام ـ ما أن تهل هذه الذكرى اللعينة إلا وأحياها شعبنا   بمسيرات حاشدة ومليونيات غاضبة وعصيان مدني، وترى الرايات السوداء ترتفع وترفرف في كل أنحاء الوطن الغالي، وغيرها من أساليب النضال السلمي التي سطرها ويسطرها شعبنا بأروع الصور على أرض الواقع.

 وما أسلفت ذكره كله؛ يعبر عن الغضب الشعبي الجنوبي العارم بهذا اليوم تعبيرا عن الرفض القاطع لـ (...) الجاثم على أرضه، ولتأكيد حقه المشروع بتطهير الأرض وتحريرها من براثن (....) ونيل الاستقلال التام والناجز، الهدف الذي يناضل شعبنا الجنوبي العظيم من أجله على مدى سنوات عجاف، قدم التضحيات الجسام ولا يزال يقدم ويناضل ويقاوم من أجل تحقيق هذا الهدف الذي لن يقبل ولن يرتضى بغيره، ولا  تستطيع أعتى قوة بالعالم كبح إرادة شعبنا أو قهره أو حرف مسار ثورته التحررية المباركة أو إخمادها، لا مؤامرات ولا حلول منقوصة ولا رصاص (....) ومدافعه وبطشه وجرائمه التي يرتكبها ليلاً ونهاراً، والعالم صامت ويشاهد، وشعبنا يتجرع الويلات ويذوق المرارة، ورغم هذا وذاك؛ إلا أنه صامد ثائر مقاوم صابر.. واليوم قد بلغت الأرواح الحناجر ونفد صبر الثوار، وبدأت الأصوات المنادية بالكفاح والخلاص تعلو وحق لها ذلك، كحق مشروع كفلته الشرائع السماوية والمعاهدات والمواثيق الدولية.

شعبنا من المهرة حتى باب المندب يستعد لإحياء هذه الذكرى المشؤومة، ليؤكد للعالم أنه يرفض رفضا قاطعا كما رفض من قبل كل المشاريع المشبوهة، والحلول المنقوصة التي لا ترتقي لطموحات شعبنا وتطلعاته ونضاله التحرري من أجل تحرير الأرض واستعادة دولته الجنوبية كاملة السيادة، وعاصمتها الأبدية (عدن).

وقد قامت سلفاً قوى الثورة الجنوبية التحررية المباركة بعقد لقاءات واجتماعات، وأقرت إحياء هذه الذكرى بفعاليات حاشدة غاضبة بالأصح مليونيتين بالعاصمة عدن، والعاصمة الاقتصادية المكلا، وإصدار بيان سياسي موحد عن الفعاليتان، وكنت أتمنى كجنوبي ثائر بهذه المرحلة العصيبة والمنعطف الخطير الذي تمر فيه ثورتنا، أن نغير من أساليب نضالنا بخطوات ثورية تصعيدية في هذه الذكرى اللعينة، وليس أن نحتفل بها بمليونيات نردد فيها الشعارات الثورية وتتراقص الجماهير الزاحفة من كل بقاع الجنوب على صدى الأغاني الثورية لمدة 24 ساعة، ناهيك عن التقاط الصور لعشاق المنصات ومحبي الشهرة وأمراض الزعامة، ومن ثم كلٌ يعود من حيث أتى، وانتهت الحكاية وكأن شيئا لم يكن كسابقاتها في ظل تجاهل دولي وتعتيم إعلامي وتشتت داخلي مقصود ومتعمد مع سبق الاصرار والترصد من قبل عشاق التفرقة!!

 قضي الأمر وانتهت الحكاية، تساقطت الأقنعة وانكشفت النوايا, عــذراً يا عشاق التفرقة، كفى عبثاً  بثورة شعبنا ومصيره، كل مدن وحواضر الجنوب العربي ساحات نضال تحرري يرتفع علم واحد ويردد شعار واحد، والهدف واحد والرسالة واحدة إن أوصلناها كما ينبغي.

دائما ما نرى عشاق التفرقة ينعقون، والمدسوسون بين صفوفنا ينبحون ليلا ويدسون السم بالعسل، ونهارا تجدهم غير ذلك وكأنهم عشاق حرية، للأسف الشديد اذا كانت المكونات الجنوبية الثورية المؤمنة بالحرية والاستقلال لم تجتمع على رأي واحد بتحديد مكان واحد أو أماكن عديدة لإحياء ذكرى إعلان الحرب على الجنوب، ولربما قد أجمعت على ذلك، لكن ما يثير التقزز والاشمئزاز أن نجد بعضا ممن هم محسوبون على هذا المكون او ذاك يتلاعبون بالبيانات والتصريحات والكتابات ليلهوا شعبنا ويحبطوه عندما يقول بعضهم لن نحتفل إلا في العاصمة عدن، والآخرون ينادون ويقولون بأنها لا قبلة لهم غير المكلا الحبيبة!!

يا ترى ماذا يريد هؤلاء؟ ومن المستفيد من ذلك؟

مزيداً من الشتات والفرقة بين المكونات المجمعة على الهدف، المتفرقة بالمسميات... إلخ يريدون!أم أنهم يقدمون خدمات جليلة لـ (....) وأذنابه ويحبطون الشارع الجنوبي بأفعالهم غير المسؤولة على حساب الشعب والثورة ودماء الشهداء، ليقبضوا الثمن من أسيادهم مقدماً ليمرروا تلك المشاريع التي لن يقبلها حتى الجنين الجنوبي!!

أكثر من مناسبة احتفل فيها شعبنا بمليونيتين، في العاصمة عدن والأخرى في المكلا، وهذا أمر طبيعي بسبب ظروف الناس، وبعد المسافة، فنحن نقول اليوم كما قال العقلاء قبلي: لا داعي للتبريرات والمكايدات، يجب ان نعي خطورة المرحلة ونعلم جيدا أن العالم يراقب ما يدور بيننا بصمت، فلندع الكيانات والمكونات جانبا والتعصب لفلان والتبجيل لعلان، وكل مناطق الجنوب ساحات نضال ومستهدفة!!

المرحلة الحالية مرحلة صعبة جدا والقادم أصعب, بالأمس احتلت الساحات وقمعت الفعاليات وداهمت قوات (...) اليمني المنازل، وارتكبت الجرائم واقترفت المنكرات واليوم مثل الأمس بل أسوأ منه، محاولات حثيثة لإظهار الجنوب وكأنه مرتع للإرهاب، وهو إرهاب دولة ومشايخها وجنرالاتها والضحية شعب الجنوب المقهور والمنحور، وغداً سيتكرر السيناريو نفسه، ناهيك عن الاغتيالات لكوادر الجنوب ونشطاء الثورة, التي أصبحت شبة يومية، بالإضافة إلى الفتور الذي أصاب بعض المناطق والمدن بسبب القمع والانتشار الأمني، فنشاهد الأعلام الوطنية الجنوبية قد ذبلت فوق أعمدة الانارة والمباني، وبعضها قد اختفت في بعض المناطق.

غدا سيأتي الاختبار الصعب لشعبنا المتمثل بتطبيق مخرجات حوار صنعاء التآمري، الهادف تمزيق الجنوب واستيطان الملايين من أبناء العربية اليمنية في الجنوب، وقد بدأت السلطات اليمنية بذلك والجميع يعلم وشاهد بطائق الهوية تصرف للقادمين من شمال الشمال، وكأنهم جنوبيون أصليون، وبدلا من مقاومتها كما ينبغي نجد عشاق التفرقة وأمراض الزعامة والأصنام منشغلين بالبيانات والدعوات ولا هم لهم سوى إقامة مليونية هنا بها ترتفع صور فلان، وهناك صور علان، وكأننا نخوض انتخابات رئاسية، لا ثورة تحرير وطن.

إنني أحيي من صميم قبلي الذي يكابد الوجع، ويملؤه الألم على وطني الجريح ، كل أحرار وحرائر الجنوب الصامدين الواعين لخطورة المرحلة وكيفية مواجهتها، وتعظيم سلام لشباب الساحات والميادين المقاومين لمشاريع (...) اليمني وعملائه الهادفة تمزيق الجنوب، وإجهاض ثورته وحرف مسارها؛ لكن هيهات .. هيهات!!

وفي الختام؛ أناشد الجميع أن يتحملوا المسؤولية التاريخية، وخصوصا قيادات قوى الثورة الجنوبية بكافة مكوناتها، وليعملوا عاجلاً لا آجلاً على لملمة الشمل والاجماع الوطني على تشكيل جبهة وطنية واحدة تحت هدف التحرير والاستقلال، وبالنسبة ليوم 27 أبريل؛ فأكرر وأقول كما قالها الشرفاء قبلي: كل الجنوب ساحات نضال من لديه المقدرة والامكانيات، فليزحف صوب المكلا الحبيبة، ومن لا يستطيع ذلك فالأم الحنونة عدن بانتظار الأحرار والحرائر كما تنتظرهم المكلا على أحر من الجمر.. فليخرس (....) وعشاق التفرقة وخفافيش الظلام، والرسالة سيوصلها شعبنا كما أوصلها من قبل .. والله من وراء القصد.

 

مقالات أخرى

ما بعد تصنيف الحوثي

صالح علي الدويل باراس

الرئيس في أبين!

عادل حمران

فهم اولادك يا سعادة اللواء احمد سعيد بن بريك

علي الزامكي

الاعداء التاريخيين لن يتخلوا عن سياسة اخضاع الجنوب

علي الزامكي