بدر عبده شيباني
من باب شعوب إلى أشجار (البهاش)

لم أصدق قط الخبر المنشور في الثورة يوم 2014/4/12 الذي يفيد بأن في بلادنا شيء اسمه (الهيئة العامة لحماية البيئة) وأن هناك وزارة للزراعة والري، تنتظر مثلما تنتظر دائما أن تصيب الحشرات محاصيلنا الزراعية. قيام هيئة البيئة بتحديد وتسمية الشركات المتخصصة لنقل ما تسميها (المبيدات الزراعية) (المضبوطة مدفونة) بمنطقة باب شعوب/ الجراف شمالي العاصمة إلى خارج البلاد لإتلافها، باعتبار هذه الهيئة (معنية) بإنجاز هذه المهمة قبل الموعد المقرر لاستئناف محكمة الأموال العامة في 28 ابريل النظر في هذه القضية الهامة جدا لأضرارها على البيئة وحياة الناس وتلوث البيئة.

وإذا كان هذا الخبر صحيحا، بأن لدينا هيئة عامة لحماية البيئة، ومعنية بحماية البيئة وتستلم رواتب وبدلات وعلاوات وسيارات ولديها مبنى ومكاتب لكنها لا تخرج منها, لذلك لم تتمكن من صنعاء من رؤية ما يجري حولها ولا تسمع لأنها (صنجة وعجمة) لا تتكلم وكساحها منعها من تشكيل فروع لها في المحافظات، وإلا كنا قد سمعنا بأنها تقوم بمهمات واجباتها، ودعت إلى وقفة احتجاجية دفاعا عن البيئة أو شاركت فيها، أو طالبت بحماية أية بيئة في أية مديرية أو محافظة، التي يجري يوميا انتهاكها والعبث بها هنا وهناك، مثلما هو حاصل الآن في سحق أشجار (البهاش) و(الخل) باعتبارها من ضمن بيئة المجتمع المحيط بها، وتاريخه القديم، التي لا يوجد مثيل لها في أية بقعة من بلادنا إلا حيث هي الآن في منطقة الحسوة (الإحساء التاريخية التي ذكرها الأمير القمندان) بذات المبررات المتكررة (الاستحمار) الذي غطى البلاد بمباني الاسمنت والحديد، حيث ما تجيء من دون اعتبار أو تخطيط لأي شيء ويقابله مواقف سلبية، من قيادات المحافظات والمجالس المحلية تجاه هذا العبث وأصبح المواطن لا يدري هل لازالت هناك منطقة حرة أم لا.. والأمر ذاته لهيئة حماية البيئة التي لم يسمع المواطنون في (شعوب) بأنها سجلت حضورا مع قضيتهم ولا حتى بعد أن صنعوا رأيا عاما يستنكر الجريمة المدفونة سرا والمهربة إلى داخل البلاد، ولا يعلم أين تم استخدامها وفي أية مزروعات استخدمت؟.. وكم عدد الناس الذين تضرروا منها ومن غيرها.

وإذا كان صحيحا أن وزارة الزراعة والري مازالت تصنفها بأنها (مبيدات زراعية) ولا تصنفها بأنها سموم مضرة بالزرع والأرض، فلماذا تمنع استخدامها وتحمل هيئة البيئة المسؤولية وأوضاعها وقدراتها بهذا المستوى، ولا تتدخل حتى في إطار صنعاء حيث هي ربما، فكيف يمكن لها أن تسجل موقفا وطنيا واحدا في الاستجابة لنداء واحد من مئات النداءات والاحتجاجات الشعبية، في وجه الانتهاكات والاعتداءات الهمجية على البيئة المحيطة بكل مجتمع والتي تشكل جزءا منه ومن ترابه وتاريخه في كل المحافظات، وكأن الأمر لا يعنيها ولا يخصها مثل بقية الجهات المعنية، وهي قضايا لا تتطلب التجاهل ولا مواقف سلبية تجاه ما يجري العبث به كونه لا يعود مطلقا كما كان طبيعيا، وتصرف الأمم المتحضرة الملايين للمحافظة على بيئتها وتراثها الثقافي.

وعلى الطريق ذاته وفي الصفحة ذاتها من صحيفة الثورة تصرح الست وزيرة حقوق الإنسان أن الأيام القادمة ستشهد إقرار (مشروع) قانون خاص (بالهيئة الوطنية لحقوق الإنسان) من دون أو خالية من كلمة للدفاع أو حماية حقوق الإنسان، التي تعكف (حاليا لجنة برلمانية مختصة) باعتباره مطلبا وطنيا ودوليا (لإنجاح) المرحلة الانتقالية في اليمن، وهنا نرى الكلام المليح يصبح مش مليح وبطال، وكأنه لا توجد لدينا منظمات أهلية لحقوق الإنسان للتشاور معها لإشراكها في وضع دراسة ومناقشة وإقرار مشروع هذا القانون وغيره، تجسيدا فعليا لأسس مخرجات الحوار التي أكدت على حق الشراكة لمنظمات المجتمع المدني في صنع القرار، كما أن المرحلة الانتقالية لن تنجح في إعادة الأسلوب نفسه (انفراد الدولة) و(السكيتي) في وضع وإقرار أية قوانين، وهو الأسلوب الذي يندرج تحت الأخطاء الصغيرة نفسها التي سببت لنا الكوارث الكبيرة وأوصلت أوضاعنا إلى ما نحن عليه، كما تؤكد بأننا لازلنا بعيدين جدا عن فهم معنى السير على طريق الإصلاحات الحقيقية والملموسة في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل، وأننا لازلنا أسرى العقلية الحاكمة التي تنصب الدولة وكيلا ووصيا علي منظمات المجتمع المدني وجعلها تحت وصايتها ومقيدة حريتها، عن القيام بدورها الوطني مع الدولة.

ولأهمية التصحيح لهذه القضية التي أصبحت سائدة ومشاهدة اليوم في فعاليات (الدولة) التي لم يعد يعرف أحد هل هي لدعم مخرجات الحوار أم لشرحها أو لتنفيذها؟.. حيث يشاهد حضور نشط لرموز الدولة وأحزابها الحاكمة في كل هذه الفعاليات وفيها غياب شامل لكل منظمات المجتمع المدني والمواطنين وقوى المجتمع المختلفة (المعنية أساسا) في هذه الفعاليات وشراكتهم عامل أساسي ومهم لإنجاح مخرجات الحوار وليس القوانين التي يغيب عنها وجودهم وحضور حكامهم وكأن حليمة عادت لعادتها القديمة.

 

مقالات أخرى

ما بعد تصنيف الحوثي

صالح علي الدويل باراس

الرئيس في أبين!

عادل حمران

فهم اولادك يا سعادة اللواء احمد سعيد بن بريك

علي الزامكي

الاعداء التاريخيين لن يتخلوا عن سياسة اخضاع الجنوب

علي الزامكي