علي صالح جسار
رياح تحمل الدم

في عام 1919 عندما عقد مؤتمر الصلح في مدينة (فرساي)  التي تبعد نحو 18 كلم جنوب غربي العاصة الفرنسية باريس سأل وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية.. روبرت لانسينغ – رئيس الحركة الصهيونية العالمية  - حاييم وايزن – ما المقصود من عبارة :"الوطن القومي اليهودي".

في كلمته التي القاها في المؤتمر.. فرد قائلا :"اقامة ادارة تنشأ من ظروف البلاد الطبيعية، بأمل ان تصبح فلسطين نهائيا عن طريق الهجرة، يهودية مثلما بريطانيا بريطانية".

فعلا بدأت الهجرة الى فلسطين في السنين الاولى من القرن العشرين، وكان من بين المهاجرين ، فتاة يهودية قدمت من امريكا، وسوف تصبح فيما بعد رئيسة لحكومة اسرائيل، وهي (غولدا مائير).. وكانت قد كتبت الى قريب لها رسالة عام 1921م، تقول فيها :"اذا تشبثنا بهذه البقعة، فان انكلترا ستساعدنا فلن ينتقي الانكليز العرب لاعمار فلسطين ، بل سينتقوننا".

وقد حدث ما توقعته (غولدا مائير).. وحدث ايضا ما كان قد عمل على تحقيقه، زعماء الحركة الصهيونية العالمية بمساعدة بريطانيا ، وغيرها واقيمت (اسرائيل) على ارض فلسطين عام 1984م.. وبدأت الويلات والمصائب تحل على المنطقة واهلها.

وفي عام 1948م، القى (ناحوم غولدمان) رئيس "المؤتمر اليهودي العالمي" خطابا هاما في مدينة (مونتريال) في كندا جاء فيه حرفيا :"كان من الممكن لليهود ان يحصلوا على اوغندا – او مدغشقر – او غيرها لينشئوا هناك وطنا قوميا لهم.. ولكن اليهود لا يريدون على الاطلاق سوى فلسطين، لا لاعتبارات دينية او بسبب اشارة التوراة الى فلسطين ولا لان مياه البحر الميت تستطيع ان تعطي عن طريق التبخر، ما قيمته خمسة الاف مليار دولار من المعادن والاملاح، ولا لان تربة فلسطين الجوفية تحتوي على كميات من البترول تزيد على احتياط البترول في الامريكيتين فحسب، بل لان فلسطين هي ملتقى الطرق، بين اوروبا واسيا وافريقيا ، ولانها هي المركز الحقيقي للقوة السياسية العالمية، والمركز العسكري الاستراتيجي للسيطرة على العالم".

ولا اظن ان احدا من الحكام الذين اجتمعوا في (غمة) الكويت، والمثقفين والسياسيين العرب لم يطلع على هذه (الاقوال) وغيرها.. التي وردت في كتب كثيرة، وعبارة "المركز العسكري" لها مدلولها الخاص.. فان (اسرائيل) هي القاعدة المسلحة ذات الوظيفة العسكرية لمصلحة دول الغرب الاستعمارية للسيطرة على العالم.

وفي (البرت هول) في لندن اقيم احتفال عام 1919 حضرة قادة غربيون وتحدث في هذا الاحتفال (ماكس بورداو) وهو من قادة الحركة الصهيونية فقال مخاطبا الحضور :"نعرف ما تتوقعونه منا، تريدون ان نكون حراس قناة السويس، علينا ان نكون حراس طريقكم الى الهند عبر الشرق الاوسط، نحن على استعداد لان نقوم بهذه الخدمة العسكرية ولكن من الضروري تمكيننا من ان نصبح قوة حتى لا نقدر على القيام بهذه المهمة".

نعم: لقد التقت المصالح والاهداف – بين الكيان الصهيوني والغرب – ووجد من يقدم المال والسلاح.. الى من ابدى استعداده لكي يكون مازعموه حصنا منيعا للحضارة الغربية في وجه الهمجية العربية.

والسؤال هو: هل يمكن ان يكون كل ما حدث او سيحدث من مفاوضات وطرح مبادرات، وتوسط الوسطاء، من مختلف دول العالم.. ومن الامم المتحدة بين العرب واسرائيل.. هو تضليل وخداع لتمرير الوقت؟!

ان مقطعا واحدا من (الاقوال) التي مر ذكرها، يكفي لكي نفهم، ان ما هو مكتوب للمنطقة العربية ، اقل بكثير مما حصل حتى الان!!

والاوضاع الراهنة تنذر بالرياح العاصفة و"الرياح تحمل الدم" كما يقول الشاعر الامريكي (اليوت) واخيرا نقول: ان الضلال ينتشر وقد يدوم طويلا .. لكن النصر سوف يتحقق في نهاية المطاف بسواعد شباب هذه الامة الكادحة المكافحة بعد ان تتخلص من الماسونية الوهابية وعبيد الغرب.

مقالات أخرى

الانتقالي الجنوبي يشكو الرئيس العليمي

صلاح السقلدي

لن يشعرون بمعاناة البسطاء

عادل حمران

تأملات في الميثاق الوطني الجنوبي بعد عام من التوقيع عليه

حافظ الشجيفي

محافظة ابين واخواتها... دعوة للتغيير والإصلاحات

صلاح السقلدي