المرأة بعد الاستقلال الوطني
أشارت فوزية محمد جعفر في مداخلتها في (ندوة الثورة اليمنية) إلى أنه: (..وبعد عشية الاستقلال العظيم في 30 نوفمبر 1967م أعد القطاع النسائي العدة لينتقل إلى تشكيل المنظمة الجماهيرية الواسعة لممارسة النشاطات الاجتماعية والسياسية والثقافية إلا وهي اتحاد نساء اليمن الذي تشكل في يناير 1968م وقد تم العمل على التنسيق مع الأخت حورية المؤيد في المناطق الشمالية من الوطن لفتح فروع للاتحاد وغير اسم هذه المنظمة إلى الاتحاد العام لنساء اليمن أيماناً من قيادة الاتحاد بوحدوية الوطن وذلك بعد الخطوة التصحيحية).
وكان تأسيس الاتحاد العام لنساء اليمن كبديل لجمعية المرأة العربية، وتم انتخاب فوزية محمد جعفر أول رئيسة للاتحاد.
وقد بادر الاتحاد العام لنساء اليمن بالمطالبة بسن قانون الأسرة ، بحسب ما ذكرته فوزية محمد جعفر (وشكلنا لجنة من الاتحاد النسائي ومجموعة من المستشارين القانونيين قامت بتدارس أوضاع المرأة من مختلف الجوانب ووضعت مشروع القانون الذي تم إقراره وشكل بالفعل مكسبا كبيرا للمرأة ..).
واسهمت المرأة في صياغة دستور 1970م من خلال مناقشة مسودته حيث عرضت لمناقشات جماهيرية واسعة كانت نتيجتها إدخال 40 تعديلا هاما على المسودة.
وكفل الدستور (مساواة المواطنين في الحقوق والواجبات بصرف النظر عن جنسهم أو أصلهم أو دينهم أو لغتهم أو درجة تعلمهم أو مراكزهم الاجتماعية) المادة (34) من الدستور ونصت المادة (36) كذلك على أن : (تضمن الدولة حقوقا متساوية للرجال والنساء في جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوفر بشكل تقدمي الشروط اللازمة لتحقيق تلك المساواة.
وبحسب المادة (34) جميع الأشخاص سواسية أمام القانون وتقوم الدولة بكل ما يمكنها لتحقيق هذه المساواة عن طريق إيجاد فرص سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية متكافئة وكفل الدستور كافة الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين بصرف النظر عن جنسهم أو أصلهم .. الخ كما ذكرت سابقا في المادة (34).
إلى جانب ذلك نصت المادة (58) على أن: (توحد منظمة المرأة النساء والفتيات بهدف تطوير وعي المرأة السياسي لكي تتمكن من أن تلعب دوراً إنتاجياً في المجتمع، لتحقيق المهام التربوية والثقافية ضمن العائلة ولمعاونتها على الاستفادة من حقوقها المبينة في الدستور على أساس متكافئ مع الرجل وكان دستور 1978م المعدل لدستور 1970م أكثر دقة في الصياغة وأكثر تطورا فيما يخص المرأة.
المرأة في شمال الوطن:
أود الإشارة أولاً إلى أن وثائق الإصلاح الدستوري التي قدمتها المعارضة الوطنية في شمال الوطن بزعامة محمد محمود الزبيري وأحمد محمد نعمان والمتمثلة في (آمالنا .. وأمانينا) و (مطالب الشعب) و (الميثاق الوطني لعام 1956م) لم تعنى بقضية المرأة، ولا ضير في ذلك ، لأن المهام الماثلة أمامهم كانت إزالة النظام الإمامي الذي لا زالت آثاره ماثلة إلى اليوم.
ولذلك سنحاول تتبع الوثائق الدستورية الصادرة بعد قيام النظام الجمهوري والتي بلغت 23 وثيقة ما بين دستور وإعلان دستوري وقرارات دستورية وسنتناول باب (الحقوق والواجبات العامة) في خمسة دساتير لنتعرف على حقوق المرأة في هذه الدساتير على النحو الآتي:
- الدستور المؤقت الصادر في 3 ابريل 1963م نص في المادة (17) على أن : (اليمنيون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة والعقيدة أو المذهب).
وتغيرت الصيغة في الدستور الدائم الصادر في 26/4/1964م في المادة (22) إلى: (اليمنيون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم) ونفس الصيغة بقيت كما هي في الدستور المؤقت الثاني الصادر في 1965م الماد (44) وكذلك الدستور المؤقت الثالث الصادر في 25/11/1967م المادة (38) أما الدستور الدائم الصادر في 28 ديسمبر 1970م وهو آخر دستور يصدر قبل الوحدة فأقتصر على القول في المادة (19) (اليمنيون متساوون في الحقوق والواجبات العامة) وفي المادة (34) نص على أن : (النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون).
وبحسب المادة (35) تكفل الدولة وفقا للقانون دعم الأسرة وحماية الأمومة ورعاية الطفولة والعجز والشيخوخة.
والمادة (43) تنص على الآتي: (لا يجوز للدولة أن تفرق في الحقوق الإنسانية بسبب الدين أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الوطن أو المهنة).
المرأة ودساتير الجمهورية اليمنية:
بميلاد الجمهورية اليمنية تشكل وضع سياسي ودستوري جديد تمثل بصدور دستور الدولة الجديدة عن طريق الاستفتاء الشعبي وذلك في 15، 16 مايو 1991م ويتكون الدستور المستفتي عليه (131) مادة.
وفي الباب الثاني من دستور دولة الوحدة، الموسوم: (حقوق وواجبات المواطنين الأساسية) نصت المادة (26) على أن : (لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والأعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون).
أما المادة (27) فتنص على أن: (المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة. ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو اللون أو الأصل أواللغة أو المهنة أو المركز الاجتماعي أو العقيدة).
ولم تقبل بعض القوى السياسية والقبلية والعسكرية في السلطة بدستور الشعب المستفتى عليه وشنت حربها على الدستور في صيف 1994م وبعد سيطرتها عمدت إلى العبث بالدستور في 29 سبتمبر 1994م وعدلت (52) مادة وأضافت (29) مادة وشطبت مادة واحدة. وأصبحت عدد مواد الدستور (159) بدلا من (131).
دستور 1994م:
وبعد حرب 1994م أنبرى المنتصر لتعديل الدستور وبالأصح الرجوع إلى دستور الجمهورية العربية اليمنية الصادر في 1970م كما سبق الإشارة إليه، فنص في المادة (30) على أن : (تحمي الدولة الأمومة والطفولة وترعى النشئ والشباب) وفي المادة (31) نص على أن: (النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن في الواجبات ما تكفله وتوجيه الشريعة وينص عليه القانون) والمادة (41): (المواطنين جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة).
الدستور المعدل في 2001: بقيت النصوص السالف ذكرها المعدلة في تعديل 1994م كما هي، وهي المواد (30، 31، 41).
المرأة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية:
تمسك اليمنيون بالمبادرة الخليجية على الرغم من مثالبها، تمسك الغريق بقشة، إلا أنهم لم يطبقوا نصوصها كما ينبغي، فقد نصت الفقرة (10) أن تتألف حكومة الوفاق الوطني من 50 في المائة لكل طرف مع وجوب مراعاة تمثيل المرأة فيها.
ونصت الفقرة (20) على أن : (يدعو الرئيس المنتخب وحكومة الوفاق الوطني إلى عقد مؤتمر حوار وطني شامل لكل القوى والفعاليات السياسية بما فيها الشباب والحراك الجنوبي والحوثيون وسائر الأحزاب وممثلون عن المجتمع المدني والقطاع النسائي وينبغي تمثيل المرأة ضمن جميع الأطراف المشاركة).
وفي الفقرة (21) نصت المبادرة على أن : (يبحث المؤتمر في ما يلي:
ز- اتخاذ الوسائل القانونية وغيرها من الوسائل التي من شأنها تعزيز حماية الفئات الضعيفة وحقوقها بما في ذلك الأطفال والنهوض بالمرأة).
وأخيراً جاء في الفقرة (26) الأحكام الختامية: (تمثيل المرأة تمثيلاً مناسبا في جميع المؤسسات التي جرت الإشارة إليها في هذه الآلية).
مقالات أخرى