معن دماج
حكماء ربع الساعة الأخيرة ..

سعى علي صالح بكل ما يملك لسعودة ومن ثم دولنة الحل.. وكان يرى في ذلك ضمانا ومخرجا آمنا له ولجماعته.. بطبيعته تعامل مع الأمر - التدخل الدولي - كمخرج طوارئ، وما أن هدأ الحريق - أو هكذا يظن - حتى عاد ليرى ما الذي يستطيع استعادته من ملكه الضائع!!

الإصلاح بطبيعته لا يمكن أن يكون ضد التدخل السعودي والدولي - على الأقل لا يستطيع أن يتزعم معارضة ذلك - خصوصا أنه وعلي محسن وأولاد الأحمر كانوا يظنون أنهم الوكلاء المفضلون - إن لم يكونوا الحصريين للسعودية - على الأقل في ذلك الوقت.

الشباب - من المحرج الحديث عن الشباب!! - في الواقع لم تتمكن الساحات والحراك الثوري من إنتاج التنظيم والقيادة الثوريين وسقطت الساحات في قبضة قوى إصلاحية؛ غير ثورية أعني.

الاشتراكي - كما أوضح أمينه العام مرارا - كان مع التدخل الدولي، من ناحية كان يرى أن ميزان القوى الذي نتج عن الحراك الثوري لا يسمح بالحسم لمصلحة قوى الثورة وأن البلاد قد تنزلق للحرب الأهلية، ومن ناحية أخرى كان يدرك أنه لا يملك المكينة التنظيمية التي تسمح له بقيادة القوى الجماهيرية وتأطيرها... على أن العلة الأساسية لموقفه - وبدرجات أكثر بقية القوى - هو المقاربة الإصلاحية غير الثورية والتي لم ترى في الانتفاضة الشعبية الهائلة سوى وسيلة لتحريك الواقع السياسي الراكد وتبديل ميزان القوى مع السلطة؛ وهو الأمر الذي أنجز بالفعل منذ البداية.

طبعا نستطيع الجدل مع كل هذا التحليل, وخصوصا لجهة أنه لو توفر حد معقول من الخيال والشجاعة لتمت المراهنة على الأشكال الجنينية والممكنة ثوريا والتي تتشكل قاعديا في صلب المجتمع والحراك الثوري بدل استحضار أرواح التنظيمات التي شاخت وتكلست، ومن البين أن السياسيين الذين نعرف لا يمكن أن يفكروا كذلك فضلا على أن يجازفوا!!

الحراك الجنوبي كان يراهن أن تدخلا دوليا سيسمح بإعادة مسألة فك الارتباط والقضية الجنوبية للتداول بشكل أكثر جدية؛ لأنه يعرف أنه دون أن يفرض حقائق جديدة على الأرض فإنه باستثناء الدعم اللفظي لن يحصل على شيء.

بينما الحوثيون - الذين يمتلكون أسبابا جدية لمعاداة النظام - كانوا يراهنون عن حق على أنهم يستطيعون التوسع وملء الفراغ الذي يتركه ضعف الدولة وانسحابها.

أظن أن كل ذلك معروف ومنذ البداية.

بل ذهب الدكتور ياسين صراحة للقول إن القوى المدنية بحاجة أكثر للمجتمع الدولي في مواجهة حملة السلاح؛ على الأقل لا أحد يستطيع أن ينكر عليه معرفة ما يفعل فضلا عن الصدق الذي لن نجده عند سواه.

كل هذا معروف للجميع.. ما سر مفاجأة الثوار المياومين إذن بقرارات مجلس الأمن؟ وهو الذي يتداول بها من عامين.. وسبق لبعضهم الشكوى - هل يجيدون غيرها؟!! - من عدم أخذه قرارات ضد المعرقلين!!

هل يعود الأمر لطبيعة تلك القرارات - الحديث عن الفصل السابع - في الواقع أغلب تلك المضامين جرى التداول بها منذ مدة ليست قصيرة!!

لعل الأمر على علاقة بفهم السياسية باعتبارها إعلانا للمواقف من المسائل لا انخراطا في صلب مجرى الأحداث لتغييرها وأخذ كل المجازفات والمسئوليات الضرورية!!

هل الأمر على علاقة بروح التذمر والتشكي والتباكي ونشر الفزع التي يتميز بها المثقفون اليمنيون - هنا -!!

ربما للأمر علاقة بذلك كله.. أو بغيره..

لكن مشكلتنا مع هذه المواقف أنها تتشارك نفس الرؤية الإصلاحية لوضعٍ هو لسوء حظهم ثوري!!

يريدون حلا فوقيا سياسيا إصلاحيا لا يمكن أن يلامس حتى الأسباب الظاهرة لوضع البلد والشعب؛ وبعضهم لديه حتى رؤية أكثر محافظة من القوى السياسية التقليدية.

الأسوأ بالنسبة لهم أن الأسباب العميقة للحراك الثوري ما زالت على حالها بل إنها تتعمق.. قوى الثورة في عمق المجتمع اليمني ما تزال تتحرك وافتقارها للرؤية والقيادة والتنظيم يجعلها تتحرك أحيانا باتجاهات قد تبدو خاطئة.. لكنها تتحرك ضدا على قوى الهيمنة القديمة وتطيح بها, وستطيح على الأرجح بكل من يظن أنها وصلت إلى يديه دون أن يقدم الحلول للقوى الشعبية التي تمثلها.

هذا الأسوأ بالنسبة للقوى السياسية الإصلاحية والمثقفين المتشاكين..

لكن الأسوأ بالنسبة لنا أن الوضع الذي قد يفرضه الحراك الثوري قد يكون أسوأ من الوضع السابق بكثير إذا ما تواصل العجز عن إنتاج التنظيم والقيادة الثوريين!!

* من صفحة الكاتب على «فيسبوك».

مقالات أخرى

فهم اولادك يا سعادة اللواء احمد سعيد بن بريك

علي الزامكي

الاعداء التاريخيين لن يتخلوا عن سياسة اخضاع الجنوب

علي الزامكي

قيادة في قلب المعركة.. الانتقالي أمام اختبار التنفيذ

غازي العلوي

لكم فبركة الإشاعات ولنا النصر والثبات والسيطرة على الارض

اياد غانـم