بدر عبده شيباني
الرئيس هادي والمهمة المستحيلة

كتب الأستاذ حامد جامع حسين أحد مناضلي الثورة من الرعيل الأول في ترجمة له لكتاب همفري تريفيليان آخر مندوب سام (حاكم عام) لعدن وجنوب الوطن – الشرق الأوسط في ثورة (وصلت عدن في 20 مايو 1967م، فيما اعتبرته واعتبره كل شخص مهمة مستحيلة. السير هارولد ماكميلان لخص الأمر لي بإيجاز قبل أيام قائلا :"مسكين.. مسكين"، وكان الحال كله رومانسيا جدا على النسق القديم، والرياضة المفضلة هي إطلاق النار على بعضهم البعض والبنادق الحديثة أثمن ما يمتلك).

هكذا كان المشهد قبل 46 عاما، ولم يتغير حتى قبل أيام من 18 مارس 2013م، يوم تركنا البنادق والمدافع والمجنانة حقنا وأوقفنا إطلاق النار على بعضنا البعض وسلمنا الرئيس هادي رئيس الجمهورية مهمة مشابهة اعتبرت مهمة مستحيلة لقيادة مرحلة في ظروف عدم إكمال الثورة لمهماتها واختلال ميزان القوى، ورئاسة مؤتمر حوار وطني شامل، حتى لا تذهب البلاد في سبعين داهية.. وجلس على طاولات حوار وطني أطراف متناقضة وغير متكافئة في الخبرة السياسية في مناقشات مضنية، ومن دون رؤية من معظم الجميع كانت سببا في غياب قيادات موحدة لأغلب المكونات حتى وصلوا إلى المرحلة الحاسمة حين برز الاختلاف حول شكل ونظام الدولة التي ستعالج مشاكلنا (وعدم تكرارها) ومحورها الأساسي القضية الجنوبية بإعادة الشراكة للجنوب وبناء دولة جديدة وقضية صعدت التي عقد من أجلها مؤتمر الحوار.. وقد لخصت القضايا التي سببت كل هذا البؤس والمعاناة التي تطحن أغلبية الناس اليوم وسببا في نشوء الحروب والصراعات عند: 1) الانفراد بالحكم وتقاسم الثروة ونهب الأموال العامة 2) إلغاء حق المجتمع في الشراكة وصنع القرار ما أدى إلى الفشل والعجز عن بناء دولة مدنية ديمقراطية 3) صنعوا إرثا ثقيلا من التمييز وعدم المساواة والمظالم والتجويع والفقر والبطالة 4) لعدم بناء اقتصاد وطني صناعي زراعي وتعاوني جعل الجوع والفقر والضرائب تطحن الناس وعجز النظام عن القيام بتوفير الاحتياجات الإنسانية الأساسية للعيش الكريم.. وهذه هي التي فجرت الثورة وأجلستنا على مقاعد الحوار وكل شعبنا يتطلع لمخرجات تحقق طموحاته وترفع الظلم عنه ولمعالجتها توصلنا في مؤتمر الحوار إلى وجهتي نظر مختلفتين في تحديد حجم الأقاليم, فريق الحراك الجنوبي اختار خيار دولة فيدرالية من إقليمين جنوبي وشمالي واختار فريق ممثلي النظام خيار دولة فيدرالية من خمسة أقاليم ثلاثة في الشمال واثنين في الجنوب وهما الخياران اللذان ينبغي أن يرتكزا على معالجة القضايا الجوهرية الآتية :

وضع أسس جديدة لبناء (دولة) لازلنا نبحث عنها ونحن في القرن الواحد والعشريين ومدنية ديمقراطية تحقيقا لأحد أهداف الثورة اليمنية وإعادة الحق للشراكة (الدائمة والمتساوية) بين الشمال والجنوب في الحكم والثروة وبناء اقتصاد وطني صناعي زراعي وإعادة الحق للمحافظات والولايات بأن يدير شؤونها من أبنائها.

وإذا نظرنا إلى هذه القضايا نراها تشكل المفتاح وليس في عدد الأقاليم لحل كافة مشاكلنا السياسية الاقتصادية الاجتماعية وترتبط في حل معادلاتها الصعبة بين الوحدة والدولة وحق الشراكة الدائمة والمتساوية فالوحدة التي تمت بموجب مشروع وحدة تمت بين نظامين تقاسما الحكم والثروة والوظيفة العامة وهي تختلف تماما عن (وحدة الأرض والشعب) لذلك لم تبنَ دولة بقدر ما فجرت ثورة والوحدة الدائمة في الشراكة المتساوية تبني دولة في إطار برلمان وحكومة دولة اتحادية أساسها حدودها وناسها.

لن تكون مهمة الرئيس هادي سهلة في المرحلة القادمة إذا اعتمدت على معالجات خلافا لذلك ولا دائمة التي تضمن توفير الأمن والاستقرار المطلوب لتطبيق مخرجات الحوار وتلك مهمة رئيسنا معنا وبإشراك كل الناس الذين همشوا وظلموا مع محافظاتهم ونهبت أموالهم وسلبت حقوقهم والمحرومين من أبناء المحافظات ذاتها من حق الترشيح والانتخاب إلى سلطات وإدارات محافظاتهم لإدراكهم بها وتجسيدا في إلغاء التمييز العنصري الذي أدى إلى كوارث دامية، وأخرجتهم إلى الشوارع والاعتصام في الساحات مفجرين ثورة من أجل تأسيس دولة ينتمون إليها ويتشاركون معها في إدارة شؤونهم ولا تتخلى عن توفير احتياجاتهم الإنسانية الأساسية للعيش الكريم، ولا تجعلهم يستمرون يتسولون قيمة العلاج والدواء ولقمة العيش في الجولات والأسواق، وأولادهم بلا تعليم في الشوارع، وينامون على الأرصفة وفي العشوائيات وعرضة لذل المشاريع الخيرية.

تلك آمالنا وتطلعاتنا وخمسين عاما نحلم بها كما قلنا لكم ولا نترك (ثغرات) يمرون منها ليطيحوا مجددا بكل أمانينا ويعودوا يتحكمون فينا ونعود من جديد (نقشر بصل من صدق) لسنوات قادمة ودامية وضعنا مع الذين ضاعوا وضيعونا معهم.

مقالات أخرى

فهم اولادك يا سعادة اللواء احمد سعيد بن بريك

علي الزامكي

الاعداء التاريخيين لن يتخلوا عن سياسة اخضاع الجنوب

علي الزامكي

قيادة في قلب المعركة.. الانتقالي أمام اختبار التنفيذ

غازي العلوي

لكم فبركة الإشاعات ولنا النصر والثبات والسيطرة على الارض

اياد غانـم