وصية السيد / عمر عبدالله السقاف "الجاوي" امين عام حزب التجمع الوحدوي طوال ايام مرضه في احد مستشفيات عدن حتى رحيله في 23-12-1997م اذ قال لمرافقيه اتوني بثلاثة شهود عدل لكي اوصي اخر وصية وهي ان لايتم اعلان وفاتي او رحيلي الا بعد مواراتي التراب وان لاتسمحوا لاي شخصيات او شرائح رسمية في السلطة والمعارضة المشاركة في مراسيم مواراتي الثرى.
هذا ماتم ونفذ فعلا..هذه الوصية اثارت جدلا واسعا بين مختلف الشرائح في الشارع اليمني , فالبعض قرأها ويقرؤها من واقع الفشل والبعض ترجمها من واقع الضغط والمساومة لحزبه التجمع الوحدوي , والبعض شرحها من واقع الحفاظ على ثبات مواقفه ومبادئه الوطنية والبعض فهمها انتقاما منه لشخصيات رسمية في السلطة والمعارضة اطالته برصاصتها القاتلة .
المهم هي رسالة تحمل في طياتها الكثير من المعاني والدلالات ذات اهمية بالغه في مضمون العمل السياسي ولا بد ان تدركها الشرائح والشخصيات المختلفة وتعيد النظر في سلبياتها وايجابياتها في السلطة والمعارضة خاصة تلك التي تتقوقع في مربع العنف والقتل مغايرة تماما لشرائح مختلفة سبقت "الجاوي" النور الذي لاينطق واليد التي لاتنكسر والشمس التي لاتغيب في الرحيل , قراءة الوصية ذات العبر والدروس والدلالات والمعاني لانسان كان من كان , لاتحمل غموضا وابهاما وعلى وجه التحديد من عرف "الجاوي" عن قرب او قرأ كتاباته على صفحات الصمت التي كانت بلغة الجمر والالم او سمع صوته بوسائل الاعلام المختلفة والمتنوعة المنددة بالنهب والتدمير .
"الجاوي"الذي كان مشروع دفاع سياسيا وابداعيا واعلاميا وثقافيا عن مقومات الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة وسلطاتها الدستورية والقانونية والسياسية لصوت هذه المقومات والمكتسبات الوطنية والاطاحة بها مع من تلتقي مصالحهم الاقليمية والدولية ترى في هذه المقومات والمكتسبات خطرا عليها .الوطني الكبير عمر الجاوي بدأت نضوج بشائره الوطنية والسياسية والثقافية والابداعية والوحدوية في الخمسينات في ظل ثبوت الشكل الثوري في الوطن العربي الذي بداها في ارض الكنانة "مصر" وهو طالب وقيادي في رابطة الطلاب اليمنيين التي وحدها مع رفاق وزملاء له على المستوى اليمني , وكان يتقاطع تماما وضوحا مع الملكيات والديكتاتوريات والتجزئة ومشاريع العنصرية قوامها التمرد على القديم بكل الوانه باستنهاض الجماهير العربية في مواجهة القوى الرجعية التقليدية والاستعمارية , ونسج علاقات اوسع واعمق مع اليسار والاتجاهات المتعددة كونه كان يرى فيهم اكثر عمقا في صالح المضطهدين والمظلومين , وكونه ارتبط ارتباطا وثيقا بمجريات الامور السياسية في وطنة العربي واليمني , وفي السبعينيات كان الشرارة الاولى المبكرة بتاسيس اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين في عدن وتولى امانته العامة , وفي الثمانينيات استوعب المتغيرات كسياسي محنك ومثقف ثاقب ووحدوي بامتياز بلا منازع سارع بدمج وتوحيد رابطة موحدة للادباء والكتاب على المستوى اليمني داخليا قبل دمج توحيد النظامين السياسيين في عام 1990م الذي قرنها الجاوي بالديمقراطية والتعددية السياسية والحريات العامة التي كانت في طليعة مهامه ونضاله السياسي والابداعي والاعلامي نحو دولة مدنية ديمقراطية حديثة كحكم ازلي لليمنيين دفعوا من اجله ثمنا باهضا.
تأمل للقراء.عند مرافقتي كوفد رسمي حكومي وحزبي برئاسة الاستاذ عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى انذاك لمشاركة حضور مراسيم مواراة جثمان الاستاذ عمر عبدالله الجاوي وفور وصولنا منزله المتواضع البسيط في مسقط راسه في مدينة الوهط حاضنة لحج فوجئنا بخبر مواراتة لكننا اصرينا على أن نقدم التعازي لا فراد اهله واصدقائه في منزله وعند جلوسنا فيه انهال عليه احد المرافقين للوفد بسؤال اشد الما من الالم وامر من المر مازال يؤلمني حتى اللحظة كلما تذكرت هذا المناضل الكبير حيث قيل لنا هذا منزل السيد "الجاوي" فرديت عليه يا سيدي منزله دليل تواضعه ونزاهته وعدالتة وليس من اصحاب الصفقات الخاصة .
مقالات أخرى