يا دامي العينين والكفين ان الظلم زائل/ لا غرفة التوقيف باقية ولا زرد السلاسل/ نيرون مات ولم تمت روما بعينيها تقاتل/ وحبوب سنبلة تموت ستملأ الوادي سنابل (محمود درويش).

اذا ما حاولت ان ترفع الظلم وتدافع عن المظلوم وتقف في وجه الظالم في هذا البلد المنكوب وفي حقد الوقت على وجه الخصوص فانك في هذه الحالة ، دخلت القائمة السوداء واصبحت في دائرة الخطر المحتوم وفي مربع القاتل (المجهول) من يحمي العصابة.

حين تواجه الباطل ليستقيم الحق في هذا الوطن المسلوب فقد تجاوزت الخطوط الحمر بالنسبة لمنطق المليشيات المسلحة المسيطرة على المشهد العام والمستحوذة على كل مفاصل الثروة والسلطة.

ان تقول لا .. او يكون لك موقف ما ، فانت في عداد الموتى، ومن بين ضحايا القاتل المجهول وفي هذا السياق استنادا لما سبق حدث ولا حرج القائمة هنا طويلة والعدد كبير ولا اعتقد بانه سيتوقف على الاقل في المدى القريب ومما لا شك فيه بان المجهول سيظل يعبث بنا ويحصد فينا ليل نهار الى اجل غير مسمى.

ولان الشيء بالشيء يذكر فقد كانت الفاجعة كبيرة وصادمة والمصاب جلل، وانا اشعر بمعاناتك يا عزيزي.. واحس بألمك وعميق حزنك لفقدانك والدك المغدور به في وضح النهار .. كان اغتياله جريمة شنعاء مع سبق الاصرار والترصد بأياد عابثة اثمة حقيرة وجبانة، تحترف الموت وتمتهن الغدر.

هكذا بات الانسان الجنوبي عرضة لنزيف الدم المتواصل واصبحت اشلاء الجثث تحتضن الارض الجنوبية وفي كل حادثة اجرامية لا يعلن عن نفسه سوى الضحية فإين هو المجرم؟.. كلما سقط واحد منا قيدت الجريمة ضد مجهول كالعادة.. يا من فقدت وافتقدت اباك لا ندري ما يبد حزنك ولا كيف نواسيك؟..فنحن يا عزيزي في ولاية المجهول وعلى ذمة المجهول، وفي بلد المجهول ، الموت الشيء الوحيد الذي انتجوه منذ صيف 1994م، هذا هو شعارهم الثروة او الموت مهما تعددت السلع وتنوعت البضائع ومهما تبدلت الادوار وتغيرت الشخوص فالناتج والمنتوج في مصنع واحد هو الموت.

جميعنا نقدم التنازلات المهينة على مدار الساعة وكلها تؤدي في النهاية طريق الفناء وان كانت في اغلب الحالات تحمل طابع التجزئة وترمي الى الهلاك ولكن بشكل بطيء وعلى نار هادئة غير ان البعض منا تجرع الضريبة كاملة بالجملة كما حصل لوالدك يرحمه الله ومن قبله الكثير والكثير من الضحايا.

ولان الظلم وقد تجاوز مداه فهو زائل لا محالة وبيت الظالم خراب ولو بعد حين.