آخر تحديث :الاثنين 29 ديسمبر 2025 - الساعة:11:27:36
تقرير تحليلي مهم حول السيناريو القائم في الجنوب : هندسة الاستقلال وكيف ستمضي الأمور ؟!!
(الأمناء/ كتب / عبدالقادر القاضي :)

لماذا لا يُعلن استقلال الجنوب الآن؟

هل الحكم الذاتي هو البوابة الحقيقية للاستقلال؟

كيف يتهيأ الجنوب لنيل الاعتراف الإقليمي والدولي؟

هل يدرك المستفزون حجم تعقيدات إعلان الدولة؟

ماذا يريد العالم من الجنوب قبل الاعتراف بدولته؟

هل أصبح الجنوبيون جاهزين لإدارة دولتهم؟

في انتظار إعلان الدولة !!

 

 استعادة الدولة الجنوبية بشكل خاص وإعادة تفعيل دورها ضمن المجتمع الدولي أمر جلل ومعقد ومحفوف بالتحديات وليس بالأمر الارتجالي اليسير والهين كما يحاول بعض السطحيين تصدير المشهد للعامة وللناس البسطاء، فتجدهم يقولون لهم بلهجة استفزاز وسخرية وتحدي (الأرض معكم أعلنوا دولتكم لو انتم رجال)

أيها السادة الكرام الذين يزعجهم هذا الاستفزاز التافه يجب أن تعلموا أن الأمور لا تأخذ بتلك الخفة وبتلك السذاجة والعبط والبلادة حينما يتعلق الأمر بالترتيب والإعداد لاستعادة دولة وهوية وسيادة .

فإعلان الاستقلال وإعلان عودة دولة الجنوب لا يأت بإعلان ارتجالي أو انفعالي يقال في لحظة حماسة ثورية وينتهي الأمر ،   بل الأهم من ذلك وما يفترض أن يحدث قبل تلك الخطوة، هو ما يحدث الآن فعلياً في الجنوب من إعادة قلب التربة وحرث الأرض وإعادة بناء وتشكيل وهندسة كل البنية التحتية السياسية الجنوبية ، وخلق حالة جماهيرية بمستوى وعي كبير يدرك أهمية المرحلة وضغوطاتها المتوقعة والتهيؤ لمواجهتها ، وتهيئة كل الأوعية القانونية والتنفيذية والاقتصادية والأمنية والعسكرية في الداخل لتكون جاهزة ومستعدة لتتلقف واقع جديد بدأت ملامحه تبرز وتتشكل جلية واضحة على الأرض الجنوبية بعد تحرير وادي وصحراء حضرموت ومن بعدهما المهرة .

فكل ما يحدث الآن هو الهندسة التي لا بد وحتماً أن تسبق اي شيء آخر ليتمكن ويتجهز الجنوبيون من خلالها من اتخاذ خطوة أكثر جراءة وشجاعة ليس بإعلان الاستقلال ، بل بإعلان ( الحكم الذاتي ) وهو الأمر الذي تتوافر فيه كل الشروط القانونية والجيوسياسية في  الجنوب ، ولا يحتاج  لاعتراف دولي مثل إعلان الاستقلال، بل يحتاج إلى تهيئة كل ما سبق من عوامل وأدوات وأوعية سياسية والتمسك بالأرض وعدم التفريط بشبر واحد منها ليكون الجنوب جاهزاً لإدارة الحكم الذاتي بكفاءة وحنكة كخطوة مهمة وأخيرة ولازمة قبل المضي إلى المحطة النهائية والمتمثلة بإعلان الاستقلال،

قد يسأل سائل.. لماذا إعلان حكم ذاتي جنوبي قبل إعلان الاستقلال ؟

لأنه وبعد قطع شوط في إدارة الحكم الذاتي واكتساب الجنوبيين خلالها خبرة تراكمية في ممارسة الحكم الذاتي ، وخلق صورة مختلفة ومغايرة عن ما كان عليه الأمر سابقاً من فساد مالي وإداري، ليقدم الجنوبيون ويسوقون أنفسهم سياسياً للإقليم والعالم كنموذج سياسي وعسكري وأمني ناجح في إدارة الحكم الذاتي ، وضمانهم لمصالح دول الإقليم في تثبيت الأمن والاستقرار ، والتأكيد لدول العالم على حماية وضمان بقاء مصالحهم التجارية والاستثمارية في الجنوب ، والالتزام لهم باستمرار بذل التضحيات لمكافحة الإرهاب وتنظيماته.

سيراقب العالم والاقليم كل ذلك بدقه وتمحص وسيقيمه وبالتالي ستتولد لدى كثير من الدول حالة من الثقة بقيادات الواقع الجنوبي الذي يضمن مصالحهم ويتعاون معهم في دعم الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي بالمنطقة ، وسيدرك الإقليم والعالم أن الجنوبيين أصبحوا جاهزين لاستلام دولة ان قرروا الذهاب لإعلان استقلالهم بعد ان أثبتوا قدرتهم على إدارة حكم ذاتي رشيد ، واستطاعوا تثبيت الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب ، وضمان الحريات وحقوق الإنسان بشكل ملحوظ يجعل الجنوبيين جديرين بثقتهم .

من تلك اللحظة وبعد أن يمر الجنوبيين بتجربة حقيقية وواقعية لإدارة الحكم الذاتي الذي لامحالة انه سيعلن كخطوة استباقية تهيئ الجنوب وشعبه للوصول إلى محطة الاستقلال الذي سيحتاج فيه الجنوب إلى ضمان كسب تأييد إقليمي واعتراف ودولي قبل حتى إعلانه، ولن يتأتئ ذلك إلا بالمرور بتجربة الحكم الذاتي والنجاح فيه مع تأكيد التزام الجنوبيين وتأكيدهم للإقليم والعالم بالمعركة الاستراتيجية لتحرير الشمال واسناد ودعم اي قوى وطنية شماليه ستتحرك ضد الحوثيين كمبدأ والتزام جنوبي معلن وواضح .

لذلك كله أخبروا من يستفزوكم بهرطقتهم أن إعلان استقلال الجنوب ليس شعاراً عاطفياً أو ردة فعل غير مدركة للعواقب أو مجرد مطلب مرحلي ينتهي بانتهاء مرحلة معينة ، أو طريق معبد بالورود وترمي فوق رؤوس العابرين فيه الرياحين والزهور ، بل هو ذروة سنام كل مراحل النضال ، وطريق لا يسلكه إلا الشجعان المؤمنين بحقهم في أرضهم ، وهم مستعدون للتضحية وتحمل الصعاب لأجل بلوغه .

وهذا ما يحدث الآن في الجنوب فعلياً . . فالشعب والقيادة والجيش والأمن موحدون بصفوفهم ، ومستعدون لخوض المرحلة بكل ما فيها من صعوبات وتقلبات محتملة ، فقد وصل الشعب في الجنوب بعد 10 سنوات من الصبر والتعب إلى نقطة اللاعودة ، والتي ليس أمام الشعب والقيادة خيار آخر سوى المضي قدماً بكل شجاعة وثبات في طريق الحق واستعادة الحقوق دون الالتفات للتهديدات.

وها هو هذا الشعب الجنوبي يقف اليوم على أعتاب استقلال ثان تتم هندسته بحكمة وعقل وتأن ، وبخطوات راسخة ثابتة على الأرض ..وما النصر إلا صبر ساعة  ..


#

شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل