لا شك أنّ المعارك المشتعلة في محافظة الضالع أصبحت أكثر خطورة مما سبق، وأصبح على كافة الجنوبيين التكاتف والتوحد أكثر من أي وقت مضى؛ فحساسية وأهمية المرحلة تستوجب ذلك.
إن انتشار قوات "جيش الجنوب" على الحدود الجنوبية الشمالية يعيد إلى الأذهان ترسيم الحدود الجنوبية الشمالية التي كانت بين دولتيّ (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية)، و(الجمهورية العربية اليمنية)، قبل أن توقع اتفاقية الوحدة المشؤمة في نهار 21 مايو / أيار 1990م المشؤم.
والجمعة الماضية باشرت قيادات المقاومة الجنوبية بإعادة انتشار قوات "جيش الجنوب" في نقاط التماس (الجنوبية الشمالية)، وتحديدًا في أعلى قمة في محافظة الضالع (قمة المنارة)، والمطلة على مناطق عديدة من محافظة( إب) الشمالية.
مراقبون سياسيون أكدوا أن انتشار قوات "جيش الجنوب" (على الحدود الجنوبية الشمالية) يأتي بعد المحاولات المتكررة من قوات "جيش الشمال" ممثلة بالحوثيين من التقدم صوب مديرية الأزارق، ومحاولة السيطرة على قرية (تورصة) الحدودية.
وقال المراقبون السياسيون، في أحاديث متفرقة مع "الأمناء" : إن قوات "جيش الجنوب" استعادت تلك القرية خلال فترة وجيزة من إعلان "جيش الشمال" (الحوثيين) السيطرة عليها.
وأشاروا إلى أن قوات "جيش الشمال" لم يسبق لها الاقتراب من قرية (تورصة)، المحاذية لمديرية (الراهدة) التابعة لمحافظة تعز الشمالية، طيلة العقود الماضية .
ترسيم الحدود
السياسيون أكدوا أن انشقاق قيادات منضوية تحت رأي الشرعية، يبرهن المؤامرة التي تُحاك ضد الجنوب، وتقودنا إلى نتيجة واحدة، تتمثل في أن الحرب الحالية أصبحت (جنوبية - شمالية) بحتة.
وبحسب السياسيون، خلال أحاديثهم مع "الأمناء"، فإن تلك الانشقاقات من قبل قيادات تابعة لحزب "التجمع اليمني للإصلاح" تؤكد التحالف السري بينه وبين الحوثيين، معتبرين أن ذلك التحالف "الزواج السري"، أصبح ظاهرًا للعيان، وأصبح جميع الجنوبيين يدركونه تمامًا.
وأكدوا أن الحرب باتت (جنوبية شمالية) دون أي ريب، مستدلين إلى توقف المعارك في كافة محافظات الشمال وتحولها إلى محافظات الجنوب، إلى جانب خلوّ القوات التي تقاتل على الحدود (الجنوبية الشمالية) من المقاتلين الشماليين الذين يدعّون وقوفهم إلى جانب شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وأشاروا إلى أن الحرب الحالية، التي تدور رحاها في (الضالع، ويافع) تعتبر ترسيم حدود، والعودة المبدئية إلى ما قبل نهار 21 مايو / أيار 1990م.
الضالع وخذلان الشرعية!
أصبحت القوات المتواجدة في محافظة الضالع، المتمثلة بقوات "جيش الجنوب" تواجه بمفردها قوات "جيش الشمال" ممثلة بالحوثيين والمنشقين من قوات الجيش الوطني الذي لا وجود أو أثر له على أرض المعركة، وتجده فقط في وسائل الإعلام.
مراقبون عسكريون أشاروا إلى أن "جيش الجنوب" يواجه خذلانًا كبيرًا من القوات الموالية للشرعية ، والتي من المفترض أن تكون هي التي تواجه الحوثيين لاستعادة شرعيتها التي تدّعيها في وسائل الإعلام.
وقالوا ــ في أحاديث متفرقة مع "الأمناء" ــ إن معالم الحرب أصبحت واضحة للعيان ، مؤكدين أنّ الحرب (جنوبية شمالية) بامتياز .
مصـرع 70 حوثيًا
وفيما يخص المعارك المشتعلة على الحدود (الجنوبية الشمالية)، لقي سبعون حوثيًا مصرعهم، أمس الأول، خلال مواجهات مع قوات "جيش الجنوب" في محافظة الضالع.
وقالت مصادر ميدانية : إن "مواجهات اندلعت أثناء محاولة عناصر الحوثيين التقدم باتجاه منطقة (القهرة) شمالي جبهة مريس بالضالع، غير أن قوات "جيش الجنوب" أفشلت المحاولة، وأجبرت قوات "جيش الشمال" ممثلة بالحوثيين على التراجع، بعد أن كبدتهم خسائر فادحة في الأروح والعتاد".
وأضافت المصادر لـ"الأمناء" إن إجمالي عدد القتلى الحوثيين بلغوا سبعين قتيلاً بينهم القيادي الميداني المكنى بـ "أبوحمزة"، وعشرات الجرحى".
من جانبه، استهدف طيران التحالف العربي تحركات وتجمعات للحوثيين في مديرية "الأزارق" بعدة غارات، أسفرت عن مقتل وجرح عدد من الحوثيين، وتدمير أسلحة وآليات عدة.
أسود جنوبية!
بدوره، قال نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك : إنه سيستمر بالتغريد عن محافظة تعز، مؤكدًا عدم توقفه عن ذلك لما اسمها "هذا ما يقلقهم"، في إشارة إلى حزب الإصلاح ومليشياته المسلحة المنتشرة في تعز.
وأضاف، في تغريده له على مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "جبهاتنا الجنوبية فيها أسود الجنوب رابضة تذود عن الحمى ولسنا قلقين عليها".
وتابع: "قلقنا على الجبهات المحاذية للجنوب والتي فيها خونة الشمال من الإصلاحيين ومرتزقتهم أن يغدروا بالرجال الشرفاء في تلك الجبهات كما يفعلون في البيضاء وتعز".
الحلّ "فك الارتباط"
واعتبر الإعلامي توفيق جوزوليت إن "حزب الإصلاح تكوّن بتوافق بين علي عبد الله صالح وعبد الله بن حسين الأحمر، بهدف مواجهة الجنوبيين والانقضاض على دولتهم".
وقال جوزوليت، الذي كان شاهدًا على حرب احتلال الجنوب عام 1994م، إن "الجنوبيين صنعوا الوحدة مع الشمال دون اصطفاف وطني على مستوى الجنوب، ودون استفتاء الشعب، وهو السبب الأول في هزيمة الجنوب في تلك الحرب".
وأضاف، خلال لقائه مع قناة أبوظبي في برنامج (اليمن في أسبوع)،: "من العوامل التي أدت إلى تحقيق النصر للرئيس علي عبد الله صالح وحلفائه، استعداد صالح وتجهيزه تجهيزًا كاملًا للحرب، واختراق قيادته الجنوبية عسكريًا ومدنيًا، والفوز بالحرب ودوران المعركة في عدن ونواحيها، بينما حضرموت أقل مشاركة لاعتبارات تاريخية".
وتابع جوزوليت، الذي كان موفد قناة "إم بي سي" لتغطية أحدث حرب صيف عام 1994م، متحدثًا عن الفرق بين حرب 94 والحرب الحالية،: "إن الأولى بين شطرين، لكن الحرب الحالية أوسع من حيث وجود مشروع إيراني يقف خلفها".
أوكد أن "الحل في فك الارتباط، وعلى الجنوبيين تقوية الجبهة الداخلية، ومن يرى أن الأمم المتحدة تعمل على حلحلة الوضع خاطئ، فلم تستطع حلحلته منذ عام1994م".
واختتم حديثه بالإشارة إلى أنهُ "لا بد من التكاتف بين الجنوبيين والدعوة إلى مؤتمر جنوبي، وتقوية الجبهة الداخلية، استعدادًا للمرحلة القادمة، والقانون الدولي يقر بأحقية قيام دولته"، منوهًا إلى أن "حزب الاصلاح يعتبر حزب شرس من منطلق إسلامي، ويرى في الجنوبيين كفارًا، وسيشهد التاريخ أنه وراء فشل الوحدة".