2025-12-21 18:40:50
تقرير تحليلي خاص بـ"الأمناء" حول تاريخ تآمر إخوان اليمن على الجنوب وتخادمهم مع الحوثي ..

لماذا تحوّل حزب الإصلاح من شريك سياسي إلى عامل تعميق للأزمة اليمنية؟

ألم يكن تراخي الإخوان أمام الحوثي مقابل تشددهم تجاه الجنوب دليل تخادم؟

أليس ما جرى في شبوة ووادي حضرموت فضحًا لتحالف المصالح الخفية؟

ما دور الشخصيات الجدلية في تلميع مشروع الإخوان خارجيًا؟

لماذا نجح الجنوب في استعادة زمام المبادرة حيث فشل الإخوان؟

المفسدون في الأرض

 

الأمناء / غازي العلوي :

في سياق المشهد اليمني المضطرب، برز حزب الإصلاح – الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في اليمن – كأحد أبرز العوامل المُعمِّقة للأزمة، لا بوصفه فاعلًا سياسيًا يسعى إلى مشروع وطني جامع، بل ككيان براغماتي رمادي، أحسن استثمار الفوضى وتغذية الانقسام، وراكم نفوذه على حساب الدولة والمجتمع، وفي مقدمتهم الجنوب وشعبه.

 

منذ ما قبل حرب 2015، اتسم سلوك الإخوان بنمط ثابت يقوم على توظيف الدين حينًا، ورفع الشعارات الوطنية حينًا آخر، بينما كانت الممارسة على الأرض تُدار بمنطق الغنيمة السياسية والاقتصادية. هذا النهج لم يفضِ إلا إلى إضعاف مؤسسات الدولة، وتكريس الفساد، وتحويل معاناة المواطنين إلى رصيد للمساومة والابتزاز.

 

الجنوب هدفًا دائمًا

 

لم يكن الجنوب يومًا خارج حسابات الإخوان، بل كان في صلب مشروعهم القائم على الهيمنة وتفريغ الشراكات من مضمونها. ومع انطلاق عاصفة الحزم، ظهر التناقض جليًا بين خطابهم المعلن بالانخراط في معركة استعادة الدولة، وسلوكهم العملي الذي اتسم بالتراخي أمام الحوثي، والتشدد تجاه القوى الجنوبية.

ففي الوقت الذي قدّم فيه الجنوبيون التضحيات الجسيمة في مواجهة الانقلاب، انخرطت قيادات إصلاحية في إدارة معارك جانبية، ومحاولات تطويق الجنوب سياسيًا وعسكريًا، ومنع تمكينه من إدارة شؤونه الأمنية والخدمية.

 

تخادم مفضوح مع الحوثي

 

لم يعد الحديث عن التخادم بين الإخوان والحوثيين مجرد اتهام سياسي، بل حقيقة تكرست عبر الوقائع. ففي أكثر من محطة، أدار الطرفان صراعًا محسوبًا لا يفضي إلى الحسم، بينما كان الجنوب والتحالف العربي هدفًا مشتركًا لحملات التحريض والتشويه.

وقد تجلى ذلك بوضوح عقب التحركات الحاسمة التي قادها المجلس الانتقالي الجنوبي، بدعم شعبي واسع، لاستعادة السيطرة على شبوة وحضرموت، وإنهاء وجود قوات المنطقة العسكرية الأولى الموالية للإخوان في وادي حضرموت. تلك الخطوة كشفت حجم التنسيق غير المعلن، إذ تزامنت حملات الإخوان الإعلامية والسياسية ضد الجنوب مع تصعيد حوثي في جبهات أخرى، في مشهد عكس وحدة الهدف واختلاف الأدوات.

 

نموذج تعز: الدولة كغنيمة

 

تمثل تعز نموذجًا صارخًا لنهج الإخوان في إدارة المناطق الخاضعة لنفوذهم. مدينة كان يفترض أن تكون رمزًا للوعي والمقاومة، تحولت إلى ساحة مفتوحة للفساد وسوء الإدارة. مؤسسات الدولة أُفرغت من مضمونها، والقرار احتُكر لصالح شبكة مصالح ضيقة، بينما تُرك المواطن يواجه الانهيار الخدمي والأمني.

هذا الواقع لم يخدم سوى الحوثي، الذي استثمر صورة الفشل ليطعن في شرعية الدولة ويغذي خطاب اليأس، في وقت كان فيه الإصلاح مشغولًا بتكريس نفوذه المالي والسياسي.

 

الفساد كمنهج عمل

 

الفساد لدى الإخوان لم يكن انحرافًا طارئًا، بل أداة حكم ومنهج إدارة. من التعيينات إلى الصفقات، ومن القرار العسكري إلى الإدارة المدنية، سادت ثقافة الإفلات من المحاسبة. القيادات تعيش في عالم موازٍ من الرفاهية والنفوذ، بينما يُقابل أي صوت احتجاجي بالتخوين والاتهام بالعمالة.

هكذا تحولت الحرب من مأساة وطنية إلى سوق مفتوحة للاستثمار السياسي والمالي، تُدار على حساب دماء اليمنيين وكرامتهم.

 

شخصيات مثيرة للجدل

 

وفي هذا السياق، برزت نماذج سياسية وإعلامية ارتبط اسمها باستثمار معاناة اليمنيين، وفي مقدمتها توكل كرمان، التي صعدت إلى الواجهة محاطة بملفات جدلية واتهامات بالارتباط بتنظيمات مصنفة إرهابية. تلك القضايا، بما فيها الأحكام القضائية الصادرة بحق مقربين منها، لم تكن سوى انعكاس لمشهد عام اختلط فيه الخطاب الحقوقي بالمصالح الضيقة، وتوارى فيه الحس الوطني خلف حسابات الخارج.

 

الجنوب واستعادة زمام المبادرة

 

أثبتت التطورات الأخيرة في شبوة وحضرموت أن الجنوب، حين يمتلك قراره وإرادته، قادر على فرض معادلة الأمن والاستقرار. إخراج القوات الموالية للإخوان من وادي حضرموت لم يكن استهدافًا سياسيًا، بل خطوة ضرورية لإنهاء حالة الاختلال، وتجفيف منابع التخادم مع الحوثي، وتأمين الجنوب كجزء أصيل من أمن المنطقة والتحالف العربي.

 

إن توصيف الإخوان بـ«المفسدين في الأرض» ليس توصيفًا إنشائيًا، بل خلاصة مسار طويل من السياسات التي قامت على استغلال الدين، وتفريغ الدولة، وتغذية الفوضى. وفي المقابل، يبرز الجنوب اليوم بمشروع واضح المعالم، يسعى إلى شراكة حقيقية مع محيطه العربي، وبناء نموذج أمني وسياسي قائم على القانون واحترام إرادة الشعب.

فالدولة لا تُبنى على أنقاض الفساد، ولا تُستعاد بوجوه اعتاشت على الفوضى، بل بإرادة صادقة ومشروع وطني يعيد الاعتبار للإنسان، ويضع حدًا لمن أفسدوا في الأرض وأطالوا أمد المعاناة.

http://alomana.net/details.php?id=255227