2021-06-18 20:12:30
خاص بالأمناء .. هل ستدفن التسوية السياسية باليمن في مهدها؟ وكيف جاءت دبلوماسية السلطنة في الوقت الضائع؟

إلى أين تصل جهود سلطنة عُمان لحل الأزمة اليمنية؟

ما عواقب عدم جدية الحوثي بأي تسوية سياسية؟

خبراء: التحركات الدولية لإنهاء الحرب فرصة الحوثي الأخيرة

 

"الأمناء" تقرير/ صدام محمد الردفاني:

تجري في الآونة الأخيرة تحركات إقليمية ودولية من أجل الوصول إلى حل نهائي ينهي الحرب باليمن عبر التسوية السياسية التي ينظر لها العالم بأنها المخرج الآمن للبلد بعد خمس سنوات من الحرب التي أرهقت المواطن وجعلته في الحضيض ومن أفقر الدول التي تعاني من مجاعة وانعدام الأمن الغذائي بحسب الأمم المتحدة.

 

السلطنة تصطدم بجدار حوثي

ظلت مسقط الصديق المقرب للحوثيين، فالحصار الدبلوماسي الذي يعانيه الحوثيون من قبل دول التحالف العربي والدول العربية والدولية منذ انقلابهم ظلت مسقط مفتوحة أذرعها للحوثيين، لتكون مسقط قِبلة قادة الحركة ونافذتهم للعالم الخارجي.

وفي أول زياره لوفد عماني كبير إلى صنعاء من أجل التوقيع على مسودة حل مبدئي يقضي بفتح مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة رفض الحوثيون المبادرة العمانية وقابلوها بنفس النفس، بل وطالبوا بأن يكون الجانب الإنساني بعيدا عن أي مفاوضات، واقترحوا بأن الحل فتح المنافذ والمطارات والموانئ مع عدم الحديث عن وقف إطلاق النار وكذا خروج قوات التحالف.

تلك الشروط التعجيزية وضعت السلطنة في موقف لا يحسد عليه، فمن جانب فشلت جهودها والتي تحاشتها طيلة سنين على أنها محايدة وفي نفس الوقت تعامل الحوثيون مع المبادرة بنوع من عدم المبالاة في الجهود الرامية لوقف الحرب حتى وإن جاءت من طرف محايد حسب ما يقوله الحوثيون.

 

واشنطن والحل الممكن

دخلت واشنطن بخط الأزمة اليمنية منذ الوهلة الأولى للحرب، وظلت دائما حليفة المملكة العربية السعودية في حربها لاسترجاع الشرعية من يد الحوثيين.

فالمملكة ظلت حليفا مهما لواشنطن على مدى عقود، وما زالت حتى اليوم، حتى مع تغير سياسة بايدن عن ترامب، فبايدن منذ البداية حاول إبداء المرونة مع الحوثيين مع توليه منصب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وأرجع قرارا بتبني جماعة الحوثيين من قائمة الإرهاب، الذي اتخذه ترامب، فإدارة بايدن أرجعت قرار عدم تصنيف الحوثيين من قائمة الإرهاب لأسباب "إنسانية" غير أنها أبقت عقوبات على قادة الحركة الحوثية ووعدت بحل الأزمة اليمنية وإعطائها الأولوية.

واشنطن في عهد بايدن عينت مبعوثا لها لدى اليمن مهمته متابعة التسوية السياسية باليمن إلى جانب المبعوث الأممي غريفيث.

التحرك الأمريكي رافقه توقيف وتجميد صفقات السلاح الأمريكي للسعودية للضغط على التحالف العربي الذي تقوده السعودية لوقف الحرب والدخول في عملية سلام شاملة، غير أن واشنطن غيرت من سياستها المتأرجحة والمتعاطفة مع الحوثيين بعد انعدام الأفق السياسي الذي قابلة الحوثيون بالصلف وعدم المرونة مع كل المبادرات الدولية التي رافقت التحرك الأمريكي.

التغيير في سياسة واشنطن ضد الحوثيين واتهامها لهم بعرقلة جهود السلام جاء بعد محاولات للتقريب بين الفرقاء اليمنيين عبر سلطنة عُمان اللاعب القديم الجديد التي تحاول فتح ثغرات للولوج إلى تسوية إنسانية مبدئية تمكن الحوثيين من التنفس عبر مطار صنعاء وميناء الحديدة، الشريان الحيوي للحوثيين.

غير أن الحوثيين سارعوا من هجماتهم الصاروخية المكثفة على المنشآت الحيوية في المملكة مما فاقم من خطر تلك الهجمات على سير الاقتصاد العالمي الذي يعتمد منه العالم بدرجة رئيسية؛ فالمنشئات النفطية السعودية في مرمى الصواريخ والطائرات المسيرة للحوثيين، وهذا ما عزز من تخوف واشنطن من أسلوب الحوثيين من الإضرار بمصالح الطاقة التي تنظر إليها واشنطن بانها تجاوزت الخطوط الحمراء.

 

السلطنة والدبلوماسية في الوقت بدل الضائع

أرسلت مؤخرا سلطنة عُمان وفودا رسميين إلى صنعاء في مهمة البحث عن إرضاء الحوثيين بالتسوية السياسية الشاملة التي تضغط عليها واشنطن.

وظلت سلطنة عُمان منذ بداية عاصفة الحزم بمنأى عن الحرب باليمن لكنها لم تغلق جلسات الحوار بين دول التحالف والحكومة  الشرعية والحوثيين، وظلت السلطنة الطرف الأمين للحوثيين طيلة خمس سنوات من الحرب.

ومؤخرا ازداد اهتمام واشنطن بدور السلطنة وكذا دول الخليج كلاعب رئيسي ومهم للتوسط لإنهاء الحرب، غير أن خبراء وصفوا زيارة وفود رسمية على متن طائرة عمانية إلى مطار صنعاء بالمهمة الأخيرة والفرصة السانحة للحوثيين بالقبول بخطة التسوية السياسية التي سئمت منها واشنطن والتي اتهمت فيها الحوثيين بعرقلتها، وعدم الاستجابة لمطالب السلام مما ينظر بحدوث تحول مرحلي في حرب اليمن تكون فيها واشنطن الطرف الضاغط وبقوة.

والمتابع للتحركات العُمانية هذه المرة يرى أن السلطنة تحاول الضغط أكثر على الحوثيين لتسريع العملية السياسية وهذا الضغط مصدره واشنطن، فإن أي تلكؤ من قبل الحوثيين وعدم جديتهم في أي تسوية سياسية قد تكون عواقبها وخيمة وقد تفتح واشنطن خط الساحل الغربي لألوية العمالقة الجنوبية والقوات المشتركة للوصول إلى مينائها الاستراتيجي والمتنفس الذي تم إعطاؤه للحوثيين من قبل المجتمع الدولي كمنطقة استنشاق طيلة الحرب غير أن ذلك الشريان سيتم تكميمه بإيحاء دولي هذه المرة إذا لم يجنح الحوثي لعملية السلام التي ينظر لها المجتمع الدولي كخطوة مهمة في ظل وصول اليمن إلى الهاوية بحسب تقارير منظمات الأمم المتحدة التي ترى بأن الحوثيين يحاولون استثمار الجانب الإنساني والإغاثي لاستحقاقات عسكرية ميدانية وسياسية.

 

الجنوب والشمال.. الحلقة المفقودة

تتسارع الدبلوماسية ما بين الرياض وواشنطن وسلطنة عمان وصنعاء، وتتسارع معها العمليات العسكرية في مأرب؛  فالحوثيون باتوا على تخوم مدينة مأرب اليمنية التي تعد آخر قلاع الشرعية والإخوان.

فالجنوب المحرر - الذي تتفاخر به الشرعية اليمنية من الرياض كونه محررا ويخضع تحت السلطات الشرعية ـ أصبح بعيدا عن الحلول التي تجري في الأروقة الدبلوماسية، فالجنوبيون لديهم مشروعهم الخاص بهم والذين يستميتون له وهو استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة.

 

تجاهل قضية شعب الجنوب

في 22 مايو 1990م توحدت جمهورية اليمن الديمقراطية مع الجمهورية العربية اليمنية، لكن سرعان ما لبثت الوحدة اليمنية حتى انهارت بفعل الحرب التي اندلعت صيف 94م والتي انتهت بسيطرة القوات الشمالية على الجنوب ليخوض بعدها الجنوب مخاضا عسيرا من القهر والظلم الذي عانى وما زال يعاني منه جراء ممارسات شريك الوحدة القاسي، إلا أن الجنوب ما زال يدعو إلى إعادة مطالبته بفك الارتباط واستعادة الدولة، ويخوض ذلك الاستحقاق عبر المجلس الانتقالي الجنوبي الحامل للقضية والمطالب بعودة الدولة بعيدا عن أي حلول شكلية مع الفرقاء اليمنيين، وهذا ما ينذر بتعكير أي حلول يأتي بها الوسطاء بين الحكومة والحركة الحوثية، وبالتالي فإن اتفاق الرياض الموقع بين وفد الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي أصبح في خطر يهدده في حال تم القفز على استحقاقاته والتي ينظر إليها المجلس بأنها المخرج الآمن والوحيد من الأزمة التي تعصف بمعسكر الشرعية ضد الحوثيين.

الجنوب الحلقة المفقودة من اتفاق الحل الشامل، فأي حل سيترتب بوقف الحرب دون النظر إلى القضية الجنوبية والاستحقاقات التي أثبتت على الأرض فمصير تلك الحلول فاشلة ولم تستقم لها النجاح فالجنوب المحرر 100٪ كيف سيتم ضمه للشمال الخاضع للحوثيين والموالي لإيران دون النظر إلى القضية المحورية، وهو إعطاء الجنوب حكمة الذاتي كأقل تقدير في ظل التحولات الإقليمية والتحالفات التي ظهرت على السطح وغاص الجنوب فيها بفلك التحالف العربي كمشروع قومي لا حياد عنه وهو ما زال من يتحكم بجبهات القتال المختلفة ضد الحوثيين.

http://alomana.net/details.php?id=149729