2021-01-09 09:30:25
الأزمات تدفع تركيا إلى التطبيع مع فرنسا

دفع توقيع دول عربية اتفاقات سلام مع إسرائيل ووصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، النظام التركي إلى مراجعة سياساته العدائية الإقليمية والدولية لتفادي عزلة باتت متنامية في الخارج ومقلقة في الداخل مع انحسار الحلفاء واتساع هوة الخصوم.

ويسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تطبيع علاقات بلاده مع كل من إسرائيل التي بات يخطب ودّها بعد قطع العلاقات معها في 2018، وفرنسا التي تقود جبهة مناوئة لأجنداته.

وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الخميس، أنه اتفق مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان على خارطة طريق لتطبيع العلاقات بين البلدين، في خطوة تعكس مخاوف تركية متنامية من متغيرات إقليمية ودولية تدفع ببلاده إلى الهامش وتهدد مصالحها في ظل تعثر الاقتصاد التركي.

وقال جاويش أوغلو إن تركيا وفرنسا لا تعارضان بعضهما بشكل قاطع، مضيفا أن “تركيا لا تريد أبدا أن تكون لها علاقات سيئة مع أي دولة، وإذا كانت فرنسا صادقة في هذه القضية فإن تركيا مستعدة لتطبيع علاقاتها معها”.

وأشار إلى أن الاتصال الأخير بلودريان كان مثمرا للغاية، وأنهما اتفقا على خارطة طريق لتطبيع العلاقات بين بلديهما، دون ذكر المزيد من التفاصيل.

مولود جاويش أوغلو: تركيا وفرنسا لا تعارضان بعضهما بشكل قاطع
ويرى مراقبون أن قيادة باريس لحملة فرض عقوبات أوروبية على تركيا جعلت النظام التركي يدرك أن الدخول في صدام مع فرنسا رهان خاسر في وقت تعاني فيه البلاد من أزمات سياسية واقتصادية عميقة، الأمر الذي أجبر أنقرة على تخفيف لهجتها لاستمالة باريس.

وكانت فرنسا قد قادت مطلع ديسمبر جهود الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات تمهيدية على تركيا، على أن يتم فرض عقوبات مشددة أكثر في مارس المقبل في ضوء التقييم الأوروبي لسلوك أنقرة في شرق المتوسط، حيث دأبت على إثارة التوترات مع كل من اليونان وقبرص في ما يتعلق بحقوق التنقيب عن النفط والغاز.

والخلافات بين البلدين متشعبة وتمتد إلى قضايا كثيرة، بدءا من ليبيا ومناطق أخرى في الشرق الأوسط وصولا إلى خلاف تركيا مع اليونان بشأن الحدود البحرية والتنقيب عن المحروقات في مياه شرق المتوسط، والأزمة التي اندلعت في ناغورني قرة باغ بسبب تدخل أنقرة في الصراع، فضلا عن قضية الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد.

وكادت تركيا وفرنسا أن تدخلا في مواجهة في يونيو الماضي بعد أن حاولت بارجة حربية فرنسية تفتيش سفينة تركية للتأكد من الامتثال لحظر الأمم المتحدة توريد أسلحة إلى ليبيا.

وتدهورت العلاقات بين تركيا وفرنسا تدريجياً منذ العام الماضي، خصوصاً بسبب خلافات حول سوريا وليبيا وشرق المتوسط، ومؤخراً جراء النزاع بين أذربيجان وأرمينيا حول إقليم ناغورني قرة باغ.

لكن التوتر تفاقم في أكتوبر عندما شكّك أردوغان بـ”الصحة العقلية” لماكرون متهماً إياه بقيادة “حملة كراهية” ضد الإسلام بسبب دفاعه عن حرية نشر الرسوم كاريكاتيرية للنبي محمد وخطابه ضد الانعزالية الإسلامية في فرنسا.

وتشهد علاقات عدة دول في الاتحاد الأوروبي مع تركيا توترا شديدا وخاصة حول الأزمة الليبية ومسألة الهجرة، فضلا عن احتياطيات النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، حيث تتهم أنقرة باتباع سياسة توسعية وتجاهل التحذيرات الدولية المتكررة والتي يقابلها النظام التركي باستخفاف وتجاهل تام.

وتعكس اللهجة التصالحية التي جاءت على لسان وزير الخارجية التركية بشأن العديد من الخلافات العالقة مع القوى الدولية خاصة ملف شرق المتوسط، مخاوف أنقرة من تنامي عزلتها، ما يضر بمصالحها الإستراتيجية على المدى المنظور.

المتغيرات الإقليمية والدولية أجبرت أنقرة  على تخفيف لهجتها لاستمالة باريس بعد أن أصبح الصدام رهان خاسر

وحول قضية قبرص وشرق المتوسط، قال جاويش أوغلو إن تركيا تدعم التقاسم العادل للثروات في شرق المتوسط، مضيفا “الآن أمامنا فرصة أخرى للحوار تتيح التعاون بين جميع دول حوض شرق المتوسط”.

واستطرد “تقترح تركيا تنظيم مؤتمر متعدد الأطراف حول شرق المتوسط، وأبلغنا الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، بمقترحنا الذي يشمل جميع دول حوض المتوسط والدول التي لديها أنشطة في المنطقة وليس شرق المتوسط فحسب”.

وسبق لتركيا أن قدمت تعهدات بتخفيف التوتر في شرق المتوسط والجلوس إلى طاولة المفاوضات مع أثينا وقبرص، لكنها لم تلتزم بذلك، إلا أن متابعين باتوا مقتنعين بأنه لا خيار لأنقرة في ظل المتغيرات الجيوستراتيجية المتسارعة إلا التهدئة واستمالة خصومها.

 

http://alomana.net/details.php?id=135840