آخر تحديث :الخميس 27 فبراير 2025 - الساعة:19:15:39
قدّم روحه مرتين لأجل عدن فلم تتكرم عدن برد جميله لعلاجه.. محمد نجيب.. جريح يعاني الإهمال والإعاقة (تقرير)
(تقرير/ عادل الشعيبي)

بدأ محمد نجيب حياته في مديرية المعلا بالعاصمة عدن ، نشأ وترعرع فيها ، درس الابتدائية في مدرسة قتبان ، ثم الأساسية في مدرسة أوسان  ، ثم انتقل إلى ثانوية مأرب لإكمال دراسته،  أكمل دراسة سنة أول ثانوي وانتقل مباشرة إلى القسم العلمي لكنه واجه في ذلك العام  صدمة  قوية لم يتوقعها! خسر جنته في الدنيا أمه الغالية! زفت روحها إلى السماء في الوقت الذي كان محمد وأخوه بأمسّ حاجتهم إليها ، بقي ذلك العام ذكرى حزينة في حياتهم ولم يستطع محمد إكمال الدراسة في ذلك العام ، مكث عاما كله أوجاع وحسرات لكنه عاد بعد عام لإكمال دراسته حينها تخرج من القسم العلمي بثانوية مأرب في مديرية المعلا    .

 

فرصة البحث عن عمل

غادر ثانوية مأرب وفي قلبه ثمة أحلام يسعى لتحقيقها... كأي شاب انطلق في رحاب الدنيا الواسعة باحثا عن فرصة عمل تحقق له جزءا من أحلامه وتساعده في تيسير أمور حياته ، كان ذلك أيام خليجي عشرين في عدن ، اقتنص محمد الفرصة وسجل مع إحدى الشركات التي تعمل على إعادة تأهيل فندق عدن وعمل معها عدة أشهر وبعد إكمال العمل اشتغل مع شركة سورية كانت تعمل في عدن وعمل معها ما يقارب عاما .

 

لم تملأ تلك الشركات و أعمالها شهية ، ولم تحقق أحلامه المنشودة ، فقرر الانطلاق لقرع أبواب التعليم ، فاتجه نحو كلية الآداب وسجل في قسم الصحافة  و الإعلام ، وهناك وجد نفسه وبدأ في رسم الخطوط العريضة لمستقبله ، تخصص في قسم العلاقات العامة وكان بينه وبين التخرج عاما واحدا بلهفة المشتاق ، كان محمد ينتظر هذا اليوم و يحلم في تخطي الخطوات الأولى لبناء نفسه وتحقيق أحلامه كلها ، كان يحلم بالارتباط ودخول قفصه الذهبي وكان يحلم بأحلام كثيرة مثل أي شاب يسعى نحو مستقبل أفضل وحياة كريمة لكن إرادة الله كانت فوق إرادة محمد وكان للقدر خيار آخر .

 

دوره في الحرب

 في شهر مارس من عام 2015 م قررت مليشيات الحوثي صالح احتلال الجنوب مرة أخرى وتحويل عدن إلى مدينة فارسية يحكمها أذناب إيران وهذا ما لم تقبل به عدن ولا أبناءها الشرفاء رغم أنهم لا يعرفون السلاح ولا يجيدون استخدامه لكنهم استخدموه وقاتلوا بكل قوة لا لشيء وإنما لأجل مدينة السلام و المحبة عدن .

بدأ محمد ورفاقه من أبناء المعلا بتشكيل مجاميع مسلحة والانخراط في الجبهات القتالية المختلفة في المعلا و القلوعة و التواهي و رأس عباس ، أبلى محمد نجيب بلاءً حسنا من أجل كرامة عدن و دينها وانطلق ، فقد انخرط في بداية أيام الجبهة في مديرية المعلا مع محمد المرفدي وكانوا عبارة عن مجموعة تدخل سريع ، ثم سافر عبر البحر إلى معسكر رأس عباس وانخرط مع بعض شباب المقاومة هناك ، وبعدها انتقل مع الشيخ هاشم السيد وكان محمد نجيب رامي دشكا في أحد المدرعات الإماراتية ، وظل يؤدي مهمته بكل قوة و شجاعة في مختلف جبهات عدن .

 

قصة جراحه

كانت المعارك على أشدها في شهر رمضان عام 2015 م وكانت عدة العدو وعتاده تفوق بعدة مرات ما يملكه شباب المقاومة ، وفي 27 رمضان تعرض لطلق ناري في رجله اليمنى نقل على إثرها إلى مستشفى أطباء بلا حدود وهناك عرضوا عليه التمدد حتى تلملم جراحه لكنه رفض وعاد لكي يلملم جراح العاصمة عدن ، خرج من المستشفى ومر على أسرته ثم عاد مباشرة إلى الجبهة وعاد مقدمة الصفوف ، فمن يعرف محمد نجيب يدرك بأن ذلك الشاب في المقدمة دائما ، استمرت المعارك وكل يوم تشتد ضراوتها في مختلف الجبهات ، وفي ثاني أيام عيد الفطر المبارك تم إصابة المقاوم محمد نجيب في جبهة حجيف بطلقة قرنوف في عموده الفقري وحرمته الحركة بشكل نهائي نقل على إثرها إلى مستشفى 22 مايو في المنصورة وهناك تمدد ثلاثة أشهر وحين احترق المستشفى حاولوا نقله مستشفى آخر فلم يجدوا إلا مستشفى الصداقة وهناك تمدد قرابة شهر ، وبعدها تم نقله إلى الاْردن ومعه عدد من الجرحى لكن بعد فوات الأوان فحالته حرجة وكانت تتطلب تحويل مباشر إلى مشافي الخارج لكن محمد رد بقهر بأنهم أخروا ترحيله بسبب عدم امتلاكه وساطة أو قرابة بأصحاب القرار حينها ، الإهمال الذي تعرض له محمد في مشافي عدن أثر على جراحه فما زال يعاني طريح  الفراش يتعالج حتى اللحظة .

 

معاناة جريح

تحدث محمد بوجع عن معاناة الجرحى بداية بالمعاملة القاسية في بلدان الخارج وفي غلاء المعيشة وقلة الاهتمام أضافة إلى ذلك تخلي الرفاق عنهم وحتى هاشم السيد الذي كان محمد أحد جنوده تخلى عنه وحذف اسمه فلم يمنحه راتبا ولا علاجا أسوة ببقية الجنود ، لم تنتهِ معاناة الجرحى هنا فإعاقة محمد قد تمكث معه حتى نهاية الحياة فأموال الدنيا كلها لا تغني عن الصحة ، فما زال غير قادر على الحركة ، ومنذ سنة وثلاثة أشهر وهو يبحث عن العافية داخل مشافي الاْردن لكنه لم يجدها حتى الآن ، والمحزن بأنه أجرى 32 عملية في الاْردن لم تنجح منهن إلا 3 وبقية العمليات لم يكتب لها النجاح  ، فعلاج عموده الفقري بحسب الدكتور المتخصص إما في ألمانيا أو الهند .

رغم قساوة المشهد وشدة الجراح ما يزال  محمد نجيب يحمل أملا كبيرا في قلبه بأن حالته لن تستمر هكذا وأن تلويحات الأفق البعيد توحي بالفرج و لو بعد حين و يحلم محمد باستكمال مشروع تخرجه الجامعي و مشاركة رفاقه حفل انتظروه سنين ثم الانطلاق صوب أحلامه الأخرى .




شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل